الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
من أجل هذا الوطن

من أجل هذا الوطن


 
فى أى بلد ديمقراطى بحق وحقيق لابد أن تجد الرأى والرأى الآخر.. هناك أغلبية تحكم وفى الوقت ذاته تحترم رأى الأقلية ودورها.. هذا تحديدا ما سعت ثورة يناير لتحقيقه بعد أن عانينا من حكم الفرد الذى كان يتسم بالكبر والجبروت والانفراد بالرأى المغلف بديمقراطية شكلية ليس لها أى أساس فى الواقع.
بعد الثورة استبشرنا خيرا لأننا عرفنا الطريق الذى سنسلكه وأدركنا أنه من الممكن جدا أن نحقق شعار «ثوار.. أحرار.. هنكمل المشوار»، لإيماننا المطلق بمدى حبنا لمصر الذى لا يستطيع فيه فريق أن يزايد على آخر فى هذا الشأن.
 
ولكن وآه من كلمة لكن.. فما نراه حاليا ليست له علاقة بكل ما منينا به أنفسنا، حيث تفرغ كل فصيل ممن اجتمعوا سويا أثناء أحداث الثورة لإسقاط النظام البائد إلى التصدى للآخر واحتكر الثورة لنفسه وكأن لسان حاله يقول: «أنا النظام والنظام أنا»، فلم يعد هناك شركاء يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات وغلبنا الصالح الخاص على العام، فبدأت حروب التصفية والتخوين وتشويه الآخر وكأن مصر لم يعد فيها مخلص وشريف يحب هذا الوطن.
 
فمؤخرا خرج علينا من أفتى بإهدار دم من سيشارك فى مظاهرات الأمس «42 أغسطس» بحجة أن المشاركين فى هذه المظاهرة خرجوا على الحاكم، وبالتالى يعدون من الخوارج فوجب إهدار دمهم، المؤسف أن من أصدر هذه الفتوى تطاول بعد ذلك على شيخ الأزهر وطالب بإقالته.. فتوى تجعل المصريين يقفون ضد بعضهم البعض، وللأسف أيضا وجدت من يؤيدها ويدعمها من قبل أشخاص معروف انتماؤهم ودوافعهم، وكذلك عارضها الكثير من القوى السياسية من ضمنها حزب الحرية والعدالة وجماعته، إلا أن عددا لا بأس به من كوادر الحزب وأنصار الجماعة احتفوا بها وبالشيخ الذى أفتى بها.
 
ولهؤلاء أقول لم يعد مقبولا أو من باب الوجاهة أن تتم الموافقة على مظاهرات بعينها ونحرم الأخرى، لأنه وطبقا للقانون حق التظاهر مكفول للجميع ما لم يكن هناك خروج على الشرعية وتعطيل العمل والصالح العام، أما الاعتراض عليها لمجرد أنها ضد الرئيس أو ضد طريقة إدارته للأمور داخل البلاد أو لكونها لا تعجب فصيلا معينا، فهذا هو المرفوض ولن نقبله أو يقبله عاقل أو محب لهذا الوطن.
 
وإذا ابتعدنا عن الفتوى وما أحدثته وما نتج عنها من آثار تصل إلى معركة الدستور الذى لم تتضح معالمه بعد، وهل سيقضى القضاء بعدم قانونية تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع الدستور أم لا؟! وهل سيتم التوافق عليه من الشعب؟ وهل سيلبى احتياجاتنا؟ وهل سيحسم الدستور الجديد الخلاف على نسبة الـ 05٪ للعمال والفلاحين؟ وهل ستضاف جملة أو أخرى فيما يخص المادة الثانية والخاصة بالشريعة الإسلامية لتصبح «مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، على أن يحتكم أصحاب الشرائع الأخرى لشرائعهم فيما يخص الأحوال الشخصية» والتى يرفضها عدد لا بأس به من أصحاب الاتجاه السلفى داخل الجمعية.
 
بالطبع بعد الاستفتاء على الدستور ستكون هناك انتخابات برلمانية.
 
