
محمد جمال الدين
شطحات برهامى!
أمران لا ثالث لهما كانا سبب إعادتى لكتابة مقال جديد بدلا من المقال الذى انتهيت من كتابته، وكنت أنتوى تسليمه لرئيس التحرير، فكلا الأمرين أراهما من وجهة نظرى خطرا، ولذا رأيت من واجبى أن أحذر منهما، لأن ما تتعرض له مصر حاليا من جراء إرهاب وقتل وتفجيرات على يد جماعة إرهابية تدعى أنها تطبق الإسلام وهو منها براء، لا يمكن تسميته بالإسلام وإنما هو إرهاب وجرائم أفظع بكثير مما تفعله داعش، يستحق منا جميعا عناء الكتابة عنه وفضحه وعدم التهاون معه.
الأمر الأول فوجئت به عند تصفحى لأحد مواقع التواصل الاجتماعى، وهو عبارة عن فيديو يقال إنه قديم، ولكنى لم أشاهده من قبل «للطبيب المتسلف» «ياسر برهامى»، أحد قيادات حزب النور والدعوة السلفية المعروف بشطحاته وفتاواه يصف فيه إخوتنا الأقباط بأنهم أقلية مجرمة ومعتدية وكافرة وتعتدى على حق الأغلبية المسلمة.
«كلام طائفى مجرم، يفرق ولا يوحد بين أبناء الشعب الواحد»، ثم يعود الطبيب المتسلف ويقول عن المسيحيين إنهم إخواننا النصارى «الكفار» ويصحح بقوله إخواننا فى الوطن والإنسانية، وهذا ما يدعوه ينصحهم للتحرر من سلطة الكنيسة التى لا تسمح لهم باختيار دينهم.
كلام غريب وغير مفهوم من قبل رجل «يدعى الحكمة والموعظة الحسنة»، ولا يندرج سوى تحت بند الإرهاب الفكرى لإخوتنا فى الوطن، الذى سعت قيادات حزبه لضم بعضهم على رأس قوائمهم الانتخابية، تطبيقا للمبدأ المكيافيلى «الغاية تبرر الوسيلة»، المهم الحصول على مقعد فى البرلمان، وبعدها يحلها الحلال».. انتهازية واضحة لا لبس فيها ولا تحتاج إلى خداع أو مواربة وتكشف عن كم الأنا المتضخمة لديه ولدى باقى قيادات حزبه.
وللمعرفة والعلم فهؤلاء قادة حزب النور وبرهامى ومريدوهم، هم أول من تخلوا عن مواقفهم التى تتغير بين ليلة وضحاها ويناصرون ويؤيدون الباطل عندما يكون فى صالحهم، وهذا معروف للقاصى والدانى، اللهم إلا من بعض ممن مسحت عقولهم ويصدقونهم حتى الآن.
شطحات «برهامى» لم تكن مستغربة بالنسبة لى ولغيرى ممن يعملون العقل ويعرفون دينهم على الوجه الصحيح، فلقد سبق له أن شطح من قبل كثيرا، ويكفى فتواه عن صحة ترك الزوج لزوجته عندما يتيقن أنه سيقتل إذا حاول الدفاع عنها فى حالة إذا ما تعرضت للاغتصاب! فتاوى ليس لها من دون الله كاشفة ولا تستحق التعليق، لأنها فى النهاية ليست سوى شطحة من شطحات هذا الطبيب المتسلف التى يخرج بها علينا بين الحين والآخر ليضحك بها على البعض ويتعجب لها البعض الآخر.
وبعد كل هذا تجد مثل هذه الفتاوى طريقها للعلن عن طريق الإعلام غير المسئول ومنابر المساجد التى حصل الطبيب المتسلف على رخصة من وزارة الأوقاف للخطابة فيها وهو أيضا أمر مستغرب.
الأمر الثانى.. كشفه لى الزميل «أيمن غازى» فى العدد الماضى من مجلة «روزاليوسف» فى تقريره الذى نشره فى ثنايا التحقيقات التى أجرتها لجنة التحفظ وحصر وإدارة أموال الجماعة الإرهابية عن تورط وزير التعليم السابق «محمود أبوالنصر» بالمشاركة المالية والإدارية فى عدد من المدارس التابعة لجماعة الإخوان، كما ظهر اسمه ضمن أعضاء مجالس إدارات بعض هذه المدارس عن طريق المشاركة المالية، وفى بعضها عن طريق المشاركة الإدارية.. وهذا ما يفسر لى على الأقل حالة التباطؤ التى كان عليها الوزير بشأن التحفظ على بعض المدارس التى أثبتت الجهات الرقابية أنها تابعة للجماعة الإرهابية.
السؤال هنا: كيف تغافلت الأجهزة الرقابية فى الدولة عن مشاركة رجل بدرجة وزير فى أعمال جماعة إرهابية تحارب الدولة جهارا نهارا وسمحت له بذلك؟!
سبق للأجهزة نفسها أن تغافلت عن منح الوزير عملات ذهبية لبعض مندوبى وزارة التربية والتعليم بحجة أن هذه المنح من ماله الخاص، وللأسف تغافلت نقابة الصحفيين أيضا عن دورها فى التحقق من هذه الواقعة التى تندرج تحت قائمة الرشوة على الأقل من وجهة نظرى.
مشاركة الوزير فى أعمال الجماعة إياها تجعلنى أؤكد أن الوزارة تضم العديد من المنتمين لهذه الجماعة، مما يستدعى البحث عنهم بكل دقة وإبعادهم عن العملية التعليمية لخطورتهم على الأمن القومي، حتى لا نفاجأ بمن يقص «خصلة» من شعر فتاة فى خامسة ابتدائى لعدم وضع «طرحة» فوق رأسها، أو بمن يعد مناهج تحض على العنف وكراهية الآخر، وأخيرا حتى لا نفاجأ بشطحة من شطحات مثل هذا البرهامى.∎