الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
موسم الهجوم على مؤسسات الدولة

موسم الهجوم على مؤسسات الدولة


 
نعم لا يجوز التعليق أو الاحتجاج على أحكام القضاء، لأن أى حكم قضائى عنوانه الحقيقة.. مع الأخذ فى الاعتبار بأن أى حكم قد يرضى عنه البعض وقد يرفضه أيضا البعض الآخر، ولهذا حدد القانون آلية الطرق التى من خلالها يمكن الطعن على الأحكام القضائية، هذه مبادئ أساسية لا يمكن التجاوز عنها فى أى عمل يتعلق بالقانون وأحكامه.
 

 
إلا أن ما حدث مؤخرا فى قضية محاكمة الرئيس المخلوع مبارك أخل بكل ما له علاقة بمبدأ عدم التعليق على أحكام القضاء، حيث سارعت النخب السياسية وعدد لا بأس به من أعضاء مجلس الشعب بالإضافة إلى بعض مرشحى الرئاسة الذين لم يحالفهم الحظ بمهاجمة الحكم والتعليق عليه، وانهال الجميع بمعاول الهدم على مؤسسة القضاء لمجرد أن محكمة تابعة لهذه المؤسسة أصدرت مثل هذا الحكم.. وأفتى كل ما ليست له علاقة بالقانون برأيه فى القانون وفى الحكم، حتى وصل الأمر إلى مهاجمة قضاة المحكمة صاحبة الحكم.. وألصق بالقضاء المصرى ما ليس فيه.
 
وهذا تحديدا ما جعل رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار «حسام الغريانى» يطلب من الجميع الكف عن التعرض للأحكام القضائية، مؤكدا أن ما جرى ويجرى من أحاديث وتعليقات تحت قبة البرلمان وفى وسائل الإعلام حول الحكم غير صحيح.. لأن هؤلاء لم يطلعوا على الحكم ولا على الأدلة والمستندات التى تم بمقتضاها إصدار الحكم، ولذلك ناشد رئيس مجلس القضاء الأعلى المعلقين على الحكم وخص بالذكر منهم نواب مجلس الشعب والإعلام بالارتفاع إلى مستوى المسئولية وإعلاء المصلحة القومية للبلاد، لأنه ليس من مصلحة أحد هدم مؤسسة القضاء التى تعد من إحدى مؤسسات الدولة التى لا غنى عنها.

 
المؤسف فيما جرى حول حكم مبارك وما تبعه من تعليقات واحتجاجات هو استغلال البعض ممن يطلق عليهم النخب السياسية لينالوا من هيبة القضاء وعمل دعاية لأنفسهم على حساب الوطن وأمنه واستقراره.
 
وللأسف مرة أخرى أن هذا يتم وفق خطة ممنهجة ومدروسة بدقة لإسقاط مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى ووفق أجندة معدة سلفا لإرهاب العاملين فى هذه المؤسسات وابتزازهم إذا لزم الأمر وجرهم إلى معارك مختلفة لإبعادهم عن أداء دورهم وعملهم الأساسى.. الغريب أن كل هذا يتم قبل جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة.
 
هذا الابتزاز المدروس والممنهج أوقع البعض من قادة هذه المؤسسات فى الفخ الذى نصب لهم، وهذا ما ظهر واتضح جليا فى المؤتمر الصحفى الذى عقده المستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر، حيث صدرت منه تصريحات ما كان لها أن تصدر منه خاصة فى هذه الظروف التى تمر بها البلاد، مثل عدم الموافقة على أى قانون أو تشريع خاص بالسلطة القضائية يصدر عن نواب مجلس الشعب الحالى، هذا بخلاف تصريحات وتعليقات أخرى ما كان لها أن تصدر أيضا حتى وإن كانت كرد فعل عما صرح به بعض نواب المجلس عن القضاء وأحكامه مثل تعاون بعض القضاة مع تجار المخدرات قبل إصدار الأحكام فى هذه القضايا ليسهل نقضها فيما بعد.
 
قليل من الهدوء والحكمة فى تناول الأمور كان لابد أن يعيد الثقة لمطلقى هذه التصريحات أو يفتى بآراء، ولكن بهذه الطريقة وبتلك التصريحات غير المسئولة الناتجة عن الفعل ورد الفعل سيصبح الحكم للشارع الذى تحركه أهواء وأغراض إعلامية وانتخابية وستسقط الدولة قبل أن يسقط القضاء واستقلاله، بعد انعدام بل وزوال مبدأ الفصل بين السلطات.
 

