
محمد جمال الدين
التعليم وسنينه!
فى البداية هناك سؤال لابد أن أطرحه على المسئولين لعلى أجد عندهم إجابة وهو: هل عندنا فى بر مصر تعليم حقيقى أم لا؟ الإجابة ستحدد لك عزيزى القارئ وبشكل واضح الغرض من كتابة هذا المقال، لأن ما يحدث فى مؤسساتنا التعليمية ليس له من مسمى سوى أنها «فوضى»، وهذا تحديدا ما يجعلنى أؤكد أن التعليم ذهب فى «سكة اللى يروح ما يرجعش».
دليلى على ما أقوله هو ذلك الخبر المنشور فى الجرائد حول حصول أكثر من 140 ألف تلميذ وتلميذة فى الصف الرابع الابتدائى على درجة صفر فى اختبار تجريبى للقراءة والكتابة، بالطبع جاءت مدارس الحكومة فى ذيل القائمة وتفوقت عليها المدارس الخاصة ومدارس اللغات.
الغريب فى الأمر أن نتيجة هذا الاختبار الصادم جاءت فى الوقت الذى يعكف فيه خبراء الوزارة على وضع خطط شاملة لتطوير المناهج، يراعى فيها التقدم الذى يحدث فى العالم، ولكن للأسف هذا التطوير لن يؤتى ثماره لأن طلابنا وفى أهم مرحلة من مراحلهم التعليمية لن يستوعبوه لأنهم فقدوا أهم شىء وهو عدم إلمامهم بالقراءة، وبالتالى لن ينفعهم هو أو غيره.
عقب نشر الخبر قرر وزير التعليم الدكتور «محب الرافعى» إجراء اختبارات تشخيصية لمدرسى اللغة العربية الحاصل تلاميذهم على درجات ضعيفة فى القراءة والكتابة ووضع برنامج علاجى لتحسين مستواهم، دون البحث عن الأسباب التى أدت إلى هذه النتيجة المفزعة، هل هى كثافة الفصول التى تجعل المدرس لا يستطيع متابعة جميع التلاميذ، أم السبب فى الدروس الخصوصية التى جعلت المدرس لا يهتم بما يقدمه من علم فى الفصول، أم انعدام الرقابة والمتابعة فى المدارس الحكومية، أم الفوضى التى نعيشها عموما التى أثرت على العملية التعليمية بشكل مباشر؟
إلى الآن لا يستطيع أحد أن يجزم أو يحدد السبب الذى أدى إلى هذه النتيجة التى تؤكد أن التعليم فى الصغر لم يعد كالنقش فى الحجر، لأن الهدف غير واضح، والاستراتيجية غائبة وغير محددة، بعد أن أصبح عندنا مناهج تدرس فى مدارس دون غيرها، فهذه خاصة وتلك لغات وأخرى دولية، وتلك مصاريفها بالدولار والاسترلينى وأخرى باليورو والين كمان إذا حبيت، والضحية فى النهاية أطفالنا الذين يتسربون إلى الشارع ليلتقطهم الفاسد والمجرم وتاجر الدين ويقع المجتمع فريسة لكل هؤلاء ومن قبل طلاب حاولوا أن يتعلموا، ولكن ظروفهم وظروف المجتمع لم تساعدهم.
وبمناسبة الحديث عن التعليم فقد فوجئت هذه الأيام بأخبار عديدة عن الاستعداد لامتحان الثانوية العامة من قبل مسئولى الوزارة التى من ضمنها طلب أجهزة استشعار عن بعد من الهيئة العربية للتصنيع لوضعها داخل اللجان للكشف عن الهواتف المحمولة للتصدى لظاهرة «الغش الإلكترونى» التى انتشرت فى السنوات الأخيرة، وزيادة فى الحيطة والحذر، قررت الوزارة أيضا توفير «عصى إلكترونية» للبحث عن أجهزة المحمول التى يستعين بها بعض الطلبة فى الغش، هذا بخلاف التفتيش اليدوى لضمان عدم تكرار ظاهرة الغش.
استعدادات جميلة وطيبة، ولكن بصفتى ولى أمر طالبة فى الثانوية العامة وبعد قراءة هذه الإجراءات، أيقنت أن ابنتى ليست مقدمة على امتحان، ولكنها مقدمة على معركة تسلحت لها الوزارة بكل الأسلحة الحديثة والقديمة، معركة استعدت لها الوزارة بأسلحة تستخدم فى المواجهات الأمنية وتأمين المقار المهمة، رغم أنه كان من الممكن أن تأخذ الوزارة كل هذه الإجراءات دون الإعلان عنها بهذا الشكل، حتى لا تساهم فى توتر الطلاب من «البعبع» الملقب بالثانوية العامة، والذى أدت سياسة الوزارة فى جعله «الشبح» الذى يطارد الأبناء والأهالى ليل نهار، والسبب فى ذلك راجع إلى «المجموع» ومكتب التنسيق الذى يذهب بابنك إلى هذه الكلية أو تلك، ولكن تحقيقا لمبدأ المساواة والعدالة وللقضاء على ظاهرة الغش، قررت الوزارة هذه الإجراءات، بعد أن أصبح المجتمع يعانى من الغش الذى تم تقسيمه مؤخرا وحسب ما يصرح به مسئولو الوزارة أنفسهم إلى غش تقليدى وآخر إلكترونى وقريبا وفى الطريق سيكون لدينا غش حلزونى، وجميعها أنواع من الغش سنعتاد عليها مع الوقت، إلى أن تنجح خطة الوزارة فى مجابهة الغش، وبعدها ننظر إلى امتحانات القراءة والكتابة وتطوير مناهج التعليم وهل تدرس فيها تاريخ الغزوات، والفتوحات الإسلامية، أم نكتفى بتدريس اللغات الأجنبية والرسم بعيدا عن النحت والتماثيل، أم نطبع الكتابة على C.D ونلغى الورقى، وعموما كله فى النهاية تطوير.∎