الخميس 24 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
«المسيحيين أهمه»

«المسيحيين أهمه»


ليس كل المسيحيين «موريس صادق» و«زقلمة» و«إيليا باسيلى».. والقمص «مرقص عزيز» الذين تعاملوا مع المتطرف المشبوه القس «تيرى جونز» الذى أشعل النار فى المصحف الشريف.. فهؤلاء خونة مأجورون يعملون لحساب دكاكين عمالة وأجهزة جاسوسية تدعمهم منظمات صهيونية.. متاجرون بالدين وبالوطن نظير آلاف الدولارات الملوثة بدماء الفتنة والتآمر والفرقة.. تقطر قلوبهم الغليظة.. ونفوسهم المريضة كراهية وبغضاً مقيتاً ليس فقط للإسلام والمسلمين بل للحياة والسلام والإنسانية والخير والعدل والحب والتسامح.. ولكل الأديان السماوية، فقد باعوا ضمائرهم.. وخانوا مخلِّصهم «يسوع المسيح» الذى يتشدقون أنهم يتحدثون باسمه غيرة على دينهم وعلى حال المعذبين بنار الاضطهاد والتمييز من ذويهم فى أرض الكنانة.
 
 
وفى الحقيقة أن المسيحية السمحة و«يسوع» العظيم الذى نادى بالحب «أحبوا أعداءكم.. باركوا لاعنيكم.. صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم».. «كما تحب أن يعاملك الآخرون فعليك أن تعاملهم أيضا».. الحقيقة أن المسيحية والمسيح منهم براء.. إن المسيحيين هم القمص «سرجيوس» و«مكرم عبيد» و«الأنبا متى المسكين» و«مجدى يعقوب» و«راغب عياد» و«جورج البهجورى» و«لويس عوض» و«إدوار الخراط» و«أبوسيف يوسف» و«د.ميلاد حنا» و«جورج إسحق» و«يونان لبيب رزق» و«مى زيادة» و«لويس جريس» و«حلمى التونى» و«الفريد فرج» و«كرم النجار» السيناريست الكبير الذى كتب سيناريو «محمد رسول الله» بحب وإيمان عميق بالرسالة.. وحاز به على جائزة مهرجان التليفزيون، والنجم «هانى رمزى» الذى كرمه مهرجان الإسكندرية الأخير لسينما دول البحر المتوسط.. وأهدى تكريمه لكل مسلم تعرض للإهانة من الفيلم المسىء للرسول.
 
 
وأيضاً «نظمى لوقا» المفكر المسيحى المصرى الذى كتب عنه الصحفى «وائل قنديل» فى صحيفة ''الشروق» منذ أيام بعنوان «المسيحى الذى يعرف محمداً أكثر من المسلمين» فهو صاحب الكتاب المهم «محمد الرسالة والرسول» الذى قررت وزارة التربية والتعليم فى عام 1959 تدريسه فى إقليمى الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) والكتاب يصور علاقة صبى مسيحى بالإسلام وانبهاره بالنبى «محمد» فحفظ القرآن الكريم وقرأ اللزوميات وسيرة الرسول والخلفاء الراشدين.. كما يقدم الكتاب تفسيراً رائعاً لآيات وسور القرآن الكريم.. وفهماً عميقاً للسنة النبوية ينتهى فيها أن «محمداً» عليه الصلاة والسلام جاء للعالم بدين للبشر.. وهو دين عقل.. ودين قلب.. ودين للإنسانية الحقة.
 
 
بل إن «عريان يوسف سعد» طالب الطب القبطى وعضو منظمة «اليد السوداء» التى كان هدفها اغتيال ضباط الاحتلال البريطانى والمتعاونين معهم من المصريين فى عام 1919 تقفز ذكراه إلى الذهن، حيث أعلى من شأن المواطنة فوق الطائفية.. وأقدم على التضحية بحياته عن طيب خاطر ودون أن يتردد لحظة دفاعا عن شرف الوطن وحريته واستقلاله ومقدماً مثلاً لا يتكرر للغيرة على بقاء وحدة وتماسك عنصرى الأمة فى مواجهة المستعمر الأثيم.
فماذا فعل «عريان يوسف سعد»؟!
 
 
فى عام 1919 وبينما كان «يوسف وهبة باشا» رئيس الوزراء القبطى يمر بسيارته فى شارع «سليمان باشا» ألقى عليه «عريان يوسف سعد» قنبلتين.. ولكن «وهبة باشا» نجا.. وحكم على عريان بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.. وقد اعترف بأنه أراد كقبطى أن يغتال عميل الاستعمار حتى لا يدان المسلمون ويقال إن الباعث دينى.. ومن ثم تشوه الحركة الوطنية وتظهر فيها مسألة الأقلية والأكثرية.. وهى بغية الاستعمار ومنتهى أمله أن يتخذ من حماية الأقلية سبباً لبقائه وبقاء الاحتلال فالبلاد قادمة على خطر محدق.. هذا قبطى يرأس الوزارة والشعب ثائر والبرقيات تنهال كل يوم على رئاسة الوزراء تطالب باستقالتها والمظاهرات لا تنقطع تهتف بسقوطها.. وذلك بسبب الإعلان عن نبأ قدوم لجنة إنجليزية برئاسة اللورد «ملنر» وزير المستعمرات البريطانية لبحث مطالب البلاد فى مصر، تلك اللجنة التى أعلن «سعد زغلول» من باريس مقاطعتها.. لكن «يوسف وهبة» رئيس الوزراء قبلها.. رغم أن البطريرك أرسل وفداً من أعيان الأقباط يرجوه ألا يخالف إرادة الأمة ويكون سبباً فى سوء الظن بالأقباط واتباع الفرقة بين العنصرين.
 
 
يقول «عريان يوسف» فى مذكراته: إذا دبر فرع من الفروع الاعتداء على رئيس الوزراء وقعت الواقعة وقيل إن المسلمين اعتدوا على رئيس الوزراء لأنه قبطى.. ولكن لو أننى أيضا اعتديت عليه وتمكنت من الهرب لما قيل غير ذلك، إذ لا يقوم دليل على أن المعتدى قبطى.. إذن لابد أن أسلم نفسى بعد الاعتداء حتى يعلم العالم أن المعتدى ليس من المسلمين.. وقابلت صديقى ففاتحته فى الأمر فأكد لى أن الموت محقق إما فى أثناء الحادث على يد الحرس وإما بحكم الإعدام الذى لا شك فيه.. قلت إذا كنا نطلب للوطن الحرية والاستقلال فما نيل الحرية وما نيل الاستقلال بالأمر الهين ولو لم يكن الموت حائلاً بين المستعبدين والحرية لما كان فى الدنيا مستعبد واحد.. لقد حزمت أمرى منذ أن بدأت الثورة على أن يكون سبيلى فيها سبيل من لا يعبأ بالحياة.. وأنا ميت على كل حال.. إن لم أمت اليوم فى شرخ الشباب فأنا ميت حين تدركنى الشيخوخة.. ولكن الوطن حى لن يموت.. فيجب أن نعمل نحن الأموات على أن يحيا الوطن الذى لا يموت حياة كريمة.. إن الوطن خالد فلا يحق لنا أن نتركه باقياً فى القيود حتى نحتفظ بأرواحنا إلى حين.