
هناء فتحى
محمود حميدة.. ملك وكتابة!
هل ينتظر أطفال الثورات المصرية «شهادة تسنين» من محمود حميدة؟!
فالتصريح الواضح «حرفيا» والملتبس «صحفيا»، والذى أدلى به محمود حميدة ضمن حوار مطول لصحيفة «اليوم السابع» عن ثورة يناير 2011 بأنها ثورة عيال -الرجل لم يقل ذلك بالمعنى السيئ للعبارة المؤولة - هذا التصريح الذى فضحنا كلنا، عيال فعلاً!! فضح الفريقين: أبناء يناير وأبناء يونيو.
ومع اقتراب العام الخامس لميلاد 25 يناير لم يحصل الوليد بعد على شهادة ميلاد موثقة تعترف بأنه ابن شرعى للبلد فكان تصريح محمود حميدة فرصة ذهبية لأبناء 30 يونيو ليفضحوا ابن الحرام.
وما إن تم توضيح الملتبس والمشوه فى كلام حميدة حتى ارتاح أبناء يناير لنتيجة تحليل النسب الثورى.. النتيجة التى كشفت تجار الثورات -للأسف علشان الحكاية مش حكاية إنك يكون عندك عيال- فما معنى أن تكون أبا ولا تصنع أسرة؟ وما معنى أن تنجب ابنة تبيع بها شرفك؟
لايزال محمود حميدة قادراً على إثارة الدهشة والصدمة والبهجة والمتعة فى مجمل تصريحاته وأفكاره وإبداعاته.. ولأجل هذه الأشياء كان لتصريحه الأخير كل ذاك الصخب كما مجمل تصريحاته فى الحب والشعر والفن والتاريخ.. بل وتصريحاته تجاه نفسه شخصياً فهو لا يرحمها من لسانه ونقده اللاذع «اللى بيجرح» وأظن أن لا ثالث لهما: محمود حميدة وعمر الشريف- رحمه الله- وحدهما من يصدمانك بكل هذا الصدق فى وصف الذات وجلدها دون خوف من رأى الجمهور المعتاد على الورنيش اللى على الوشوش اللامعة.
لكنك لم تنتبه يا ابن الثورات أنها هى المرة الأولى التى يتحدث فيها حميدة فى السياسة.. لم يكن يجيب عن أسئلة تشبه تلك.. أسئلة تتعلق بالسياسة أو بالدبلوماسية.. هو كان يجيد الكلام عن الشعر ويعشق فؤاد حداد ويحفظه عن ظهر قلب.. ثم صار يتحدث عن الفن ومعناه ومبتغاه مؤكداً أنه للتسلية.. الفن ليس رسالة -تصريح آخر صادم لأبناء الأخلاق الحميدة- ثم صار يتحدث عن نشأته وأمراضه النفسية الناجمة عن فقدانه لبراءة الطفولة والتوجيه والنشأة العنصرية من والدته التى فضلته كذكر عن أخواته الإناث.. فمنحته تلك التربية- أظن - هذا السمت المتعالى فى مشيته المتئدة وكتفيه المرفوعين بالاهتزاز وضحكته الساخرة دوما.. أو ربما استغل حميدة هذه الصفات للهرب من الفخ الذى نصبه الجمهور والنقاد له عقب إطلالته الفنية الأولى ووصفه بأنه شبيه رشدى أباظة.. ولم يستغرق وقتا ليثبت أنه عكس ذلك.. فرشدى أباظة دمه خفيف.. أما محمود حميدة فقد حرص فى النصف الأول من مشواره الفنى أن يكون «غتت».
حينما حفر محمود حميدة طريقه الخاص والمميز والراقى ليصبح علامة مميزة فى السينما.. ماركة أصلية مش تقليد.. أطلق لنفسه العنان كى تخرج من حالتها الصلبة «الكتالوجية» إلى قالب أكثر ليونة «وإنسانية».
تذكرك سكة محمود حميدة فى الحياة بتلك الشخصية التى أجادها فى فيلم ملك وكتابة.. فى النصف الأول من الفيلم يبدو وكأنه رجل أسمنتى متخشب وفى النصف الثانى هو رجل مناسب «ومدفلق» فى الإنسانية.. يفرح ويحب ويبكى ويمثل بطريقة مذهلة.
«ملك وكتابة» وجهان لعملة واحدة
«ملك وكتابة» وجهان لمحمود حميدة.■