
محمد جمال الدين
«برهامى».. كمان وكمان!
مازال «الطبيب المتسلف» مصرا على أن يثير اللغط حوله وحول فتاواه التى يصدرها لنا بين الحين والآخر، معتقدا أن ما يقوله وسيصرح به سيكون له تأثير على الحياة السياسية ومردود فعال فى الشارع المصرى.. آخر ما صرح به كان فى حواره مع الزميلة الأخبار الذى قال فيه: «فيما يخص ترشيح الأقباط على قوائم حزب النور بأنهم ملتزمون بحقوقهم التى منحها لهم الدستور»، ثم عاد وقال: «رغم عدم رضانا عن ذلك، مثلما نحن غير راضين عن قوانين كثيرة أخرى».
إلى هنا يجب أن نتوقف أمام ما قاله «ياسر برهامى» غير الراضى عن ترشيح الأقباط على قوائم حزبه لولا الدستور الذى منحهم ذلك.
والسؤال هنا الموجه له ولأمثاله من قادة حزبه ودعوته السلفية: أليس الأقباط مواطنين مصريين لهم وعليهم مثلما على المسلمين؟ والا سيادته يعتبرهم مواطنين درجة ثانية، لا يستحقون عناء الانضمام لحزبه «الميمون»، ولولا الظروف وحكم الاضطرار لما سمح لهذا الأمر أن يكون أبدا.
هذا الرأى لصاحبه «برهامى» لا يبدو لى غريبا، فقد سبق له أن أفتى من قبل بعدم تهنئة الأقباط بعيدهم، وزيادة فى الغلو طلب منا نحن معشر المسلمين بعدم السلام عليهم، ولكن فى سبيل كسب صوت أو مقعد برلمانى تنازل عن فتواه وقرر التعامل معهم وترشيحهم على قوائم حزبه وكأن لسان حاله يقول: العيب ليس عليه، وإنما على الدستور الذى أجبره على التعامل معهم، ولكنها الانتهازية السياسية التى لا مفر منها وصاحبة تبرير أى موقف.
ثم يعود «المتسلف» الذي لا أنفى عنه صفة الطبيب باعتباره خريج كليات الطب ليصدمنا مرة أخرى وفى الحوار نفسه يقول: مثلما لم يكن راضيا عن ترشيح الأقباط على قوائم حزبه فإنه لم يكن راضيا أيضا عن ترشيح المرأة، لأنه لا يؤيد ترشيحها لتولى مناصب تكون لها صلاحية ولاية عامة على الجميع، ثم يعود ويقول مرة أخرى: إن من حقها المشاركة فى مجال العمل السياسى وإن كانت مشاركتها فى الانتخابات داخل الحزب اختيارية، وليست ملزمة لها، وإن شاركت لا يجوز لها أن تعلق لافتات تتضمن صورتها ووجهها مكشوف، لأنهم من وجهة نظره غير مضطرين إلى أن تعلق صور مرشحات الحزب على اللافتات الانتخابية، ومطلوب منا نحن جموع الناخبين أن نرشح قائمة الحزب التى تضم هذه السيدة أو تلك لمجرد أنها عضوة فى قائمة الحزب الذى ينهى عن وضع صورتها وهى مكشوفة الوجه لأن قادته من وجهة نظرهم سواء كانت الدينية أو غيرها لا تستحق هذا الشرف.
وللمرة الثانية هذا الرأى أو الفتوى سمّها كما تشاء عزيزى القارئ ليست مستغربة بالنسبة لى أيضا، فحقوق المرأة عند «الطبيب المتسلف» قد تكون مهضومة أو غير موجودة أصلا، وإلا بماذا نفسر آخر فتاواه عند إجابته لسؤال موجه إليه من قبل إحدى السيدات على موقع جماعته، الذى طلبت فيه رأيه عما إذا كان يحق للمرأة رفض طلب زوجها بمعاشرتها إذا كانت حالتها النفسية لا تسمح بذلك، أو لسبب إرهاقها البدنى، المفاجأة أن رد برهامى على سؤال سيدة بأنه «حرام، حرام، حرام»، فحالة الزوجة النفسية أو إرهاقها بدنيا ليسا سببا فى امتناعها عن إعطاء زوجها حقه الشرعى، وأن للزوج الحق فى إتيان زوجته متى يشاء.
«الطبيب المتسلف» لم ير فى فتواه إهانة للمرأة أو لكرامتها وكأنها ليست إنسانة، وإنما هى حيوانة يأتيها الذكر متى «ألحت» عليه رغبته، وتناسى الرحمة والمودة التى تجمع بين الزوج وزوجته، وحتى لا تتحول العلاقة الحميمة بينهما إلى حالة من النفور التى تؤدى غالبا إلى إصابة المرأة بالعديد من الأمراض النفسية والعضوية التى قد تنهى الزواج من أساسه فى كثير من الأحيان.
إذا كان هذا تفكير ورأى «برهامى» فى المرأة فلا عجب بأن يمنع صورها على لافتات الحزب الذى يطالب المرشحين بالتصويت له فى الانتخابات البرلمانية القادمة بعد أن أهان واستباح كرامتها فى فتاواه التى تحط من شأنها، ثم عاد وأهال التراب على المواطنين المصريين المسيحيين وتناسى عن قصد حكم الإسلام فى معاملة غير المسلمين.. ولكنها «الانتهازية السياسية» التى يجب أن نحذر منها جموع الناخبين حتى لا يقعوا فريسة لبرهامى وأمثاله، الذين سبق وأن قال أحدهم أن مشاركة المرأة والنصارى غير جائزة فى الانتخابات، ولكن لجأنا لذلك عملا بقاعدة ارتكاب المفسدة الصغرى لدفع المفسدة الكبرى.
لذلك لا يسعنى سوى أن أقول: لله الأمر من قبل ومن بعد.∎