الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الإعلام.. بين المسئولية و«الجنون»!

الإعلام.. بين المسئولية و«الجنون»!


أليس من العجيب ألا يتحدث أحد من قادة العالم الغربى عن الإرهاب وكوارثه إلا عندما يطولهم فى عقر دارهم.. هنا فقط يبدأ هؤلاء بالبحث فى دفاترهم القديمة عن الوحش الذى ربوه ورعوه ليعيش بينهم، رغم أنه يعمل القتل والإرهاب فى الدول التى خرج منها.. والأعجب أنه عندما وقفنا ضد هذا الإرهاب باتخاذ بعض الإجراءات القانونية لمواجهته انتقدونا، ثم عادوا وهددونا بوقف الدعم والمساندة والمساعدات لمجرد أننا نريد حماية أوطاننا من هذا الوحش.. ولكن عندما نالهم من الحب جانب، لم يتوان الغرب عن اتخاذ العديد من الإجراءات الاستثنائية التى تتفوق بكثير على ما قررناه نحن ضد الإرهاب الذى نعانى منه منذ سنوات، ولكن للأسف لم ينتبه أحد لما نعانيه لأن معالجتنا الإعلامية للإرهاب لم تصل إلى مرحلة النضج الكافى بعد.

وللتأكيد على ما أقوله أطرح عدة تساؤلات يأتى على رأسها سؤال عن حقيقة الدور الذى تقوم به هيئة الاستعلامات بمكاتبها المتعددة فى جميع أنحاء العالم، فهل قامت بكشف ما نعانيه من عمليات إرهابية شارك فى صنعها قادة يقيمون فى بلاد الغرب؟ هل قامت بعمل معارض مصورة مثلا لهذه العمليات وما خلفته من شهداء سواء من رجال القوات المسلحة أو الشرطة أو من بين أفراد الشعب؟
وهل تعاونت مع الملحقين الثقافيين والإعلاميين العاملين فى سفاراتنا بالخارج للرد على الإساءات والانتقادات التى توجه لمصر لمجرد أنها أصدرت قوانين لمكافحة الإرهاب؟
بالتأكيد كل هذا لم يتم بالشكل الأمثل لأن هؤلاء السادة يكتفون فقط بالجلوس فى المكاتب والاستمتاع بالتواجد فى بلاد الغرب قبل العودة إلى مصر مرة أخري.
سؤال آخر: هل قام إعلامنا بدوره على الوجه الأكمل من خلال تعامله مع أحداث الإرهاب وتحديدا عقب سقوط الطائرة الروسية؟
الإجابة هنا وبكل صراحة أن الإعلام فشل لأن إعلامنا عندما يتعامل مع الإرهاب يتم ذلك داخليا، أى على مستوى الداخل المصرى ونكتفى فقط بنشر تعليقات المواساة التى تأتى لنا من الخارج، ولأننا نخاطب الداخل المصري، ولم نستطع أن نصدر للعالم الخارجى حقيقة وخطورة الإرهاب وكيفية تصدينا له والوقوف أمامه، فإننا لم نطالب قادة العالم «إعلاميا» بدعم جهودنا فى التصدى لهذا الوحش، لأن ما ينقله إعلامنا عن هذه الجرائم لا يتخطى حدودنا كما سبق أن أوضحت وبالتالى لا يعرف العالم عنه شيئا رغم الثورة الكبيرة فى عالم الميديا والاتصالات.
فمثلا وعقب سقوط الطائرة الروسية وقرار روسيا بسحب رعاياها وإيقاف بعض الخطوط الجوية لرحلاتها، هرع إعلامنا إلى شرم الشيخ ليتحدث عنها وعن جمالها وأجرى اللقاءات والحوارات، وسارعت الحكومة لعقد اجتماعاتها بها وذهب إليها قضاة وأئمة «أصدروا فتوى بجواز السباحة بالمايوه الشرعى مع الأجانب» ومطربون ومطربات وفنانون وفنانات وأجريت مباراة كرة قدم خماسية بين بعض ممن اعتزلوا الكرة، وانطلقت العديد من الحملات الإعلامية تدعو لقضاء الإجازات فى المدينة الهادئة، وكل ذلك تدعيما لهذه المدينة، تحركات إيجابية ومطلوبة على مستوى الداخل وبالطبع رصدها الإعلام بكل دقة، بل زاد عليها بنقل كاميراته ومعديه ومخرجيه ومذيعيه ومراسلى صحفه ومواقعه، ولكنه تناسى أن ما ينقله «الإعلام» من مظاهر دعم واحتفالات لا يراه سوانا، لأننا لا نملك الإمكانيات أو المقدرة لمخاطبة العالم الخارجى طبقا لمفهومه، فأصبحنا وكأننا نتحدث إلى أنفسنا، بالضبط مثل الرجل الذى يسير فى الشارع وهو يحدث نفسه فنقول عنه «إنه رجل مجنون».
بالمناسبة هذه المعالجات أخذت علينا عندما نقلت بعض القنوات الأجنبية مشاهد لأحد المطربين وهو يغنى فى أحد شوارع شرم الشيخ والناس ملتفون حوله، فكان تعليق القناة بأن المصريين يغنون ويرقصون على أشلاء ضحايا الطائرة، وبدلا من دعم المدينة الهادئة أشعلنا الصدور بتصريحات غير مسئولة من قبل البعض، دون الانتظار للحصول على تصريحات رسمية لمجرد فقط تحقيق السبق والانفراد غير الحقيقي.
هناك سؤال آخر يلخص الأمر كله وهو: لماذا استطاعت فرنسا جذب أنظار العالم لحادثها الإرهابى فتعاطف معها وقدم لها يد العون والمساعدة، ولم نستطع نحن الذين نعانى من كثرة حوادث الإرهاب من نيل جزء ولو بسيط من هذه المساعدة أو الدعم؟!
الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على شقين، أحدهما سياسى بحت، طفت عناصره على السطح بقرار إجلاء مواطنى الدول الأجنبية وبدء مقاطعة سياحية بهدف إضعاف مصر اقتصاديا من قبل بعض الدول، عناصر مرتكزة على سوء نوايا وانحياز واضح، خوفا من مصر التى استعادت مكانتها ودورها المفقود وانفتحت على جميع دول العالم، فلم يعجب هذا البعض.
الشق الآخر وهو إعلامى صرف يحتاج إلى مراجعة دقيقة بعيدا عن «الشعللة» وعدم المهنية والسعى خلف السبق والانفراد الوهمي، بالإضافة إلى قيام كل فرد فى هذه المنظومة بدوره بأمانة وشفافية، وأجزم بأنه بقليل من الانضباط وحسن إدارة الأزمة نستطيع أن نتخطى آثار هذا الحادث.■