
رفيق جريش
الرئيس السيسى فى ضيافة البابا فرنسيس
كان لقاء قمة عظيما وجميلا ودافئا هذا الذى جرى فى الفاتيكان يوم 24 نوفمبر 2014 سيكتب فى التاريخ، فقد تلاقت إرادتا الرئيس السيسى وقداسة البابا فرنسيس على هدف واحد وهو إجراء مقابلة بينهما.
ورغم أن البرنامج المبدئى لزيارة السيد الرئيس لإي
طاليا لم يكن يتضمن فى الأساس لقاء قداسة البابا، بالإضافة إلى أن قداسة البابا كان سيسافر إلى ستراسبورج لحضور جانب من لقاءات البرلمان الأوروبى، ثم بعدها بثلاثة أيام تركيا، وكان الوقت بالفعل لا يسمح بحدوث اللقاء، ولكن عندما تتصافى النوايا يتلاقى العمالقة فقام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة للفاتيكان والتقى فيها مع قداسة البابا فرنسيس وعقب مراسم الاستقبال الرسمى، عقد الرئيس جلسة مباحثات مغلقة مع البابا فرنسيس اتسمت بالمودة والتفاهم، عبر خلالها البابا عن قناعته بسماحة الدين الإسلامى وقيمه النبيلة، مؤكدا أن الممارسات التى تقوم بها بعض التنظيمات المتطرفة لا تمثل على الإطلاق قيم ومبادئ هذا الدين، ودعا بابا الفاتيكان إلى استئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان عن طريق إعادة تفعيل لجنة الحوار المشترك مع الأزهر الشريف للبناء على القواسم المشتركة التى تنطلق منها الديانتان والتى يمكن البناء عليهما لتعزيز التعايش المشترك بين الشعوب وتدعيم جهودهما فى مواجهة الأفكار المتطرفة، وقد تساءل البعض: لماذا هذا اللقاء وفائدته؟
ولكن بالعودة إلى تاريخ العلاقات بين مصر والفاتيكان والتى تمتد إلى أكثر من ستين عاماً نجد أن كثيراً ما كانت وجهات النظر بينهما متطابقة، فحديثا كلا الطرفين يريد إخماد نار التطرف والإرهاب وعواقبه من نزوح سكان واغتصاب أرضهم وسبى بناتهم حتى يجد العالم سلامه دون تهديدات إرهابية تقلق سكانه، أما فيما يخص القضية الفلسطينية فمصر والفاتيكان يعملان ويشجعان على حل الدولتين لإنهاء الصراع العربى - الإسرائيلى وعودة السلام فى تلك الأرض المباركة. فمصر لما لها من ثقل دولى وحضارى وتاريخى وبابا روما لما له من ثقل دينى ودبلوماسى وتاريخى أيضاً يستطيعان أن يوحدا جهودهما لخير الإنسانية جمعاء، وهذا ما سيعملان سوياً من أجله.
أما محلياً فالكنيسة الكاثوليكية المصرية بكنائسها السبع رغم قلة عددها مقارنة بعدد السكان فإنها كنيسة خادمة للمجتمع فهى معروفة بمدارسها (170 مدرسة) وقد تخرج فيها كثير من رجال مصر، ومنها ما هو متخصص فى التعليم الفنى، إضافة إلى الجمعيات التنموية والتكوينية والخيرية فهى تعتنى بالإنسان أيا من كان دون تمييز فى الدين أو الجنس أو اللون أو الحالة الاجتماعية.
ومع قراءة صور اللقاء بين قداسة البابا فرنسيس والسيد الرئيس السيسى نجد الابتسامات والنظرات المتبادلة بين الرئيس والبابا تشع منها طاقة إيجابية على من ينظر إليها، ولا عجب فالاثنان يهتمان بالبسطاء والفقراء، والاثنان يعملان من أجل التضامن معهما، والاثنان يريدان الارتفاع بهما، والاثنان يدعوان للعدالة الاجتماعية، والاثنان يريدان سلاما لفلسطين وحل الدولتين، والاثنان يريدان تقليص الإرهاب فى العالم فلندعو من أجل نيتهما ومن أجل رفعة مصر.
تحية لكل من ساهم فى نجاح هذا اللقاء منهم الأب يؤنس لحظى سكرتير قداسة البابا فرنسيس وهو مصرى، وهو الذى قام بالترجمة بينهما، وسفارة مصر بالفاتيكان بقيادة السفيرة وفاء بسيم وشباب الدبلوماسيين العاملين معها والسيد الوزير منير فخرى عبدالنور وزير التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة على حماسه للزيارة، وكذلك السيد وزير الخارجية سامح شكرى الذى تحدث بالإسبانية مع قداسة البابا لغة قداسته، فقد كان حقاً لقاءً جميلاً فكلل بالمحبة والنجاح. ∎