
محمد جمال الدين
سنة أولي برلمان
محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 28 - 01 - 2012
لم يعد خافياً علي أحد أن جموع الشعب المصري تنظر الآن إلي نواب الشعب الذين يمثلونه حالياً في البرلمان وينتظر منهم ما سيقدمونه لهم وللأمة بعد أن فاض بهم الكيل وأصبحت جميع أنواع الأزمات ضيفاً دائماً في منازلهم، ولكن بعد ثورة 52 يناير وانقشاع الغمة بسقوط نظام مبارك أصبح لدي أبناء شعب مصر أمل في معيشة وطموح أفضل، بل إن سقف الطموح زاد لدي أغلبهم حيث كان مجرد التفكير في أي نوع أو مستوي أفضل رجساً من عمل الشيطان.
ولهذا ومن أجل تحقيق هذا الأمل أو حتي القليل منه فإنني انبه ومن الآن من غضبة المصريين في حال تفرغ أعضاء مجلس الشعب لتحقيق مكاسب شخصية تصب في صالح هذا التيار أو غيره من التيارات الأخري، فمطلوب من جميع الأعضاء العمل لصالح مصر ولا شيء غير ذلك، ففي هذا ضمان لهم ولمصر من تخطي العثرة التي تمر بها البلاد حالياً لأنهم إذا تفرغوا لغير ذلك سيكونون هم أول أهداف التنشين من قبل الشعب ولن تقوم لهم قائمة مرة أخري ولأن البداية التي استهل بها المجلس مسيرته لم تكن موفقة نوعاً ما مما جعلها عرضة للمقارنة فيما بينها وبين بداية المجلس السابق في عهد نظام المخلوع التي كانت تتميز بالانضباط، علي اعتبار أن كل عضو من أعضاء المجلس في ظل هذا النظام كان يعرف حدود الدور المرسوم له ولم يكن مسموحاً الخروج عنه تحت أي سبب من الأسباب.
لذلك لم يعجبني ما حدث في جلسة الإجراءات من خروج عن النص لبعض النواب وافتعال أزمات لا مبرر لها مثلما حدث في أداء القسم عندما أضحت جملة «ما لم يخالف شرع الله» تتردد في تزايد لا مبرر له، ولكن تظل إضافة الصديق ممدوح إسماعيل هي اللافتة للنظر حينما قال في نهاية أداء القسم جملة «أنه لن يحترم الدستور أو القانون إذا كان مخالفاً لشرع الله» فدخل في مناقشة حادة مع الدكتور محمود السقا رئيس الجلسة الذي رفض أداء القسم مقترناً بما أضافه ممدوح واحتد النقاش بينهما وتكهرب الجو دون داعٍ، وبالطبع تبع ممدوح في ذلك بعض النواب.
والسؤال هنا يطرح نفسه: هل الأعضاء الذين لم يذكروا جملاً في نهاية أداء القسم مثل التي رددها ممدوح إسماعيل وغيره من النواب يخالفون شرع الله أم سيلتزمون به.. بالتأكيد لا نحن ولا باقي أعضاء المجلس سيخالف شرع الله ولن نسمح به.
وكما خرج عن النص بعض الأعضاء المنتمين لتيارات دينية ولم يلتزموا بأداء النص كما هو محدد خرج أيضاً من يقول في بداية أو نهاية القسم جملاً مثل المحافظة علي حقوق الشهداء ومطالب الثورة.
بداية تدل علي الفرز وتحديد المواقف علي طريقة «ذبح القطة» التي نذكرها في بعض أمثالنا الشعبية.. المؤسف هنا أن تحديد المواقف يتم علي حساب الشعب الذي انتخب هؤلاء النواب، علماً أن شرع الله مصان ولا يجرؤ أحد علي مخالفته وكذلك حقوق الشهداء والثورة مصانة أيضاً وهذا ما أكده المجلس بدليل تشكيله للجنة برلمانية لتقصي الحقائق في الأحداث الخاصة بالشهداء ومصابي الثورة.
وكذلك لم يعجبني نواب حزب الحرية والعدالة عندما استهجنوا ما طالب به العضو عصام سلطان «الوسط» عندما طالب بضرورة تقديم نفسه قبل الشروع في إجراءات انتخابات رئيس المجلس، حيث علت الأصوات دون أدني مبرر وخرج من يقول إن هناك من يريد تحقيق بطولات زائفة.. عن أي بطولات نتحدث ونحن لم نبدأ بعد والحقيقة أن تقديم المرشح لنفسه كان ضرورياً في ظل هذا البرلمان تحديداً لأنه يجمع أطيافاً شتي وأغلبهم حديث العهد في التواجد داخل المجلس كما أنهم لا يعرفون بعضهم البعض وبالتالي لم تكن هذه الجلبة والشوشرة موفقة من جانب نواب الحرية والعدالة خاصة أنه بعد تدخل النائب مصطفي بكري سمح لكل مرشح للرئاسة أن يقدم نفسه.
