الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حادث سيناء والأخطاء القاتلة!

حادث سيناء والأخطاء القاتلة!


 
سبق أن حذرنا على صفحات «روزاليوسف» بضرورة التصدى لحالات
 
الانفلات الأمنى التى كان من نتيجتها تفجير خط الغاز 61 مرة
 
والتهديد بإقامة إمارة إسلامية فى سيناء
 
 
 
عدة أخطاء قاتلة هى بالتأكيد ما ساهمت فى وقوع حادث سيناء الأخير.. الذى راح ضحيته 61 ضابطا وجنديا مصريا من خيرة شباب الوطن.. الأخطاء يأتى فى مقدمتها الترهل الواضح فى جميع الأجهزة الأمنية.. هذا بخلاف الخطأ التنظيمى الذى لا يغتفر لأفراد القوة العسكرية التى تناولت إفطارها فى وقت واحد دون أن يتفرغ منها أحد للقيام بأعمال الحراسة والتأمين.. هناك سبب آخر لابد من ذكره، وهو الخاص بالأخطاء السابقة غير المبررة لجهاز أمن الدولة السابق الذى جعلنا جميعا ننادى بضرورة إلغائه وتصفية الحسابات من قبل البعض مع القائمين عليه دون الاستفادة من خبرة رجال هذا الجهاز فى ملاحقة مثل هذه الجماعات المتطرفة.. وبما لديهم من معلومات ووثائق تثبت أنشطة هذه الجماعات وتحركاتهم.
 
نأتى إلى الخطأ الأكبر الذى بمقتضاه تم فتح معبر رفح أمام حركة العابرين وعدم إغلاقه عندما توافرت معلومات أمنية واستخباراتية عن قرب وقوع هجوم إرهابى محتمل فى سيناء.
 
 
أخطاء عديدة وقعنا فيها جميعا أدت إلى هذا الحادث كان من الممكن تداركها لو لم ينشغل كل فرد فينا بما سيحققه لنفسه أو لحزبه أو لجماعته بعد ثورة يناير، وللأسف.. ساعد فى حدوثها حالة الانفلات الأمنى التى مازلنا نعانى منها حتى الآن.
 
 
وعلى صفحات هذه المطبوعة تحديدا.. سبق أن نبهنا أكثر من مرة لضرورة التصدى لحالات الانفلات الأمنى فى سيناء، خاصة بعد انتشار العديد من الجماعات الإرهابية فى هذا الجزء الغالى من أرض مصر، لدرجة وصل معها الأمر إلى أن هددت هذه الجماعات صراحة بتكوين «إمارة إسلامية» على أرض سيناء تفرض فيها قوانين خاصة بهم دون غيرهم من بنى البشر ويطبقون فيها الشريعة التى يرتضونها، ولإثبات قوتهم وسيطرتهم وصحة ما يصرحون به قاموا بتفجير خط الغاز 61 مرة رغم التعزيزات الأمنية على الخط والتى كانت تعقب كل تفجير حتى وصل الحال بسيناء إلى أن أصبحت مركزا لإيواء هذه الجماعات ووكرا لعصابات تهريب السلاح وتخزينه وبؤرة لكل أنواع التجارة غير الشرعية ومن ضمنها الاتجار فى الأعضاء البشرية والتهريب دون رقيب أو حسيب، ولذلك لم يكن غريبا أن تنضم الجماعات الإرهابية إلى جماعات التهريب والعصابات، ففى وحدتهم قوة وجميعهم يسعون إلى تحقيق مبتغاهم بعيدا عن أعين الأمن التى ترهلت وذهبت مع الريح!
 
