الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فقاقيع سينمائية تذوى سريعا!

فقاقيع سينمائية تذوى سريعا!


خرج فيلم «المواطن» الذى لعب بطولته خالد النبوى من مهرجان «أبوظبى» وكأنه لم يدخل أصلا.. من شاهد الفيلم كان لديه يقين بأن الفيلم لا يمكن أن يحظى بأى جائزة ماعدا واحد فقط أعتقد أنه يقدم تُحفة فنية لا قبلها ولا بعدها، وسوف يصبح هو المانشيت الرئيسى فى الصحافة العالمية إنه بطل الفيلم خالد النبوى.
 
 

 
 وسط ضجة إعلامية سبقت العرض باعتباره وارد هوليوود على سن ورمح وتحفة فى مجال الفن السابع لا قبلها ولا بعدها جاء العرض فى بدايات المهرجان وسط حضور كبير من الجمهور وخيبة أمل أكبر فاضت على الوجوه.
 
الفيلم تنافس داخل قسم «آفاق جديدة» المخصص للعمل الأول للمخرجين، حيث إنه أول إخراج للمخرج السورى الجذور «سام قاضى».. عندما طلبت المحطات الفضائية إجراء حوار مع خالد عن الفيلم اشترط اللغة الإنجليزية قائلا: إنه فيلم عالمى مُقدم للجمهور كله وليس فقط للعرب، البعض استجاب لهذا الشرط التعسفى والآخرون وجدوا فيه نوعاً من التعالى غير المبرر فقرروا تجاهل الفيلم والنجم.
 
وتبقى بعض الأسئلة: هل بطولة فيلم لغته إنجليزية ويجرى تصويره فى أمريكا أو حتى هوليوود تعنى أن بطل الفيلم قد صار بين ليلة وضحاها نجماً هوليووديا يقول لتوم كروز وبراد بيت وتوم هانكس: «قوم اقف وأنت بتكلمنى»؟!
 
يبدو أن «خالد النبوى» يؤرقه هذا الهاجس ويسعى لكى يصدر للجمهور المصرى خاصة والعربى بوجه عام تلك الكذبة.
 
يؤدى خالد فى «المواطن» دور الشاب اللبنانى الذى يجد نفسه دائماً فى حالة صراع داخلى ومطاردة من دولة عربية إلى أخرى، حيث إن الحرب الأهلية فى لبنان تبعده عنها ويفقد والديه وبعد ذلك يلقى مصيره فى أتون حرب أخرى بين دولتين شقيقتين أثناء الغزو العراقى للكويت ثم يعانى مثل ملايين المواطنيين العرب ويتقدم للهجرة إلى أمريكا ويحصل على الكارت الأخضر الذى يتيح له السفر بلا تعقيدات إدارية.. شاب لديه طموح ويجيد الإنجليزية ويملك خبرة كمهندس سيارات وفى المطار لم يأت ابن عمه لخطأ ما غير مقصود يختلط عليه اسم المطار ويفقد التواصل معه ويذهب إلى فندق متواضع لكى يبيت ليلة تمتد إلى ليال وشهور وسنوات.
 
 

 
أحداث سبتمبر 2001 تلقى بظلال سيئة ويجد نفسه متهماً ورهن التحقيق والتوقيف بسبب تشابه اسمه مع إرهابى فتحاصره الشكوك.
 
تشعر أن الفيلم مصنوع من أجل هدف واحد فقط وهو التأكيد على أن نجومية خالد النبوى تجاوزت تخوم الحدود العربية فأصبح نجما عالميا ويمنحه المخرج بين الحين والآخر موقفا دراميا ساخنا للتأكيد على قواه الجسدية الخارقة وعلى رجاحة عقله وثقافته الموسوعية الخارقة أيضا، حتى إنه يمهد مع اقتراب نهاية الأحداث لتلك المواجهة بينه وممثل الادعاء الأمريكى ويضع له مشهداً ليدلل على أنه قاهر الأمريكيين.
 
 الحالة السينمائية التى يقدمها المخرج شديدة التواضع، بينما على الصعيد الفكرى يرسخ الفيلم للحلم الأمريكى وكأنه الطريق الوحيد للحياة ويحيل نضال المواطن العربى ليس لتأكيد ذاته وأفكاره وتغيير مجتمعه وواقعه للأفضل، ولكن ينحو الفيلم إلى تعميق لحالة الهوان العربى وخفوت الاعتزاز الوطنى وكأنه يهتف فى النهاية تحيا أمريكا ويعيش العم سام.
خالد دائما لديه هاجس يسيطر عليه ويطير النوم من عينيه وهو أن يؤكد على تفرده بين كل أقرانه المحليين. شارك خالد من قبل فى مشاهد قليلة فى أكثر من فيلم أجنبى مثل «مملكة الجنة» للمخرج ريدلى سكوت و«لعبة عادلة» للمخرج دوج ليمان وكان دورا هامشيا فى الأول وأقل من ثانوى فى الثانى إلا أنه فى الفيلمين صنع لنفسه دعاية صاخبة فى الصحافة المصرية والعربية،ويكفى أن نتذكر كيف تناقلت كل الجرائد والمواقع الإلكترونية صورته مع بطلة فيلم «لعبة عادلة» ناعومى واتس، الذى شارك قبل ثلاث سنوات فى المسابقة الرسمية لمهرجان «كان». كما أن مشاهده فى «مملكة الجنة» كانت قليلة ودوره هامشيا، بينما الفنان السورى غسان مسعود الذى أدى الدور الرئيسى «صلاح الدين الأيوبى» لم يمنحه الإعلام العربى أى مساحة تقارن بخالد لأنه لا يجيد صناعة الدعاية لنفسه.
 
 الفيلمان بالطبع ينتميان للسينما العالمية الهوليوودية ولكنه مع «المواطن» يفتقد كل المقومات العالمية، بل المؤكد أن تسويق الفيلم مصريا وعربيا محفوف بالمخاطر لأن اسم خالد ليس من بين النجوم المحليين الذين لديهم شباك تذاكر.
 
لماذا يبدد خالد النبوى طاقته فى صناعة وهج إعلامى يشبه فقاقيع الصابون التى لا تمكث سوى لحظات وبعدها تتبدد وكأنها لم تكن؟! فيلم «المواطن» هو تلك الفقاقيع السينمائية التى لن تتجاوز زمن عرضها وبعدها نسأل: هل كان هناك حقيقة فيلم وهل «خالد النبوى» اقتحم هوليوود أم أنه يعيش الحلم الذى صار كابوساً؟!