الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
إياك.. وحلاقة اللحية !

إياك.. وحلاقة اللحية !




محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 07 - 01 - 2012



في الوقت الذي ولت فيه جميع أشكال الوصاية علي الشعب المصري بعد ثورة يناير خرجت علينا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتفرض فيه وصايتها علينا بحجة حصول الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية علي الأغلبية في الانتخابات الأخيرة من يزرعون الفتن ويشعلون الحرائق ويطالبون بعدم حلاقة الذقن وارتداء الجلباب وعدم إلقاء التحية علي شريك الوطن وهم يحملون العصي الكهربائية لا يريدون لنا أو لبلدنا الخير والسلام أخيرا فرجت.. ففي ظل أزمة البطالة التي يعاني منها شبابنا الذي لا يجد أي فرصة عمل، جاءت الفرصة عن طريق «الإنترنت»، فعلي من يريد اغتنامها التقدم بسرعة لنيل الوظيفة، يستفيد من هذه الفرصة من يجيد التعامل مع جهاز الكمبيوتر الذي اخترعه بالطبع شخص أجنبي درس وتعلم وعرف معني العلم لأنه معروف عنا نحن معشر العرب أننا لا نريد إرهاق عقولنا بأمور تافهة مادام الأجنبي يستطيع أن يوفرها لنا دون أن نبذل أي جهد. المهم الإعلان عن الوظيفة يبشرنا بتوافر عدد 0001 فرصة عمل شاغرة للذكور فقط في وظيفة «مطوع» بمؤسسات «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» علي أن تتوافر في المتقدم للوظيفة الشروط التالية: السن لا تقل عن 52 عاما ولا تزيد علي 04، مع ضرورة أن يتسم بالورع وتقوي الله والإلمام التام بأركان الشريعة وطرق إنفاذها في الأرض.