لم يعجبني انسحاب نواب الوفد والمصريين الأحرار وبعض المستقلين من التقدم للترشيح في لجان المجلس النوعية بحجة أن أعضاء الحرية والعدالة أصبحوا مثل أعضاء الوطني «المنحل» حينما كان يسيطر علي مقاليد الأمور داخل المجلس حيث خرج بعضهم ليؤكد أن التوافق الذي يتحدث عنه أعضاء الحرية والعدالة غير موجود، ولهؤلاء أقول إن الشعب لم ينتخبكم كي تنسحبوا في بداية المشوار وكان الأجدر بكم مواجهتهم وحشد الأعضاء لصفكم، وأقول لكم إن هناك أكفاء منكم تم استبعادهم فهذا تحديداً جعل ممثل الحرية والعدالة يرد عليكم بأنه لا يليق أن تقولوا ذلك فجميع الأعضاء أكفاء وليس أنتم فقط فسحب السجادة من تحت أقدامكم في أول مواجهة.
لم يعجبني أداء النائب سعد عبود في مهاجمته لجهاز الأمن القومي دون أن يقدم أي دليل علي ما يقوله سوي الاستشهاد بما قاله ممثل النيابة في محاكمة الرئيس المخلوع رغم سابق رد الجهاز علي ما قالته النيابة، خاصة أن دور الجهاز محدد في القانون وكان يجب أن يعرفه سعد عبود وهو النائب صاحب التجربة والممارسة النيابية السابقة.
لم يعجبني الصوت العالي في حديث الأعضاء ومحاولة أخذ الكلمة بهذه الطريقة متجاوزين في ذلك اللائحة المنظمة لأخذ الكلمة وكذلك لم يعجبني إطالة حديث الأعضاء في نفس الموضوع الذي سبق وأن طرحه أعضاء آخرون قبلهم مما يؤدي إلي ضياع وقت وجهد علي مجلس الشعب أولي به.
أعجبني أداء الدكتور محمود السقا في إدارته للجلسة الافتتاحية حينما أدرك بخبرته «وحس المعلم» أن هناك من يحاول فرض إرادته علي المنصة فتصدي بحزم مرة وباللين مرة أخري وخرج مثل الحكم بالمباراة إلي بر الأمان أقصد بالجلسة.
أعجبني الأداء الهادئ والمتزن للدكتور سعد الكتاتني رئيس المجلس الذي كشف لنا الخدعة التي حاول الحزب المنحل أن يفرضها علينا طوال عشرين عاماً وهي الخاصة بعدم وجود بديل للدكتور فتحي سرور.. أداء متمكن دون تعال «كما كان يفعل سرور باعتبار أنه الوحيد الذي يعلم القانون» احترام كل عضو ولا تفرقة بين الأعضاء.. بقي فقط أن يعلم أن النائب أبوالعز الحريري ترك حزب التجمع ولم يصبح عضواً فيه.
أعجبني وأبكاني النائب أكرم الشاعر عندما تحدث بحسرة الأب عن الشهداء والمصابين وتطرق في حديثه إلي ابنه مصعب الذي أصيب في أحداث الثورة بإصابة جعلته لا يستطيع السير علي قدميه وطالب بالقصاص ممن تسببوا في وقوع شهداء ومصابين ورفضه للتعويض المادي الذي قدمته الحكومة وأعتقد أن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس هي من ستقتص له ولنا بأخذ حقوق الشهداء والمصابين.
وكذلك أعجبني النائب مصطفي بكري عندما تنازل عن دوره في الكلمة للنائب أكرم الشاعر لأنه أب ويعرف معني حسرة الأب علي ابنه عندما يتعرض لمحنة أو لمصيبة.
أعجبني الأداء الهادئ والمتزن للدكتور عصام العريان صاحب التجربة والخبرة السياسية عندما طالب النواب بالهدوء في المناقشة للوصول إلي النتائج المرجوة.
كما أعجبني صمت المراقب الذي سيخرج عن صمته وسيصدح صوته في القاعة عندما يصل الأمر إلي مناقشة أموال التأمينات وغيرها من القضايا الأخري، فأنا معجب بقدرة هذا الرجل وبطريقة تفجيره للقضايا التي يطرحها لأنه من بورسعيد التي أعشقها، أتحدث عن البدري فرغلي.
∎∎
أعجبني جداً الموقف المشرف لجموع العاملين في مؤسسة روزاليوسف يوم الأربعاء الماضي عندما شاركوا في حماية مؤسستهم دون أن يطلب منهم أحد ذلك خوفاً من أن يتعرض المكان الذي يعد بيتهم لأي حادث يعطل مسيرته.. فتحية إعجاب وتقدير لروزاليوسف ولجميع العاملين بها.