
محمد جمال الدين
مباراة كشف المستور!
انتهت مباراة كرة القدم بين الأهلى والزمالك بحلوها ومرها، فاز من فاز وانهزم من انهزم، الأمر عندى سيان ولا يهمنى من قريب أو بعيد، ولكن ما يهمنى وجعلنى أكتب هذه السطور هو ما كشفت عنه المباراة من مهازل وسقطات، وقع فيها الكبير قبل الصغير والمسئول وغير المسئول والرياضى وغير الرياضى، والضحية كان المجتمع الذى يعانى بشدة واختلط الحابل بالنابل ولم يعد هناك الكبير أو المسئول الذى يستطيع أن يعيد الأمور إلى نصابها قبل أن تقع الواقعة وتضاف إلى مجموع أزماتنا أزمة أخرى ولكن هذه المرة هى كروية وكادت أن تعصف بالسلم والأمن الاجتماعى الذى نسعى جميعا إلى تحقيقه.
مباراة مثلها مثل أى مباراة، ولكن سبقها عدم استطاعة اتحاد الكرة تحديد الملعب الذى ستقام عليه بحجة أن الأمن غير مستعد ولا يستطيع تأمين المباراة فى هذا الوقت وهى بالمناسبة الرسالة الأولى التى توجهها مصر للعالم الخارجى لأثرها المدمر على صورة مصر وعلى السياحة وهو ما لم يفطن له مسئولو الداخلية على الرغم من تضحياتهم الكبيرة وتوفيرهم للأمن ضد قوى الإرهاب الغاشمة.
بعدها يتقرر إقامة المباراة فى ملعب الجونة بالغردقة ولكن النادى الأهلى صاحب الحق فى إقامة المباراة يعترض على إقامة المباراة فى هذا الملعب لأسباب عديدة ذكرها فى بيان له، وتناسى مسئولو القلعة الحمراء أنهم كثيرا ما أقيمت مبارياتهم على نفس هذا الملعب ثم حددوا ثلاثة ملاعب يمكن لعب المباراة عليها، ولكن عدم الحصول على الموافقة الأمنية حال دون ذلك، فهدد مسئولو النادى بالانسحاب ولم يخرج مسئول فى الدولة يقول لهم «عيب»، ووقع رجال اتحاد الكرة فى «حيص بيص» فجميعهم لا يستطيعون أن يتخذوا موقفا ضد كبير العائلة الكروية بجماهيره الغفيرة وللأسف كل هذا يتم والمسئول الأول عن الرياضة فى مصر صامت ولا يحرك ساكنا حتى لا يتهم بالتدخل فى شئون الرياضة ويتم تهديده بوقف النشاط والاستقواء عليه بقوى من الخارج مثلما فعل خالد زين الرئيس السابق للجنة الأوليمبية المصرية.
ويتدخل طرف آخر فى الأزمة وهو رئيس نادى الزمالك فى محاولة منه لحل المشكلة كما قال ويجرى اتصالات ببعض المسئولين لإيجاد ملعب مناسب لإقامة المباراة لأنه صاحب مصلحة فى إقامتها وحتى يضمن الحصول على درع الدورى الغائب عن خزائن ناديه منذ فترة طويلة فيرفض مسئولو الأهلى تدخله ويبدأ إعلامهم فى مهاجمته وينشر كبير الأهلاوية تصريحا فى أحد المواقع بأن كرة القدم تدار فى مصر بالصوت العالى والبلطجة، وعقب ذلك تفتح مدرجات استاد التيتش لجماهيره التى أطلقت سيلا من الاتهامات والشتائم والسباب لرئيس القلعة البيضاء ولمسئولى اتحاد الكرة، حدث هذا فى وجود رئيس النادى الأهلى وبعض أعضاء مجلس الإدارة ولم يقل لهم أحد «عيب» أيضا، مما أدى إلى خروج رئيس الزمالك عن صمته وأطلق هو الآخر للسانه العنان فهدد وتوعد وتحدى مسئولى القلعة الحمراء بالضرب «بالجزمة» وهدد رئيسه تحديدا بالويل والثبور وعظائم الأمور وسباب من عينة «أمى وأمك» منددا باستخدام رئيس الأهلى لسلاح الجمهور مؤكدا أنه يستطيع أن يستخدم نفس السلاح مما يضع غالبية جماهير الكرة فى مواجهة مع بعضها البعض وأيضا لم يكن هناك من يقول له «عيب».. وكأن البلد ناقصة أن تضاف فتنة كروية إلى مجموعة الفتن التى يتعرض لها الوطن، هذا بخلاف مشاكل الإرهاب الذى تعانى منه مصر.
ملحوظة: رئيس الأهلى لم يكذب أو يؤكد ما نقل عنه فى الموقع الإليكترونى.
الحرب الكلامية بين كبير الزمالك وإعلام الأهلى وجماهيره وصلت إلى ذروتها والتهديد بالانسحاب أصبح أكثر جدية، وصمت اتحاد الكرة وخوفه من الأهلى وجماهيره ومن إنفلاتات لسان رئيس الزمالك وكذلك صمت وزير الرياضة حتى يؤكد حياديته أشعل الموقف أكثر.
فيقرر رئيس الوزراء عقد اجتماع عاجل لمناقشة الأزمة الكروية بدلا من بحث أمور أكثر جدوى وأهمية، وعقب الاجتماع يتقرر لعب المباراة فى استاد برج العرب بالإسكندرية والتى انتهت كما قلت بفوز من فاز وهزيمة من هزم ولكن الأهم أن الدولة رضخت لتهديدات نادى القيم والمبادئ، وأن تدخلها كان فقط لحل الأزمة لأن البلد مش ناقصة، وضمن رئيس الزمالك استكمال المسابقة حتى يضمن الحصول عليها فى المباراتين القادمتين بعد أن نغص عليه الأهلاوية فرحته وأضاعوا عليه فرصة الاحتفال بالدورى فى ذات المباراة التى كشفت لنا وللعالم عيوب الإدارة المصرية حتى ولو كانت فى كرة القدم.
ولجميع أطراف الأزمة الأخيرة أقول: جميعكم أخطأتم بداية من رئيس الوزراء الذى لم يتحرك إلا بعد استفحال الموقف وتقليب الجماهير على بعضها البعض وانطلاق السباب والشتائم والتقول على أم هذا وذاك من خلال الإعلام وملاعب كرة القدم وعدم فرض إرادة الدولة على الكبير قبل الصغير، وكذلك أخطأ وزير الرياضة عندما صمت والتزم الحياد وترك مسئولى اتحاد الكرة الضعفاء أصلا فى مواجهة غير متكافئة مع الكبار، متناسيا دوره السياسى الذى كان يحتم عليه التدخل، وكذلك أخطأ أيضا مسئولا الناديين عندما شعرا أنهما فوق القانون عقب إشعالهما للفتنة بين الجماهير، دون النظر للظرف الاستثنائى الذى تمر به مصر، وأخيرا أخطأت وزارة الداخلية التى أعلنت أنها لا تستطيع تأمين مباراة بدون جمهور، فما بالك إذا كانت المباراة بحضور الجماهير.
إذا كان هذا حال الكرة فى مصر وأمثال هؤلاء هم القائمون عليها فبلاها هذه الرياضة وبلاها مثل هذه الأندية التى تسعى لفرض إرادتها، فهى ليست عزبا أو تكايا يتصرف فيها مسئولوها كما يريدون، وعليكم فقط أن تتذكروا أن هناك دولة وقانونا لذا أطلب منكم أن تستريحوا وتريحونا.∎