 
ألم ير القاصى والدانى مشهد بعض المحامين ومعهم أسر الشهداء وهم يهتفون بضرورة تطهير القضاء عقب إصدار المستشار أحمد رفعت أحكامه.. هل أعجبهم هذا المشهد وهل التدافع والضرب الذى حدث فى القاعة يرضى أحدًا؟
 
مؤكد هذا لا يعجب أو يرضى أحدًا، وهذا تحديدا ما سيعلمه الشعب حين تهدأ الأحوال فى البلاد وسيعرف وقتها من عمل لصالحه ومن حاول استغلاله لتحقيق أهداف وأجندات خاصة.
 
ومن القضاء إلى الإعلام يا قلب لا تحزن فقد سارعت نفس هذه القوى والنخب بمهاجمة الإعلام والصحف القومية واتهمتهم بعدم الحياد، فى محاولة منهم لإخضاع القائمين عليها لتلك الأجندة الخاصة التى تهدف لخدمة فصيل بعينه.. ونظرة سريعة إلى ما يجرى ويعد حاليا من قبل مجلس الشورى للمؤسسات الصحفية القومية لخير دليل على ذلك، مع إيمانى التام بأن التغيير مطلوب ومن سنة الحياة، ولكن الشروط والمعايير التى وضعها المجلس لاختيار رؤساء التحرير تفجر المؤسسات من الداخل وتؤجج الأحقاد بين الزملاء، فبعض هذه المعايير غير موضوعية ولا تليق بمهنة الصحافة مثل تقييم إنتاج الصحفى المتقدم لشغل المنصب وكذلك تقييمه سنويا فى حالة شغله للمنصب من قبل البعض سواء فى الأداء أو فى توزيع المطبوعة التى يشرف عليها، هذا بخلاف معايير أخرى تهدم ولا تبنى مثل شرط السن لشاغلي هذه الوظيفة ومثل عدم الأخذ فى الاعتبار وجود رؤساء تحرير فى هذه المؤسسات لم تحدد المعايير كيف سيكون وضعهم أم سيصبحون مثل خيل الحكومة.
 
معايير غير مفهومة وكان الأولى قبل وضعها الأخذ بيد هذه المؤسسات وتعويمها وانتشالها من العثرة المالية الشديدة التى تطوقها والتى لا ذنب للقائمين على هذه المؤسسات الآن فيها، فهذه العثرة أو العثرات متوارثة وتم السكوت عليها طويلا، ولكن لأسباب معلومة وغير معلومة تم إرجاء مساندة المؤسسات وبحث ملكيتها وأصبح الشغل الشاغل هو معايير اختيار رؤساء التحرير التى وضعها من لا يدرك حقيقة ما يدور داخل هذه المؤسسات، حتى وإن كان من ضمنهم من ينتمى لنقابة الصحفيين التى مازال نقيبها يهلل لهذه المعايير ويطالب بتطبيقها لأسباب بالتأكيد لا يعلمها سواه.
 
السيد الزميل نقيب الصحفيين يبدو أنك لا تعرف أن أغلب الزملاء ممن يتولون المسئولية فى المؤسسات القومية لا يرغب فى الاستمرار بموقعه، وما استمراره فى موقعه هذا إلا تقديرا منه للمسئولية الملقاة على عاتق أغلبهم فى هذه الفترة بالذات، وأعتقد مخلصا أن وجودك ضمن لجنة اختيار رئيس التحرير لأى مطبوعة قومية قد يحسب عليك ولا يفيدك ولا يفيد المهنة لأنه يجب عليك أن تقف على مسافة واحدة من كل الزملاء فأنت نقيبهم ولا يصح أن تفضل هذا على ذاك، وهناك كثر من شيوخ المهنة الذى يستطيع أن يقوم بهذا الدور.
 
السيد نقيب الصحفيين أعتقد أن دور النقابة يجب أن ينصب فى المحافظة على حقوق جميع الزملاء والارتقاء بمستوى المهنة عن طريق النقابة التى هى ملك لجموع الصحفيين ولن تكون أبدا ملكا لتيار معين، فى الوقت الذى يحاول فيه البعض السيطرة على مؤسسات الدولة وإخضاعها لسلطاتها، وهذا لن يحدث أبدا فى نقابتنا ولن نسمح بحدوثه كما لن تسمح أنت شخصيا به.