 
فلا يعقل مثلا أن يتعرض كمين «الريسة» الأمنى للهجوم أكثر من مرة ويقع فيه شهداء ومصابون من رجال الأمن دون أن يتحرك أحد ويدرك مدى الخطر الذى يداهم شبابنا وأهلنا فى سيناء.
والأغرب من الهجوم المتكرر على هذا الكمين بالذات أن إسرائيل نبهت قبل الحادث الأخير إلى وجود مخطط لجريمة إرهابية ستحل على سيناء وأيضا لم يتحرك أحد.. فى الوقت الذى خرج فيه علينا محافظ شمال سيناء «قبل إقالته» ليدلى بتصريحات يؤكد فيها أن الوضع آمن ومستقر ولا يوجد أصلا ما يدعونا للخوف.. مما يؤكد القول إن شعوبنا عادة لا تتحرك إلا بعد وقوع المصيبة!
 
 
وخيرا فعلت القوات المسلحة مؤخرا.. عندما قامت بحملتها العسكرية «نسر» لتطهير سيناء من هذا الميكروب الذى أصاب أغلى قطعة أرض فى مصر والتى سبق أن ارتوت بدماء الأجداد والآباء.. هذه الحملة نتمنى لها أن تستمر حتى نقضى تماما على موطن الداء من جذوره، لأنها إذا كانت حملة مؤقتة مثل باقى الحملات التى سبق أن شاركت فى عمليات ضد الخارجين على القانون، فسرعان ما سيخبو وميضها بعد فترة وتعود الحال إلى ما كانت عليه قبل هذه الحملات.
 
 
بدون شك نحن نقف مع الشعب الفلسطينى فى محنته وعلى استعداد تام لتقديم كل ما يلزمه سواء كان غاليا أو رخيصا، ولكننا أيضا لا يمكن أن نوافق على أن يتم هذا على حساب شعبنا ومصر التى قدمت للقضية الفلسطينية الكثير سواء بالدم أو بالمال لأجل دعمه ونصرته والذى يفوق فى مقداره كل ما قدمته الدول العربية مجتمعة.. ومن أجل هذا لابد من تدمير الأنفاق التى تربط بشكل غير شرعى بين سيناء وغزة، وتستخدمها المنظمات الإرهابية والإجرامية فى كل ما هو غير شرعى، فلم يعد يجدى القول إن هذه الأنفاق تخفف الضغط أو حتى تساهم فى رفع الحصار عن أهل غزة لأن أمن مصر هو الأهم الآن وفوق كل اعتبار، فمن الممكن أن تكون هناك مساعدات ومساهمات «لوجستية» تخفف هذا الضغط شريطة أن يتم هذا عبر الطريق الشرعى، ولن يكون أبدا عن طريق هذه الأنفاق التي بسببها استشهد شباب مصر وتعرض أمن بلدنا للخطر، فلم يعد مقبولا أبدا أن يكون هناك أكثر من 0061 نفق يهرب من خلالها «خير مصر وقوت شعبها» فى الوقت الذى لا يأتى من هذه الأنفاق سوى كل شر علينا وعلى بلدنا.
 
وحتى يتحقق الأمن والأمان لهذا الجزء المهم من أرض مصر لابد أن نقول إننا شبعنا من الكلام وكثرة الحديث عن المشاريع الخاصة بتنمية سيناء.. فجميعها مشاريع على الورق وتتردد بين الوقت والآخر عبر الميكروفونات دون أن يتحقق منها أى شىء على أرض الواقع.
 
 
تعمير سيناء وتنميتها يجب أن يحظى بأولوية خاصة لدى حكومة الدكتور هشام قنديل.. فبدون هذه التنمية ستظل هذه البقعة الطاهرة مأوى لكل إرهابى ولص وقاطع طريق ومصدرا لتهديد مصر وأمنها.
 
 
وأخيرا يبقى هناك سؤال لابد من طرحه والإجابة عنه وهو: إذا كانت هناك معلومات متوافرة لدى بعض الأجهزة الأمنية تؤكد وقوع الحادث قبل خمسة أيام من حدوثه وتم تقديم هذه المعلومات للجهات المسئولة فلماذا لم نتصرف لنمنع الحادث قبل وقوعه؟ فإن الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعرفها بكل تفاصيلها، وبشفافية تامة حتى تبرد نارنا ونار أهالى الشهداء مع ضرورة محاسبة من أهمل فى أداء واجبه وعرض مصر وشعبها للخطر.