الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
أحزاب.. «كده وكده»!

أحزاب.. «كده وكده»!


بعيدا عن نتائج التصويت فى المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب والتى فاز بها من فاز وأخفق فيها من أخفق، إلا أن هناك دلالات هامة أفرزتها لا بد أن نتوقف أمامها، وهى المتمثلة فى الانخفاض العام لنسبة التصويت والتى أرى أن من أهم أسبابها من وجهة نظرى تعود إلى الأداء الضعيف بل والمترهل من قبل الأحزاب المصرية التى شاركت فيها، والتى أثبتت أنها أحزاب ضعيفة وليس لها أى أثر أو تأثير على الساحة السياسية، وبالتالى لم تستطع أن يكون لها مردود لدى المواطن لكى يذهب للتصويت لها أو لغيرها، خاصة بعد أن أصبح «عددها فى الليمون»، بل إن بعضها لا يصح ولا يمكن أن نعتبره حزبا حقيقيا.

وللأسف تساوى فى هذا الضعف وعدم التأثير، أحزاب ذات تاريخ سياسى وحزبى كبير مع الأحزاب الجديدة التى تواجدت على الساحة بعد ثورة يناير فجميعهم «فى الهم شرحه»، مما يؤكد أنها أحزاب غير متواصلة مع الناس ولا ينتفع منها سوى المنضمين إليها فقط، أما الغالبية فهى لا تعرف عنهم شيئا، وهذا ما أكدته انتخابات المرحلة الأولى وشاشات التليفزيون عندما كانت كاميراتها تتجول داخل اللجان الخاوية فى جميع المحافظات التى أجريت فيها انتخابات هذه المرحلة.
أحزاب فقدت بوصلة التواصل مع الناخب فقرر من ناحيته الابتعاد عنها.. أحزاب تفرغت للمنافسة مع بعضها البعض والدخول فى معارك لسرقة المرشحين مقابل مبالغ من هنا أو هناك «وليذهب الالتزام الحزبى وحق الناخب إلى الجحيم».. وأخرى تفرغ قادتها لخلافاتهم سويا لبسط النفوذ وإثبات من هو الأقوى والأكثر سيطرة، فهوى الجميع، رغم أن تاريخ بعضها لا يستطيع أن ينكره أحد.
أحزاب سارعت إلى ضم نواب الحزب الوطنى المنحل لأنها خاوية من الداخل ولا تمتلك الكوادر أو  القيادات التى تفهم أصول لعبة الانتخابات، متحدية فى ذلك إرادة الشعب الذى قام بثورة ضد ممارسات هذا الحزب الذى دمر الحياة السياسية فى مصر بفساده وفساد رجاله، لنصل إلى مرحلة «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت» بعد أن وجدنا رجال الحزب المنحل يتصدرون المشهد الانتخابى مرة أخرى.
ووجدنا أحزابا أخرى لا هم لها سوى اللعب على وتر الدين بين الحين والآخر، وإطلاق الفتاوى من فوق المنابر ومن داخل الزوايا، فتاوى تفرق ولا تجمع، ولا مانع من المتاجرة بفقر الناس ومرضهم فتوزع عليهم الزيت والسكر والدواء، ثم لا تلبث أن تعود لتهدد مصر وشعبها، بعد حرقها لدور العبادة وترحيل مواطنين مصريين من ديارهم لمجرد أنهم يختلفون عنهم فى  الديانة، ثم تعود وتقرر ضمهم على قوائمها لمجرد أن الدستور فرض عليهم ذلك، ولكنهم وببجاحة يحسدون عليها يطالبون الناس بالتصويت لهم وكأننا شعب مغيب ولا نعى أو نفهم ما الذى يدور فى عقول قادة هذه الأحزاب، أو أننا  نسينا تحالفهم مع شريكهم الملتحف بالدين والذين وقفوا معه وساندوه فى السنة السوداء التى تولى فيها «مرسي» حكم البلاد، ولكنهم وفى سبيل وصولهم لمقعد البرلمان يتناسون ما سببوه لنا من أوجاع وعلل ما زلنا نعانى منها حتى الآن، وأحزاب أخرى استغلت وفرة المال لدى القائمين عليها فسارعت فى خطف مرشحى الأحزاب الأخرى أيضا، والدخول فى معارك قضائية مع أحزاب أخرى أيضا لدرجة وصل معها الأمر إلى حد التخوين والطعن فى وطنية بعضهم البعض.
بالمناسبة كل هذا يحدث أمام المواطن «وعلى عينك يا تاجر» مما أثار أزمة ثقة لديه فى قادة هذه الأحزاب ورجالهم المفترض تمثيلهم  له فى البرلمان القادم، فقرر من تلقاء نفسه العزوف عن المشاركة لأنه غير مقتنع بهم جميعا، وحتى من شارك منهم قرر اتباع الطرق القديمة التى تعتمد على العائلات والعصبيات، خاصة بعد أن اكتفى المرشح بالدعاية لنفسه من على «الفيسبوك» دون أن يضطر للنزول للشـارع لمعرفة مطالب ناخبى دائرته الحقيقية، أما الآخرون فقد اكتفوا بلافتات ومنشورات، وإن كان بعضهم اعتمد على الوكالات الإعلانية للإعلان عن نفسه، ففقدوا جميعم البقية الباقية من التواصل المفقود أصلا مع الناخب والذى بادلهم «حبا بحب» ففضل عليهم مشاهدة مران لأحد أندية كرة القدم بأعداد تفوق الأعداد التى نزلت للتصويت فى الانتخابات بعد أن تجاهلهم الجميع. بالطبع أقصد هنا جموع الشباب الذى تجاهلته الأحزاب والحكومة، ففقد الأمل فى أى تغيير.
هذا بعض من كل مما ارتكبته الأحزاب من أخطاء فى حق الناخبين فى المرحلة الأولي، فقرر الناخب من ناحيته هجرهم والعزوف عن المشاركة وعن العملية الانتخابية برمتها، وجعل الشباب منهم يبتعد عنهم بعد أن تجاهلوه، حتى المتفوق منهم لعن اليوم الذى تفوق فيه بعد أن قررت الحكومة جعله يعانى من البطالة لرفضها تعيينه، أما الأحزاب فلم يعد أمره يهمها، لأن المهم الوصول إلى مقعد البرلمان وعلى الحكومة حل مشاكله وتتناسى أنها ممكن أن تكون فى مكان الحكومة يوما ما.
ما حدث فى انتخابات المرحلة الأولى يجب أن ينتبه له الجميع، أحزاب وحكومة ولا يجب أن يمر دون دراسة أسبابه، ولا يصح أو يجوز أن نضع رؤوسنا فى الرمال لنقول أن كله تمام، لأن القادم سيكون أصعب وأشد خطرا