والسؤال هنا: هل استعدت الأحزاب الموجودة بالفعل على الساحة السياسية أو حتى المزمع ظهورها لهذه الانتخابات؟ وهل استكملت هياكلها التنظيمية والإدارية والفنية وكذلك برامجها التى ستطرحها على الشعب والتي على أساسها سينتخب المواطن مرشح هذا الحزب أو ذاك؟
بكل أمانة ودون أدنى لف أو دوران أقولها صريحة: أغلب الأحزاب الموجودة الآن لم تستكمل شيئا مما سبق، وبالتالى لن تستطيع أن تقدم شيئا للمواطن الذى تخاطبه.. وأغلبها أيضا إن لم يكن كلها تكتفى بالنضال والتحدث عن بطولات قادتها من خلال الظهور على شاشات الفضائيات وعبر برامج «التوك شو» وفى وسائل الإعلام الأخرى دون أن يكون لها مردود حقيقى، وبالتالى لن يكون هناك تغيير وسنصل لنفس النتيجة التى أفرزت لنا حزبى الحرية والعدالة والنور، لأنهما الأقرب إلى رجل الشارع الذى يخاطبونه من خلال الدين، ولهذا يجيدون الوصول إليه والتعامل معه، وليس عبر الفضائيات ووسائل الإعلام.. «بالمناسبة وسائل الإعلام سواء كانت فضائيات أو صحفا استطاع أعضاء حزب الحرية والعدالة التعامل معها وأجادوا»، وهذا حقهم الذى لا يستطيع أن ينكره عليهم أحد، بل تفوقوا فيه على مسئولى الأحزاب الأخرى وقادتهم.
 
ولأجل مصر وشعبها نريد أحزابا حقيقية نستطيع من خلالها أن نثرى التجربة الديمقراطية الوليدة.. أحزابا ذات شعبية يمكن من خلالها تداول السلطة وتجعل المواطن صاحب الحق الوحيد فى اختيار من سيوليه ثقته كى يمثله.
 
نريد أحزابا نستطيع أن نحاسبها أو حتى نحاكم قادتها حينما يستدعى الأمر ذلك، نعرف حقيقة مؤسسيها وما هى مصادر تمويلها، وهل تتلقى معونات من الخارج حتى لا نفاجأ بمثل المعركة التى تدور حاليا بين القوى والأحزاب اليسارية وبين الدكتور عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة متهما القوى اليسارية بتلقى تمويلات من الخارج، فى الوقت الذى رد عليه دكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع بأن تاريخ الإخوان ملىء بتلقى أموال من الخارج منذ أيام حسن البنا والمستندات الدالة على ذلك موجودة فى المتحف البريطانى بلندن.
 
اتهامات تلقى من هنا وهناك لا يمكن أن نتقبلها من سياسيين أوكل لهم الشعب إدارة أموره.
ليس هكذا نحب الوطن بعد أن هدم البعض منا وبأنفسهم ثوابت وأساس الدولة وأصبح كل فصيل يمارس الإرهاب على الآخر لفرض رأيه دون أدنى اعتبار للأسس الديمقراطية السليمة وأضحى الذهاب إلى المجهول وسيادة شريعة الغاب محل سيادة القانون هو السبيل الوحيد أمام قوى الظلام التى ستكتوى بهذه الشريعة قبل غيرها.
 
حب الوطن لن يكون بالشعارات الرنانة أو بالكلام «المتذوق» ولكن سيكون بالعمل الجاد وعدم تصيد الأخطاء لبعضنا البعض، والحجر على حرية الرأى والفكر والإبداع وقصف الأقلام ومنع المقالات وحبس الصحفيين وإغلاق القنوات.. فجميعها أساليب عبرها الزمن ولم يعد لها وجود إلا فى الدول التى مازالت تحت حكم الفرد الواحد المعصوم من الخطأ الذى يعد الخروج عن طاعته إهانة أوجبت محاسبة صاحب هذا الخطأ.
 
فى النهاية لم يعد صالحا الآن اتباع سياسة تكميم الأفواه والمحاكمات لكل من هب ودب لمجرد رأى أو حكم أو اعتقاد مخالف للبعض خاصة بعد ثورة يناير، ولذلك لن يصلح مع شعبنا سوى احترام حريته التى تعنى حرية المجتمع.. وبالتالى مطلوب مزيد من الحرية والرأى والرأى الآخر حتى نلحق بركب الدول المتقدمة. ∎