الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حكومة تصدير الأزمات!

حكومة تصدير الأزمات!


بنجاح منقطع النظير استحقت حكومة المهندس إبراهيم محلب لقب «حكومة تصدير الأزمات»، على الرغم من الجهد الذى تبذله وزيارات رئيسها المفاجئة وغير المفاجئة لمؤسسات عديدة فى الدولة، إلا أن هذا الجهد شابه التسرع وعدم التوفيق أو بمعنى أصح التوقيت، وهذا تحديدا ما جعلها تنال هذا اللقب عن جدارة واستحقاق.
آخر الأزمات التى سببتها الحكومة تمثلت فى قانون الإرهاب الأخير الذى خرج للنور مبتورا، بل مشوها بفعل فاعل، أو لنقل بفعل ترزى لم يكن يملك أدواته بشكل جيد، ولم يراع أن قانونه هذا صدر بعد ثورتين شارك فيهما الشعب المصرى أملا فى غد أفضل.
قانون الإرهاب الأخير الذى انتظرناه جميعا للنيل من جماعات الإرهاب الخائنة لهذا الوطن، لم يرض عنه العديد من الأحزاب السياسية بعد أن وجدت فيه تعارضا واضحا مع بعض مواد الدستور، بالإضافة إلى تضمنه قيدا على الحريات، فى الوقت نفسه الذى رأت فيه الجماعة الصحفية - ممثلة فى نقابة الصحفيين - أن فيه قيدًا كبيرًا على حرية الصحافة، وكأن الحكومة لم تجد فى الصحافة سوى كونها «وحش كاسر» لابد من ترويضه حتى يخرج للحياة مستأنسا ينشر ما تريده ذات الحكومة، التى تناست عن قصد وعمد ما قدمته الصحافة فى الحرب ضد الإرهاب وما أفرزه من فاشية دينية تصدت لها الصحافة بكل جسارة، ووقع من بينها شهداء على يد من كان يقود البلاد وقتها.
ونفس هذه الصحافة التى يريدون اليوم تكبيلها من خلال القانون بوضع مواد سالبة للحريات هى من كشفت زيف وخداع قادة الإخوان مثلما كشفت أيضا بطولات شهداء الجيش والشرطة والوطن الذين تصدوا للإرهاب الذى حاولت أن تعمله فينا تلك الجهة الخائنة لدينها ووطنها.
بالمناسبة الصحافة المصرية لم تقل فى يوم من الأيام إنها مع الإرهاب، فهى ضده بكل قوة وتصدت له فى حينه وكشفت الممولين له، إلا أن هناك من يرى عكس ذلك فيصر على معاقبتها وكأن هناك «تار بايت» بين الحكومة والصحافة، تجلت شواهده فى تصريحات رئيس الحكومة بعدم مطالبة المؤسسات الصحافية بالديون القديمة لفترة حتى تستقر أمورها، وفى الوقت نفسه تقوم بعض الوزارات التابعة له بالحجز على بعضها، ثم تسارع وزارة أخرى تابعة له بتخفيض نسبة إسناد طباعة الكتاب المدرسى لهذه المؤسسات وزيادة نسبة المطابع الخاصة التى ينتمى بعضها بشكل أو بآخر للكيان الإرهابى الذى صدر بشأنه قانون الإرهاب وهو بالمناسبة أيضا القانون الذى تنصل منه المستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية ومقرر لجنة الإصلاح التشريعى فى حكومة المهندس محلب وتأكيده أن المسئول عن إصدار القانون بشكله الحالى هو وزارة العدل وليس وزارته، بعد استبعاد الحكومة للمشروع المتكامل لقانون الإرهاب الذى عكفت وزارته على إعداد مسودته النهائية.
حكومة تصدير الأزمات لم تكتف بوضع قيود على الصحافة لتثير أزمة بينها وبين المجتمع الصحفى، فقد  سبق أن صدرت العديد من الأزمات للرئيس السيسى نفسه حينما طالب بفرض ضريبة على أرباح البورصة، إلا أنها ألغت هذه الضريبة لخدمة سيادة المواطن الغنى «المتريش» وهى نفسها الحكومة التى تسير ببطء شديد، مما جعلها لا تستطيع التحرك بنفس مستوى سرعة الرئيس الذى يسعى هنا وهناك لحل مشاكل المجتمع، إلا أن الحكومة البطيئة لا تجد من سبيل للوقوف ضد هذا البطء سوى رفع الأسعار مثلما حدث مؤخرا فى زيادة أسعار السكك الحديدية، وفى هذا الشهر بالذات الذى يكتوى فيه الناس بزيادة أسعار كل شىء، وللأسف الضحية هنا غالبا ما يكون المواطن الفقير، فى الوقت الذى تتغاضى فيه عن الأغنياء الذين يعتدون ويخالفون شروط البناء على الأراضى التى استولوا عليها دون وجه حق.
حتى الاستحقاق الأخير وهو الخاص بالانتخابات البرلمانية فكرت الحكومة بين ليلة وضحاها فى تحصينها عن طريق وضع قانون يسمح باستمرار البرلمان واستكمال مدته حتى لو تعرض للطعن بعدم دستوريته، «مؤكدا أنه تم ذلك بمشورة أحد ترزية قوانين العهد السابق»، ثم عادت وتراجعت رغم أنها صاحبة الطلب لمهاجمة البعض له.
تخبط وقرارات وقوانين متسرعة وغير مدروسة بشكل جاد ولا تخدم سوى أصحاب المصالح وفلول العهد السابق التى رأت فى الصحافة العدو الذى يجب القضاء عليه والثأر منه لمواقفها السابقة فى فضح فسادهم القديم ونواياهم الحالية.
وإعمالا لدور الصحافة الوطنى أقول للحكومة الحالية إن عجلة الزمن لن تعود إلى الخلف، لذلك مطلوب منكم مراجعة أنفسكم وما تخرجون به علينا من قوانين لأن صحافة مصر تقف معكم ضد الإرهاب وتنادى بخلعه من جذوره وسننتصر عليه بإذن الله، ولكن ليس على حساب تكميم الأفواه بوضع مواد غير دستورية تنسف مبادئ ثورتين وتتجاهل الدستور الذى ارتضيناه ويمنع الحبس فى قضايا النشر إلا لأسباب محددة وحتى نقف جميعا حكومة وشعبا فى ظهر الرئيس السيسى الذى لا يدخر جهدا فى سبيل تقدم ونماء هذا الشعب، شريطة أن تكون لدينا حكومة تسير معه فى نفس الاتجاه.∎