الأربعاء 18 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
فى انتظار حضارة الماء

فى انتظار حضارة الماء


بعد أيام قليلة، سوف أرى «البحر»، الفيروزى، يمتد حيث الأفق اللا نهائى.. إلى «البحر» أسافر هروبا من تصحر القلوب، وجفاف العقول، والرمل الخشن، المختبئ فى أكثر العلاقات حميمية.
إلى «البحر» سألقى ملابسى، وحقيبتى وأشيائى وذكرياتى بين الأمواج، وترتمى سفينتى المتعبة المشتاقة إلى إبحار دون رجوع.
على صفحة «الماء» أو على صفحة «الورق» أسبح ضد التيار يشتد التيار فتصبح السباحة والكتابة أكثر إمتاعا.
يعاندنى التيار، يخيفنى بالدوامات، يسحبنى بعيدا عن الشاطئ يحرض ضدى، العشب والأسماك والصخور والعيون المتطفلة، وأواصل لا مبالية رحلتى مع «البحر» ورحلتى مع «القلم» شغلتنى دائما العلاقة بين «السباحة» و«الكتابة» أتأمل الخيوط المشتركة بين حركة الجسم فوق الماء وحركة العقل فوق الورق.
عاشقة أنا للسباحة إلى حد الهوس وأمارسها يوميا على مدار العام، عاشقة أنا للكتابة إلى حد الهوس وأمارسها يوميا على مدار العام.
ويدفعنى هذا العشق والهوس لإيجاد علاقة ما بين تدفق الماء وتدفق الكلمات بين «السباحة»، والكتابة.. بين «الماء» والحضارة بين «البحر» والثقافة.
قبل إقامة صداقة مع أى شخص امرأة كان أو رجلا، أسأله: هل تجيد السباحة؟ هل أنت فى تواصل دائم مع الماء؟ هل تثقفت على أمواج البحر؟ ولهذا السبب، ليس عندى أصدقاء.
أومـن مثـل الفيلــسوف اليونـانى، «طاليس» 624-546 تقريبا قبل الميلاد بأن الماء هو أصل كل الأشياء، والجوهر منه خلقت الأرض والسماء ليست مصادفة، إن نسبة الماء فى جسم الإنسان، هى النسبة نفسها للماء على كوكب الأرض، ثلاثة أرباع.
لقد ضلت البشرية منذ بعيد إلى السعادة والتناغم والمحبة والسلام لأنها عاجزة عن التواصل الدائم، الحقيقى، مع الماء «أصل الحياة».
لا ينتابنى شك فى أن مأساة البشر، تمكن فى ابتعادهم عن قيم وأخلاقيات وعواطف التى تشكل فى مجموعها ما أسميه «حضارة الماء» كيف نتوقع خيرا من حياة تخاصم أصلها؟ كيف يرتقى البشر، وهو منفصلون عن جوهر الوجود؟
الناس مؤرقون بالبحث عن الفلوس، والنفوذ والسيطرة والتملك ليس لديهم الوقت أو الفلسفة للبحث عن أصل الحياة.
من الإنصات لموسيقى الكون، نكتشف أجمل الغناء، من قاموس المطر نتعلم فن الشعر، كل النبوءات العظيمة كانت تبشر بزمن الماء، القصائد الخالدة كتبت كلها بلغة البحر.
«البحر» يعلمنا الانفتاح اللا نهائى وتقبل الأفق الذى يحتوى على كل الألوان، ثقافة «البحر» متجددة ثرية مدهشة لا تعرف التنميط والرتابة والجمود.
مع «البحر» أدركت التشابه بين السباحة والكتابة، فكما تنظف جسد الإنسان، «الكتابة» تنظف جسد شعب.
أكثر من أربعين عاما ونحن نستهلك حضارة الصحراء، حضارة غريبة عن أرضنا، لا تشبه المزاج المصرى المعتدل المرن المحب للحياة والحب والفنون حتى أزياء النساء وأحوال الطقس أصبحت متزمتة قاسية.
الخلاص هو العودة إلى حضارة الماء وزمن المطر وثقافة البحر، إنها سفينة النجاة الوحيدة، هل نحن شعب «النيل»، نساءً ورجالاً مستعدون للقفز على هذه السفينة؟ إنها معركة طويلة الأمد.
معركة الوجود أو اللاوجود، نكون، أو لا نكون.
من واحة أشعارى
أبحث عن وطن
يعدل بين النساء والرجال
يوازن بين الحقيقة والخيال
وطن يحبنى
كما تحبنى أمى
فى خطوة يختصر آلاف الأميال
لا يسألنى عن ديانتى وفصيلة دمى
يفضح كل لص خائن ومحتال
أبحث عن وطن
يهوى الشعر يعشق الغناء
لا يعبد الدولار والريال