
محمد جمال الدين
الأوصياء يمتنعون!
سعدت بتولى الصديق والزميل «حلمى النمنم» مسئولية وزارة الثقافة فى حكومة المهندس شريف إسماعيل ليحسم الجدل الذى كان مثارا حول شخص من يتولى هذا المنصب، ليضطلع بدوره «وهو الكاتب المثقف» فى مواجهة قوى الإرهاب والتطرف التى تسعى بدورها لنشر
الفكر الظلامى فى عقول شبابنا الذين هم أمل هذا البلد.
وبقدر سعادتى باختيار «النمنم» بقدر إشفاقى وخوفى عليه مما ينتظره من مشاكل وعقبات متلاحقة أينما حل، إلا أننى على يقين بأنه سيستطيع التغلب عليها شريطة أن يبتعد عنه الأوصياء ومدعو الثقافة وكذابو الزفة الذين يحاولون ومنذ الإعلان عن اسم الرجل فرض إرادتهم وأفكارهم عليه دون أن يتركوا له المجال ليعرف بنفسه ما هو مقدم عليه من مشاكل وأزمات تواجه الثقافة فى مصر وهو بالمناسبة ما هم معتادون على فعله مع كل وزير ثقافة سابق.
ولهؤلاء الأوصياء والمدعين سواء من بعض من يطلقون على أنفسهم بأنهم مثقفون أو من بعض الكتاب أو أصحاب الأعمدة والصفحات فى الإعلام، عليكم أن تتركوا «النمنم» يعمل لأنه لا يجوز ولايصلح أبدا أن يكون هناك ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة الصفوة التى تحاولون أن تفرضوها علينا نحن العامة من الشعب، فنحن نريد ثقافة للمتلقى العادى تصلح للكبار وللشباب الذين يجب الوصول إليهم بكل الطرق وفى أماكن تواجدهم، وأعتقد أن ذلك يجب أن يتم عن طريق الثقافة الجماهيرية التى ينحصر دورها الأساسى فى أن تكون معملا لتفريخ المبدعين والأدباء والفنانين.
ولكن الأوصياء يريدون ثقافة تناسبهم وتتعامل معهم طبقا للمفهوم السائد بأن الثقافة يجب أن تتعامل مع المثقفين فقط، ومؤكد أن هذا ليس دور وزارة الثقافة التى يجب أن تعمل على إيجاد ثقافة تتعامل مع الجميع «رجالا ونساء، كبارا وشبابا، وأطفالا»، لإيجاد حالة ثقافية عامة ويعمل ويخدم عليها الدور الذى يلعبه التعليم فى حياتنا.
فمثلاً أحد الأوصياء دأب على كتابة مقالة ثابتة لا يتغير فيها سطر واحد يواجه بها كل وزير ثقافة جديد يطالبه من خلالها بإعادة تقديم الأعمال التى تعتمد على التراث والموروث الشعبي، وعلى الرغم من أهمية ما يطالب به وإيماننا الكبير بدوره، فإننا نجده بعد ذلك يلف على مكاتب المسئولين ليسمحوا له بتقديم أحد أعماله، وإذا رفض طلبه يبدأ فى مهاجمة هذا المسئول أو مهاجمة الوزير نفسه إذا لزم الأمر لأنه لم يتخذ إجراء ضد هذا المسئول، ناهيك عن التشكيك والنقد فى أعمال غيره.
عموما هذا ليس بغريب على صاحبنا لأن المنبر الذى يشرف عليه مخصص للهجوم على ما لا يعجبه، بالإضافة إلى تخصصه فى تصفية الحسابات والدفاع عن عديمى الكفاءة، وفى النهاية يحدثنا عن الثقافة والإبداع ويحذر من شلة فلان وعلان.
وصى آخر كان موضوعيا وعظيما عندما كان يشرف على صفحة أدبية أصبح همه الأكبر مؤخرا هو السماح له بتقديم عمل من أعماله فى أحد قطاعات وزارة الثقافة وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور تنتظر من يرفض له طلبه، والتقدير والاحترام والتلميع لمن يستجيب له، لأن الحكاية فى النهاية تنحصر فى تحقيق المصلحة «وشيلنى وأشيلك»، وللأسف ولأن هناك البعض من الموظفين فى وزارة الثقافة من يخضع لمنطق الأوصياء، مما جعل لهم «وضعية وحيثية» بما لهم من قدرة على اللف والدوران، بالمناسبة هؤلاء الخاضعون وصلوا لمناصبهم لمجرد أنهم موظفون دون أن يكون لهم فكر أو إبداع، لذلك انحصر همهم فى التربح من مناصبهم لأنهم بمجرد تركها لن يعرفهم أو يسأل عنهم أحد.
مدعٍ آخر ثبت فشله فى أغلب المناصب التى تولاها دون جهد أو كفاءة يجلس يوميا فى مكتب الوزير لعله ينال رضاه ليعينه هنا أو هناك أو مستشارا لهذا أو لذاك رغم تاريخه الفاشل، فهو لا يستطيع سوى أن يكون عصفورة من عصافير الوزارة الساعية بقوة لاحتلال أذن المسئول!
ومثقف أو مدعى ثقافة يتحدث فى مجالسه بأنه أحد من طرح اسم «النمنم» ليكون وزيرا ولا يتوانى فى أن يذكر ذلك لكل من يقابله، ليظهر كصاحب نفوذ وتأثير بين من يجالسهم رغم أننا لم نره يوما بطلا أو مدافعا عن عمل إبداعي.
أمثال هؤلاء كثر فى مصر وعليهم أن يبتعدوا ويتركوا الرجل ليعمل لأن عليه بخلاف تغيير مفهوم الثقافة ونشر الوعى الثقافى فى ربوع مصر، عليه أن يتخلص من القيادات التى لا تصلح أصلا للقيادة فى موقف «عبود» وحتى تكون وزارة الثقافة مشجعة للإبداع وليست قاتلة له فى حالة وجود أمثال هؤلاء الموظفين والأوصياء الذين يجب أن يحذر منهم «النمنم».
المسئولية كبيرة ولكنك فى النهاية أهلٌ لها.