
محمد جمال الدين
إنهم يسيئون للإسلام!
لم أعد أستطيع فهم الكثير مما يتردد على الساحة السياسية الآن من تصريحات وأقوال منسوبة لبعض المشايخ والعلماء المحسوبين على الدين والمتعلقة بالانتخابات البرلمانية، وبمشاركة فعالة من بعض السياسيين الذين لا يملكون الشعبية وضعاف الحجة فى عالم السياسة، وجميعها تتم أو تمت قبل الدخول فى مرحلة الصمت الانتخابى.
أغلب التصريحات إن لم يكن كلها تتمسح فى الدين أو قل تتعلق به لكسب ود الناخب للحصول على صوته حتى ولو عن طريق حفيف الملائكة أو التمثل ببعض تصرفات الرسول عليه الصلاة والسلام، والتى للأسف تأتى فى غير موضعها، مثلما سبق وأن أشار أحدهم بأنه شاهد فى المنام الرئيس الخائن «محمد مرسي» والملائكة تصلى من خلفه لإعطاء هالة وسمات على الرجل لا يستحقها.
ومؤخرا خرج علينا الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق بقول ليس له أدنى محل من الإعراب فى مؤتمر انتخابى لقائمة «فى حب مصر» بأنه شاهد الملائكة وهى «تحف» مؤتمرات القاعة لأن نواياهم طيبة «يقصد القائمين عليها» وخائفون على مستقبل مصر، وهم الأجدر بالدعم والمساندة من غيرهم.
وبصراحة وبدون لف أو دوران لم أفهم بعقلى المتواضع مغزى ما يقوله رجل الدين والحافظ للحديث الشريف مما أدى إلى طرح العديد من الأسئلة بداخلي، فمثلا هل اختصته الملائكة دون غيره «باعتباره رجل دين ورع» ليشاهدهم وهم يحيطون بقائمة فى حب مصر دون باقى البشر ودون باقى القوائم الحزبية الأخري؟! وهل باقى القوائم الحزبية الأخرى تعمل لغير صالح مصر ومستقبلها؟، وهل نوايا الأحزاب الأخرى غير طيبة تجاه الوطن؟! وما علاقة الملائكة أصلا بالانتخابات والمؤتمرات الانتخابية؟!
بالطبع لم أجد إجابة على هذه الأسئلة، مما يجعلنى أقول لمولانا الشيخ الدكتور العلامة «أحمد عمر هاشم»: ما تقوله عيب ويجب أن تتطهر منه، لأنه لا يجوز لك أو لغيرك أن تنفرد بالحديث عن الملائكة لأن لنا عقولاً مثلك تفهم وتعى، ولا يجوز أيضا أن تستخدم الدين فى السياسة لأن ذلك يعد دعاية انتخابية مرفوضة بحكم القانون ويسرى عليك وعلى غيرك وإلا وقعت تحت طائلته، وتجعلنا نحن الناخبين نبتعد عن الدين وسماحته، خاصة إذا كان الرأى أو القول مصدره رجل دين نجله ونحترمه ونحترم فتاويه المعتدلة التى ليس لها علاقة بالسياسة.
وإذا كان القول بالقول يذكر، فلم يفوت رجال حزب النور الفرصة طالما القائمة المنافسة استغلت الدين فى الدعاية الانتخابية ولم يحاسبها أحد، فخرج علينا كبيرهم «يونس مخيون» وفى مؤتمر انتخابى آخر ليقول بأن حزبه ضم الأقباط على قائمته تنفيذا للقانون، ولولاه لما ضمهم أصلا، على اعتبار أنهم كمالة عدد «ليس أكثر»، وعندما شعرت قيادات الحزب بخطورة ما صرح به كبيرهم على الحزب وقبل الانتخابات مباشرة، سارع شباب الحزب المضحوك عليه ليشبه ما حدث باستعانة الرسول بخبرة المشركين وتعاونه معهم وقت الهجرة، وهذا ما أكده شباب الحزب على صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك».
ورغم ملاحقة شباب حزب النور لتصحيح أو تبرير ما قاله «مخيون» سواء كان مرتاح الضمير أو خانه التعبير فى شأن الأقباط، إلا أنهم وحتى الآن لا يستطيعون إنكار فتاواهم بشأن تحريم ولاية الأقباط والمرأة، بعد أن أفتى برهامى باستبعاد المسيحيين من البرلمان ثم تراجعه بعد ذلك عن هذه الفتوى عقب إلزامهم بالقانون بضم المسيحيين على قوائم الأحزاب وهنا قالوا بأن تراجعهم جاء لمراعاة المصلحة العامة ومصالح البلاد والعباد «تلاعب ليس له من آخر» ولا يندرج سوى تحت بند الإتجار بالدين لدخول عالم السياسة.. و«هى بالمناسبة عادة ولم يشتروها» وجميع تيارات الإسلام السياسى تجيدها لأن فى النهاية الوصول إلى كرسى البرلمان هو شغلهم الشاغل والذى ترتكب باسمه وتحت قبته الكثير من الأمور التى يرفضها الدين، ولكن لضعف الأحزاب وعدم وجود أرضية لهم فى الشارع «يتمحك» القائمون عليها فى الدين الذى قد يجد لهم مخرج من ورطة افتقادهم للشعبية.
وهذا تحديدا ما يجعلنى أقول: يا خوفى على برلمان بلادى من مثل هؤلاء وهؤلاء.