خلط الأوراق!!
أكثر شىء تخصصنا فى ممارسته واستخدامه، وكذلك عدم رفضه أو الامتناع عن تناوله، هو تلك الخاصية المصرية الأصل والمنشأ، خلط الأوراق فى كل شىء نتحدث عن التعليم مع مسئول يحادثك عن سوء أخلاق وعدم انتظام أعضاء هيئات التدريس، نتحدث عن المرور والكثافات المرورية غير المسبوقة نتيجة عيوب فى تصميم هندسة المرور، وفى استخدمات غير رشيدة للشارع المصرى، واستعمار للأرصفة من الباعة الجائلين، نجد المسئول يتحدث معك عن توجيهات السيد مدير المرور والسيد مدير الأمن، وأن هناك من يحاول الإساءة للمسئولين عن المرور رغم جهدهم الشديد والرائع، لكن النتيجة صفر!!
نتحدث عن مؤشر النمو الاقتصادى وعن الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة والتى أوصلتنا قبل الثورة فى 25 يناير إلى حوالى 7٪، وهو رقم لم نصل إليه من قبل، فيتحدث الآخر عن أن هذا النمو لم يؤثر على رجل الشارع أو على الأسرة المصرية بأية إيجابيات ولم يوفر المدخرات يقلل من الأسعار ولم ينه معاناة مواطن يعانى من البطالة.
وهكذا نحن نخلط الأوراق خلطاً مثلما نخلط الكشرى المكون من الأرز والمكرونة والعدس «أبوجبة» وكذلك «البصل المقلى» وعليهما الشطة، وغيرها من التوابل، وبالقطع طعمها رائع وأكلة مصرية محترمة تلجأ إليها فى الشارع عند «جحا»، سابقاً أو نلجأ إليها حينما تفتقد الأسرة القدرة على توفير وجبة من اللحوم التى يخطط لها فى خريطة الطريق للأسرة المصرية عدة أيام من الشهر التى تجتمع فيها «قبيلة» الأسرة على وجبة اللحم، ونعود للخلط فى الأوراق - بعد خلطة «الكشرى» - نجد فى أكثر تجمعات النخب فى مصر، وبعض ممن ملأوا السمع والبصر - حينما كانوا وزراء أو رؤساء هيئات أو محافظين سابقين، نجد مثل هؤلاء فى مجالسهم، وهم يخلطون أوراق المناقشات، وكأنهم «ولدوا» بالأمس، وكأنهم لم يتولوا سلطة من قبل، ولعل الاعتماد على الذاكرة الضعيفة للمشتركين فى الحديث يجعل صاحب الذاكرة الأكثر اتقاداً، يضحك بل يسخر مما يسمعه ولعل قليلا من الجرأة، يمكن أن نخرس هؤلاء، ونجعلهم يعيدون إلى ذاكرتنا بعضا مما قاموا به أو تدبروه فى وقت كانوا فيه محل النقد، بل للأسف الشديد وكأن على رأسهم الطير، فهم سكت بكم لا يفقهون!!
ولعل جماعات الخير اليوم، وهم فى سدة الحكم نسوا أن ما قاموا به فى أيام يطلق عليها بالزمن الغابر، كانوا جزءاً أصيلاً من المنظومة السياسية، بل شاركوا مشاركة فعالة فى الحياة السياسية التى استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً إما بالتوافق أو بالتراضى أو بالتآمر فى بعض الأحيان، ولايمكن لنا اليوم أن نستمر فى خلط الأوراق حتى يتسنى لنا الخروج من هذا النفق المظلم الذى يعيش فيه المصريون.