الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
زيارة النور.. المرفوضة!

زيارة النور.. المرفوضة!


فوجئت كما فوجئ غيرى بالزيارة التى قام بها قادة حزب النور لوزارة التربية والتعليم، وطالبوا فيها الوزير «محب الرافعى» بتطوير المناهج مع ضرورة إعادة دراسة قصص وتاريخ الأبطال الإسلاميين، لأن حذفها يعد مرفوضا بالنسبة لهم، معتبرين أن الوزارة من وجهة نظرهم تعمل على طمس الهوية الإسلامية من المناهج، وأن ما تم حذفه فى هذا الشأن ليس له من مبرر سوى إرضاء الغرب، وعقب ذلك قدم قادة الحزب خطة متكاملة لتطوير المناهج التعليمية.


انتهت الزيارة بما لها أو عليها، وكان من الممكن ألا تشغل بال أحد، لأنها أولا وأخيرا ليست سوى زيارة ودية، طرحت فيها وجهة نظر ليست ملزمة للوزارة فى شىء، ولكن التساؤلات التى أثارتها الزيارة من قبل المتابعين والمهتمين بنشاط الحزب السلفى، جعلت منها أكثر من زيارة، خاصة بعد أن اتضح الاهتمام الزائد عن الحد «من قبل الحزب» بالتدخل فى العملية التعليمية، والذى انكشفت بوادره الأولى فى السعى الدائم لرئاسة لجنة التعليم وقت «اقتسام الغنائم» فيما بينهم وبين قادة الجماعة المحظورة التى تولت أمور البلاد فى وقت سابق، وسيطرت حينها على مجلس الشعب الذى كان يترأسه الكتاتنى، الذى بحمد الله تم حله فيما بعد»، معتبرين فى ذلك أن السيطرة على التعليم تتيح لهم فيما بعد السيطرة على مصر اعتمادا على مقولة «إن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر»، وتطبيقا لنظرية النفس الطويل فى الوصول إلى عقولنا من خلال أطفالنا بحشو عقولهم بالجهل والتخلف والأفكار الظلامية.
يبقى السؤال الذى يطرح نفسه بقوة عقب الزيارة وهو: ألم يكن بوسع قادة النور الانتظار حتى يتكون البرلمان ومن خلاله يقومون بطرح خططهم الخاصة بالتعليم، وقتها يكون الأمر مقبولا، أما الآن وأنتم لستم سوى حزب من الأحزاب «لا يعرف عامة المصريين أهدافكم»، الموجودة على الساحة السياسية فليس لكم الحق فى طرح ما تريدونه وإلزام الحكومة بتنفيذه، لأنكم فى النهاية لستم أوصياء عليها، كما أن هذه الحكومة لها خطط محددة تسعى لتحقيقها، من بينها التعليم بالطبع.
ثم نأتى إلى الأهم وهو الخاص بحديثكم عن التطوير، فهل هو التطوير الذى فيه ستعلمون أولادنا عدم احترام علم بلدهم وإلغاء تحيته؟ وهل ستعلمونهم عدم الوقوف باحترام عند عزف السلام الجمهورى؟ أرجو ألا تستغربوا، فنوابكم فى المجلس السابق «غير المأسوف عليه» فعلوا ذلك، واعتبروا الأمر كأنه «رجس من عمل الشيطان»!
وهل ستتضمن خطط تطويركم ترك التلاميذ لحصصهم عند رفع الأذان وإطلاق اللحى والشارب، ومنع المدرسين الأقباط من التدريس؟ بالطبع خطط التطوير ستعطى الحق للأساتذة فى فرض الحجاب على البنات، وإلا سيكون «مقص» الحلاق فى يد كل أستاذ هو المصير المحتوم للبنت غير المحجبة!
وهل التطوير يعطيكم الحق فى إلغاء دراسة اللغات الأجنبية التى تعد بالنسبة لكم ولأمثالكم بجريمة لأنها تبعدنا عن فهم ما يدور فى وطننا، بالإضافة إلى أنها تبعدنا عن فهم ديننا.
وهل التطوير الذى تتحدثون عنه سيقوم على «سلفنة» المناهج التى بالتبعية يجب أن تتضمن توصية بعدم تهنئة الأقباط بأعيادهم؟ وهل ستلغون حصة الرسم لأنه حرام مثلما حرمتم رؤية التماثيل «العريانة» التى تثير الغرائز؟ وهل التطوير سينحصر فى النصف الأسفل من الجسم أم سيكون للجسم كله؟!
المؤسف فى هذه الزيارة أيضا الذى لم أجد له تفسيرا سوى أنها انتهازية لحصد أكبر نسبة من المكاسب، تجلى فى تصريح أحد أعضاء الوفد حينما قال: «إن تطوير المناهج له دور كبير فى الحفاظ على النسيج المجتمعى»، الذين تعدون أول من حاول تمزيقه، بل حرقه عندما أفتيتم أنتم وقادتكم بتكفير الأقباط المصريين.
ثم تعودون وتقولون إن المناهج أثارت استياء المصريين، وعند هذا تحديدا أقول نحن لم نفوضكم لتتحدثوا باسمنا، والحديث بالوكالة الذى تتبنونه انتهى زمنه وأوانه، ومحاولة فرض شريعتكم علينا لن تجدى، بعد أن صنفتم الشعب ما بين علمانى وإجرامى، وعلينا نحن أن نختار ما بين شريعة القاعدة أو شريعة داعش، أو شريعة الغاب التى حاول أن يستخدمها معنا من تحالفتم معهم وحشدتم خلفهم وشاركتموهم فى المقطم ورابعة، فأنتم لستم سوى الوجه الآخر لجماعة الإخوان الإرهابية، التى تعمل القتل فى أولادنا، وتحرق وتدمر وتحاصر الآمنين فى منازلهم.
السادة أعضاء وقادة حزب النور والتابعون لهم، مناهجكم المزعومة مرفوضة «لأنها ليست خالصة لوجه الله» مثلما رفضكم الشعب عندما تحالفتم مع الجماعة إياها، وسيرفضكم مستقبلا لأنه ينتظر البناء والرخاء، لا الهدم والخراب.∎