الجمعة 25 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
قانون الكراهية.. وحل حزب «النور»

قانون الكراهية.. وحل حزب «النور»


يقول الخبر الذى نشرته جريدة «الدستور» إنها تمكنت من الحصول على أجزاء من تقرير نيابة أمن الدولة العليا الذى قدمته إلى لجنة شئون الأحزاب فى قضية حل حزب «البناء والتنمية» الذراع السياسية للجماعة الإسلامية الذى أحالت اللجنة بمقتضاه أوراق الحزب إلى المحكمة الإدارية العليا لتحديد جلسة لحله.. لقد كشف أحد أعضاء الحزب أمام نيابة أمن الدولة العليا عن تفاصيل تصعيد «طارق الزمر» لرئاسة الحزب قبل استقالته وقال: إن التصعيد تم بقرار من مجلس شورى الجماعة قبل إجراء الانتخابات التى تمت بعدها بصورة شكلية فقط، فقد كان هناك إجماع على أعضاء الهيئة العليا ورئيس الحزب قبل هذه الانتخابات.. وأضاف إن الحزب صَعَّد «الزمر» كرسالة للدولة بأنه ثابت على موقفه من دعم جماعة «الإخوان المسلمين».. وما يسمى تحالف دعم الشرعية وأنه لن يتراجع عن ذلك.

الخبر يدفعنا إلى أن نعود إلى الماضى القريب قبل ثورة 30 يونيو حتى تكوين الحزب ودخول الانتخابات.. حيث كان فى يقيننا أن مصر قد انقسمت.. وأصبح الصراع على السلطة يتركز بين الإسلاميين والمدنيين.. حتى كان الطوفان البشرى الكاسح الذى تدفق نحو ميدان التحرير فى احتشاد هائل ومسيرات ضخمة ضمن فاعليات «للثورة شعب يحميها» التى دعت إليها «جبهة الإنقاذ الوطنى» وقادها ممثلو القوى الثورية تحت شعار «يا بلدنا ثورى ثورى ضد الإعلان الدستورى» للمطالبة بحل ذلك الإعلان وحل الجمعية التأسيسية والهتافات الهادرة التى تدعو إلى إسقاط حكم المرشد.. تؤيدها مظاهرات ضخمة فى معظم محافظات مصر.. كان ذلك يؤكد أن الإرادة الشعبية بملايينها الهائلة التى لا تمثل تيارًا محددًا أو حركات ذات توجهات جزئية.. توحدت هذه الإرادة بالقوى السياسية الوطنية التى كنا ننتقد تشرذمها واختلافها وتضارب توجهاتها ومصالحها توحداً عضويًا قويًا فى التحام وطنى حقيقى يؤكد أن الميدان قد استرد شرعيته وهويته.. وأن عقارب الساعة قد عادت إلى أيام الثورة الأولى لترسم ملامح الثورة الثانية.
لقد كانت مليونيات الغضب تلك ليس هدفها الأساسى وليس محركها الرئيسى هو فقط إسقاط الإعلان الدستورى.. لكنه كان مجرد ذريعة أو عود ثقاب أو مثيرًا محركًا للأحداث لتحقيق أهداف الثورة التى لم تتحقق.. وإنما استبدلت بسعى الإخوان إلى تنفيذ مشروعهم الخاص فى إقامة دولة دينية.. وتنفيذ الحدود وتطبيق الشريعة.
وقد كان.. وقامت ثورة 30 يونيو.. وأدت حكومة «الببلاوى» اليمين.. وبدأ العمل فى ظل مناخ عاصف وظروف مرتبكة لمرحلة حساسة ودقيقة فى تاريخ وطن فأصبح ما يثير الدهشة أسئلة تظل بلا إجابة عن حجم تأثير وقيمة وأهمية ووزن السلفيين الذى يجعل من تدخلهم فى أمور الحكم رغم قيام الثورة بالإطاحة بالقيادات الدينية المتطرفة والسعى إلى استعادة مصر من خلال مواجهة جماعة الإخوان التى اغتصبت السلطة وتاجرت بالدين.. ونهبت خزائن الدولة.. وفرطت فى الوطن.. واستباحت الدماء.. وأشعلت الفتنة وانتهكت حقوق المرأة وحاولت تغيير هوية مصر.. وقد بدأ هذا الخطر يطل برأسه بمفاجأة حزب «النور» بالاهتمام الغريب بضرورة تواجده كحزب سياسى دينى فى المجلس الرئاسى للمرحلة الانتقالية.. وهو حزب لم يكن فى وقت من الأوقات حزبًا سياسيًا.. ولم يشارك فى الثورة.. لكنه طرح نفسه كبديل للإخوان ووريث لها.. لقد انتظر حتى أطاح الجيش والشعب بالإخوان.. فانفضوا ليجمعوا الغنائم.. والغريب فى الأمر أن شباب «تمرد» وافقوا وقتها على التحاور مع حزب سياسى دينى.. وهم الذين كانوا يدعون إلى حل جماعة الإخوان المسلمين.. ولا أحد يعرف حتى الآن ما الذى جعلهم يتجهون إلى الانزلاق إلى التفاوض مع حزب «النور».. وهل يتفاوض الثوار؟!.. وما هذا التناقض وهم يعلمون أن السلفيين لم يشاركوا فى الثورة.. ثم هم الذين أدركوا أن هناك مؤامرة إخوانية بمشاركة «النور» لإجهاض ثورة «يونيو».
إن التبرير أن حملة «تمرد» رحبت بالتحاور مع حزب «النور» كان رغبة منها فى عدم إقصاء التيار الإسلامى.. وأن السفينة لا بد أن تبحر وإلا سيغرق الجميع وأن هذا الوقت ليس وقت خلاف (وكأنه خلاف على أشياء هامشية أو ثانوية)..
ولكن ما حدث بعد ذلك أوضح إلى أى جانب يقف حزب «النور» وهو يجلس إلى جانب الشباب فى المفاوضات.. وفى نفس الوقت يعمل شبابه داخل ميدان (رابعة العدوية) جنباً إلى جنب مع الإخوان..
ثم وبينما انشغلت النخبة بالإجابة على الأسئلة (العويصة): هل (30) يونيو «انقلاب» أم «ثورة»؟!.. هل تجرى انتخابات الرئاسة أولاً أم انتخابات البرلمان؟! هل يجوز إقصاء التيارات الدينية من المشهد تماماً أم لا يجوز؟! هل يتم التصالح والوفاق أم يظل الخصام؟!.. فى النهاية لا تسامح مع الدم.. ولا سلام مع الإرهاب.