الثلاثاء 5 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
فيلم لحسن الإمام!!

فيلم لحسن الإمام!!



ما أجمل تلك الأفلام «الأبيض والأسود» التى قدمها العظيم الراحل المخرج «حسن الإمام» وأهمها ثلاثية «نجيب محفوظ» «بين القصرين، قصر الشوق، السكرية» فكانت أفلام المرحوم «حسن الإمام» تتميز بالخلطة الشعبية المصرية، والمواقف المتباينة فى السيناريوهات، كانت تلك الأفلام فى الستينيات من القرن الماضى تحمل جزءا كبيرا من الثقافة المصرية والشعبية خاصة وحينما يأتى السيناريو بشىء غير معقول، فيكون تعليق المصريين «المخرج عايز كده» أى أن ما يريده المخرج هو النهاية المفروضة على المشاهد المصرى!! وجاءت فكرة أفلام الأبيض والأسود مطابقة لبعض المواقف الحياتية فى الساحة السياسية المصرية، خاصة ما حدث فى مصر عقب إزاحة رموز النظام السابق بخروج الرئيس «مبارك» من قصر الرئاسة وإعلان نائبه «عمر سليمان» تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وفرحة الشعب المصرى العارمة، بهذا الحدث التاريخى من، كان يصدق أن فى عمره سوف يرى نظام «مبارك» يسقط فى ثمانية عشر يوما!!
 
 
شىء من قبيل الخيال، أو إذا حدث فى سيناريو أحد الأفلام فلا شك سوف يستحق التشبيه بأنه أحد أفلام المخرج «حسن الإمام» لما فى هذا المشهد من الصعوبة بمكان أن يتحقق مثلما حدث يوم 11 فبراير 2011!!
 
 
ومع ذلك فإن حظ المصريين أحسن بكثير جدا من حظ «الليبيين والتوانسة» بل بالقطع أحسن ألف مرة من حظ «السوريين» والذين مازالوا يتساقطون فى الشوارع والميادين برصاص المدافع والدبابات والقناصة التابعة للقوات المسلحة السورية وتحت إشراف دولى محترم!! والعكس تماما، وقفت القوات المسلحة المصرية منذ مساء يوم 28 يناير 2011 أى فى ثالث أيام الثورة فور نزولها الشارع المصرى بجانب الثورة، حتى قبل أن يتخلى الرئيس السابق عن منصبه، وحتى بعد أن استلمت قرار النزول للشارع من الرئيس السابق، وعلى إثر هذا القرار اختفت قوات وأفراد جهاز الشرطة، حتى ممن يعملون فى الدفاع المدنى أو حتى المرور!! وتسلم الجيش مسئولية الأمن الداخلى ومنذ أن أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيانه الأول فى غياب قائده الأعلى «محمد حسنى مبارك» بأنه متفهم لطبيعة ثورة الشباب وحقهم المشروع فيما يطالبون به من «حرية وعيش وعدالة اجتماعية» بل الأكثر من ذلك أن القوات المسلحة المصرية لن توجه «رصاصها» أو «أسلحتها» ضد الشعب المصرى، أى أن الأمان كله لدى الشعب بأن قواته المسلحة معه وتسانده، وكانت هى الضربة القاضية للعهد السابق «الشعب والجيش إيد واحدة» وكان هذا هو الشعار الذى أعقب شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»..
 
اكتمل سيناريو الفيلم الأبيض والأسود واقتربت الحقائق حتى أصبح الفيلم بالألوان الطبيعية «سكوب» وظهرت المناظر والمشاهد الحية بالألوان، أعلام مصر وشباب مصر، وكل العواصم فى العالم أخذت تتابع هؤلاء الثوار والمتظاهرين الذين أسقطوا أعتى نظام أمنى فى المنطقة، ثم توجهوا إلى الميادين لكى ينظفوها ويزيلوا آثار التظاهر، ويقوموا بتلوين بردورات الشوارع، وغسل الواجهات والتماثيل الميدانية، انبهر العالم كله بشعب مصر بل امتدت هذه الظاهرة الحضارية إلى ميادين أخرى فى عواصم العالم مثل «مدريد، وروما، وبروكسل» بل وصلت إلى بعض الولايات فى «أمريكا» وخاصة فى واشنطن و«سياتل» حين اقتدى المتظاهرون بما حدث فى ميدان التحرير بالقاهرة وأصبح ميدان التحرير مطلبا للسياحة العالمية، وقد بدأت الوفود الرسمية فور وصولها إلى القاهرة بخصوص عمل دبلوماسى أو سياسى تبدأ الزيارة بميدان التحرير وشاهدنا رؤساء حكومات كثيرة أهمهم د. كاميرون رئيس وزراء بريطانيا وهيلارى كلينتون وزيرة خارجية أمريكا يجوبان الميدان الشهير، ولكن عدنا إلى الفيلم مرة أخرى «أبيض وأسود» وكأن المرحوم حسن الإمام لم يرغب فى سير الأمور بالألوان الطبيعية، لكى نصل إلى مشهد درامى، هو حتمية الاختيار للشعب المصرى، ما بين مشروعين كليهما فاشل، وغير مريح للمستقبل، مشروع «مرسى» ومشروع «شفيق» يا قلبى لا تحزن!!.