الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
بالتعليم ولا شيئا سواه

بالتعليم ولا شيئا سواه


كثيرون هم من يتحدثون عن معركة التنمية وإعادة البناء والتحديث وإصلاح الخطاب الدينى حتى نتمكن من بناء بلدنا ومكافحة الإرهاب والتطرف.
وكثيرون هم أيضا من ينادون بالعدالة والمساواة واحترام الآخر وحقه فى الاختلاف دون أدنى تفرقة أو محاباة.. وكثيرون من يطالبون باحترام العقلية المستنيرة المبدعة التى ترتقى بالمجتمع وتدفعه إلى الأمام.

السؤال هنا والذى يطرح نفسه بقوة: هل فعلا أعددنا شبابنا لكل هذه التحديات ووفرنا لهم سبل التعليم المحترم الذى يؤهلهم لهذه المتطلبات التى يحتاجها الوطن بصورة ملحة خصوصا فى هذه الفترة.
الإجابة عن السؤال ستكون بالنفى طبعا، لأننا لم نوفر لشبابنا أى شىء من هذا ولو حتى بنسبة بسيطة، والأدلة على ذلك كثيرة، فمازال نظام التعليم عندنا يعتمد على الحفظ دون الفهم لأن مناهجنا التعليمية بها الكثير من الحشو واللغو الذى لا طائل منه ولا تعتمد على البحث والتجربة على اعتبار أنها رجس من عمل الشيطان، كل ذلك يتم فى ظل كثافة عددية فى قاعات الدرس لاتسمح للمعلم أن يعطى الدرس حقه «فى حالة إذا كان متعلماً أصلا»، وحتى مناهج الدين بها الكثير من الأحكام التى ترفض الحوار مع الآخر وتدعو إلى العنف وعدم التعامل معه، وللأسف هناك من المشايخ وبعض رجال الدين من يطالبون بذلك ويدعون له من فوق المنابر ولذلك أصبح التعليم فى بلادنا مثل غيره من الأمور التى نقول عليها «سد خانة» لأنه بشكله  الحالى لايستطيع بأى حال من الأحوال أن يلبى أى مطلب من المطالب التى نرددها بين الوقت والآخر من عينة التحديث والبناء والتنمية، ووضعنا الأمر كله فوق كاهل المدرس الذى أهملنا تعليمه وتأهيله فى ظل نظامنا التعليمى والذى لايجد فيه المدرس قوت يومه مما يضطره إلى إعطاء الدروس الخصوصية لسد حاجة أسرته التى تناسيناها عن عمد ولم نبحث إلا فى شأن المدرس فقط رغم أنه مسئول عن أسرة وعليه أن يصرف عليها مثل غيره من الأسر المصرية.
بالطبع كل هذا يحدث لأن نظامنا التعليمى عقيم ولا يعتمد على البحث والتجربة بل يعتمد على مناهج موروثة وتقليدية لا تفيد أحداً، رغم أننا نسمع فى بداية كل عام دراسى عن تعديل المناهج وإزالة الحشو وغير الضرورى منها، ثم نلجأ فى النهاية إلى نظام عقيم آخر ولاوجود له إلا فى مصر وهو مكتب التنسيق الذى يذهب بشبابنا إلى طريق لايعلم نهايته إلا الله بحجة تحقيق العدالة، بدلا من الاعتماد على نظام القدرات والذى يسمح لكل طالب بدخول الكلية التى تناسبه اعتمادا على قدراته ومواده المؤهلة وفى ذلك إفادة لنفسه ولمجتمعه لأنه يتعلم ويدرس ما يحبه.
التعليم فى مصر وصل وبدون مبالغة إلى حالة يرثى لها لدرجة وصل معها الأمر إلى أنه لم يعد هناك تربية أو تعليم، فى الوقت الذى تصرف فيه مبالغ طائلة تحت مسمى تطوير التعليم والمناهج،وهذا ما يؤكده الواقع فلا يوجد تطوير أو غيره وأغلب أولادنا لايجيدون القراءة، فما بالك بالكتابة، وبالتالى أصبحت سوق العمل مكتظة بعمالة غير مدربة أو مؤهلة لدخولها مما أدى إلى انتشار البطالة بين خريجى الجامعة، وعلى المدى القريب لن يعمل فى هذه السوق سوى خريجى الجامعات الأجنبية فقط والتى أدركت أن تأهيل طلابها وفق نظم تعليمية محترمة ولا تعتمد على الغش أو الحفظ أو تكفر البحث العلمى هو السبيل الوحيد لأن يطلق على طلابها خريجو جامعة، وبالمناسبة هؤلاء هم من ستفتح لهم سوق العمل أبوابها وعلى الباقين السلام.
هذا هو حال التعليم فى مصر الذى أرى أنه لا أمل فيه مما يدعونا إلى المطالبة بنسفه أخذا بنظرية «انسف حمامك القديم» لأنه لن يوفر أبدا تنمية أو يعيد بناء أو حتى يحدث ولن يحقق أبدا أدنى قدر من المساواة بين من تعلم فى جامعة حكومية أو فى جامعة أجنبية، وهو نفسه من سيخرج لنا طالبا لا تحتاجه سوق العمل فيصبح بقدرة قادر عاطلا ويعتمد على أسرته فى الحصول على مصروفه الذى ينفقه على المقهى، وهو نفسه من سيتلاعب به وبعقله أصحاب الأفكار المتشددة، ليصبح إرهابيا يعمل القتل والخراب فى وطنه بدلا من أن نعتمد عليه فى البناء والتنمية.∎