الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الأمـن المفـقـود

الأمـن المفـقـود


فى برنامجه الخاص والمسمى ببرنامج الـ 001 يوم.. وعدنا الرئيس محمد مرسى عقب إعلان فوزه بمقعد الرئاسة بعودة الأمن للشارع المصرى بعد حالات الانفلات التى تفشت فيه عقب قيام ثورة 52 يناير، التى تمثلت فى أكثر من مظهر مثل زيادة حالات البلطجة وقطع الطرق والخطف والاعتداء المسلح على الممتلكات والأنفس.. حتى المستشفيات لم تسلم من البلطجة، وتم الاعتداء على الأطباء العاملين فى أقسام الطوارئ التى تستقبل مصابى الحوادث والحالات الطارئة التى تنشد الخدمة الطبية.
 

 
إعادة الأمن للشارع كما حدده الرئيس هدف لا يختلف عليه اثنان، ولكن الواقع يؤكد أن الأمن وحتى كتابة هذا المقال لم يتحقق، ومازال الشارع يعانى ويشهد العديد من أشكال العنف والبلطجة التى لم يعتد عليها مجتمعنا.. وما حدث مؤخرا فى «أبراج نيل سيتى» لخير دليل على ذلك، ولهذا لا يعنى تغيير وزير الداخلية بآخر فى الحكومة الجديدة أن الأمن قد عاد أو حتى فى طريقه للعودة.
 
ما أقوله ليس فيه أدنى تحامل على اللواء أحمد جمال الدين أو فيه تحيز لما قام به الوزير السابق محمد إبراهيم من جهود لإعادة الأمن، بل هو حقيقة أثبتتها الأيام، فرجل الشرطة الآن لا يجد من يقف بجانبه أو يحميه، وبما أن «فاقد الشىء لا يعطيه»، فإن عدم إحساسهم بالأمن لن يمكنهم أبدا من أن يقوموا بأداء واجبهم على الوجه الأكمل لتوفير الأمن للشارع أو للمجتمع عموما.. فى ظل وضع متدهور وأزمات تتعرض لها جميع قطاعات الدولة، وأصبح المجرم أو البلطجى يشعر أنه الدولة وبالتالى يطبق القانون الذى يعرفه ويجيد استخدام أدواته المتمثلة فى القوة واستخدام السلاح لتنفيذ جرائمه، وللأسف كل هذا يتم ولسان حال هؤلاء يقول إن البلد فى ثورة، وبالتالى أصبح كل شىء مباحا وكأن الجريمة تقنن على هوى المجرمين والبلطجية!
 

 
هذا المنطق تحديدا هو ما جعل البعض من المواطنين يلقون القبض على معتادى الإجرام والبلطجة للقصاص منهم بعيدا عن القانون والشرطة ورجالها ووصلت الحال إلى التمثيل بجثثهم طالما أنه ليس هناك من يحاسب.
 
إن عودة الأمن فى ظل هذا الوضع المتدهور ليست بالأمر اليسير وتتطلب تضافر جميع أجهزة الدولة بداية من الشرطة والمواطنين وصولا إلى رجال الدين والقانون مرورا بالمسئولين فى المحليات والأحزاب وجميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى، فبدون الأمن لن يكون هناك اقتصاد، وكما نقول «رأس المال جبان».. فإن أى رجل أعمال فى الدنيا لن يغامر بأمواله فى بلد ليس فيه أمن واستقرار.
 
بالطبع جميع من ينتمون لجهاز الشرطة يدركون مدى أهمية عودة الأمن الذى سيسهم بدوره فى نهضة الاقتصاد.. ولكن كيف يعود الأمن ورجل الشرطة يتم سحله فى الشارع على يد بلطجى كما حدث فى محافظة السويس، أو يتم الاعتداء عليه بالأسلحة البيضاء من قبل مجرم هنا أو بلطجى هناك، ووصلت الحال إلى قنص رجال الشرطة بالذخيرة فى الأكمنة الأمنية، الأمثلة عديدة لحالات التعدى على كل من ينتمى لهذا الجهاز الذى قدم لمصر العديد من شهداء الواجب منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن، وهذا دليل حى على تضحيات هؤلاء الرجال وحبهم لوطنهم، ومن أجل تكريم هؤلاء الشهداء والواجب الملقى على عاتق رجال الشرطة يجب علينا أن ندعمهم بكل قوة لأننا فى احتياج لهم ولمجهوداتهم.
 
ومن أجل دعم الشرطة وتوفير الحماية لرجالها.. على الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل السعى الدائم لوضع حلول جذرية لعمل الشرطة فى المرحلة المقبلة، لابد أن تبدأ من خلال الاهتمام بطالب كلية الشرطة، والمناهج التى يدرسها وتعليمه كيفية احترام المواطن والتعامل معه بطريقة لا تنتهك آدميته، حتى لو كان هذا المواطن من المحكوم عليه فى قضية ما، مع ضرورة الاهتمام برجل الشرطة واحترامه وعدم التهاون فى حقه إذا لحق به أذى من قبل أصحاب نظرية «أنت متعرفش أنا ابن مين»، التى نالت من عدد لا بأس به من رجال الشرطة الذين يؤدون واجبهم بكل أمانة.
 
صحيح أن كل مهنة تضم ما تفخر به ومن يسىء إليها، ولذلك علينا أن نقف بجانب من نفخر بهم ويقدمون الغالى والرخيص لخدمة وطنهم، وفى الوقت نفسه نطالب بالعقاب الرادع والسريع لمن يخالف ضميره وآداب وواجبات مهنته وإبعادهم عن مهنة تعد من المهن التى لا غنى عنها فى أى مجتمع مادام هناك الخير والشر.
 

 
إن عودة الأمن، والقضاء على حالة الانفلات الأمنى التى تعانى منها البلاد ضرورية بعد أن شعرنا جميعا بأهمية الشرطة والدور الذى تؤديه لتوفير الأمن شريطة أن يقف المجتمع بأكمله خلفها حتى نعيد هيبة الدولة التى نال منها البعض فى وقت من الأوقات، وأعتقد جازما أن هذه الرغبة تحديدا هى ما تسعى إليه الحكومة الجديدة لتحقيقها ونتمنى لها كل توفيق.
 
وبمناسبة الحكومة الجديدة لا يفوتنى أن أتوجه بالشكر إلى الحكومة السابقة برئاسة الدكتور كمال الجنزورى على ما قدمته من جهد وعمل فى وقت هرب فيه الكثيرون من تحمل هذه المسئولية الصعبة، وأخص بالذكر الوزيرة فايزة أبوالنجا التى تعرضت للكثير من الهجوم والنقد غير البناء حتى لو كان هذا الهجوم من بعض زملائها فى الحكومة نفسها، لكنها لم تلـتفت لهم واستمرت فى عملها دون كلل أو ملل.. حقا إنها سيدة بمقام مائة رجل.