«يفضل الملتحون أقوياء البنية»، كما يتطلب الحصول علي شهادة إتمام التعليم الدراسي الأساسي «ثانوية عامة أو دبلوم المدارس الفنية»، الأولوية لخريجي المدارس الأزهرية وخريجي جامعات الأزهر، ويشترط التفرغ التام لعدد 8 ساعات يوميا.
ملحوظة من عندي كان يجب أن يتضمنها الإعلان حتي يفهم بشكل صحيح، «خريجو مدارس اللغات والجامعات الأجنبية يمتنعون».
تضمن الإعلان أيضا أن الهيئة تعمل بنظام المكافأة الأسبوعية حتي الشهر الأول من ترخيصها رسميا لحين الانتهاء من ترتيب الهيكل الوظيفي لمؤسساتها وتحديد ميزانيتها وأوجه الصرف علي نشاطاتها المتعددة، وعلي الراغبين في شغل الوظيفة إرسال سيرتهم الشخصية إلي عنوان البريد الإلكتروني «....».
انتهي الإعلان وهو بالمناسبة منشور ضمن البيان الثاني الذي أصدرته الهيئة المذكورة في صدر صفحتها علي موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، بالتأكيد هناك ملحوظات عديدة علي البيان وعلي الإعلان عن طلب الوظيفة سيأتي ذكرها تباعا، لكن ما يهمني إيضاحه أولا هو ما سأتصدي له في السطور المقبلة.
بداية نحن مع النهي عن أي منكر ومع مناقشة أي أمر بالمعروف وهذا ما يطالبنا به ديننا الحنيف، لكننا لسنا مع هذه الهيئة تحديدا التي جعلت من نفسها وصيا علي الشعب المصري في وقت ولت فيه جميع أشكال وأنواع الوصاية بعد ثورة 52 يناير، وفي الوقت الذي يوجد بيننا وعلي أرض مصر شيوخ وعلماء أكبر مؤسسة إسلامية في العالم «الأزهر الشريف»، وحسنا فعل الأزهر عندما أصدر بيانا يدين بشدة ما تدعيه هذه الهيئة وغيرها ممن يثيرون الوقيعة والفتن بين أبناء الشعب الواحد.
نعود إلي بيانات تلك الهيئة ونسأل القائمين عليها: من أعطاكم الحق في مراقبة السلوك العام للمواطنين وتقويم كل ما يتعارض مع شرع الله حتي وإن كان هذا التقويم سيتم بالدعوة والنصيحة كمرحلة أولي كما تدعون «جاء هذا في بيان الجماعة رقم 4»، وإن كان الأمر كذلك فلماذا تطلبون شبابا قوي البنية؟!
أعضاء الجماعة الذين نصبوا من أنفسهم أوصياء علينا بدأ احتكاكهم الفعلي مع الشارع في بورسعيد وبورفؤاد عندما طالبوا أصحاب صالونات الحلاقة بعدم حلاقة «الذقون» والأمر نفسه تكرر في إحدي مدن محافظة القليوبية.. في بورسعيد قالوا ما يريدون ثم انصرفوا، لكن في القليوبية تصدي لهم الشباب ولقنوهم درسا لن ينسوه. «قد يكون هذا الدرس سببه أن شباب الهيئة لم يكن يحمل سوي عصا «خيزران» حتي يتم توفير العصي الكهربائية التي تستخدم في أمور الدفاع عن النفس أو لغيرها من الأمور الأخري، كما جاء في أحد بياناتهم.
إنه بالفعل كابوس نعيشه الآن يريد أن يعود بنا إلي عصور الظلام مرة أخري بعد أن أخذ أعضاء هذه الهيئة توكيلا لا نعرف من الذي منحهم إياه بمراقبة سلوكنا في الأماكن العامة والحدائق وملاحظة كل ما يتعارض مع الأحكام والمظاهر الشرعية، والغريب أن كل هذا يتم أو سيتم بعيدا عن أجهزة الدولة التي ستسلب سلطتها لصالح الإخوة في الجماعة المذكورة، والحجة هنا أن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية حصلت علي الأغلبية في الانتخابات الأخيرة كما يدعون. الإسلام كما أفهمه أنا وغيري كثيرون دين التسامح والعدل وكذلك الحرية والمساواة، لا يمكن أن ينسب إليه مثل هذه الأمور الشكلية مثل إغلاق المحلات وقت الصلاة وفصل النساء عن الرجال في المواصلات العامة لأن العلاقة بين العبد وربه ليست من اختصاص أحد أيًا كان هذا الأحد، وكفانا عشقا للمظاهر والشكليات علي حساب العمل والإنتاج، دعونا ولو لمرة واحدة نعمل ونجدّ لرفع شأن بلدنا بعيدا عن الجلباب والسروال والنقاب وغلق المحلات وإطالة اللحية فلن يستطيع أعضاء هذه الجماعة أو غيرها أن يفرضوا علينا ثقافة وتعاليم غيرنا، فكل مجتمع أولي بما يعتقد ويؤمن به، ولهذا لن تتحكم فينا آراء وفتاوي وأحكام دخيلة علي مجتمعنا باسم الدين وتطبيق شرع الله، فنحن أعلم به أكثر من هؤلاء سواء كنا مسلمين أو مسيحيين. للعلم هذه الفتاوي والأحكام لم يكن من الممكن أبدا أن تخرج في وقت سابق ولم يكن مسموحا بها، ولهذا أنا علي يقين أن الثورة التي فجرها شباب يناير ستقف ضدها لأنها محكومة بالشكل أكثر مما يحكمها المنطق والعقل. ويكفي أن أعضاء الهيئة المذكورة قالت في أحد بياناتها لنتأكد أن الشكل هو ما يحكمها أنها تسعي جاهدة للبحث عن الآلية التي سيتعامل بها مطوعو الهيئة مع من سيتعامل بسلبية مع توجيهاتها ومع الرافضين لأوامرها، «عن نفسي أعتقد أن هذه الآلية ستعتمد العنف والاعتداء علي من يخالفهم الرأي، وستكون بعيدة كل البعد عن المعروف الذي يتحدثون عنه»، وهذا تحديدا ما أحذر منه، فلم يعد الأمر مجرد كلام يتم بثه عبر الإنترنت، لكن الخطوات التنفيذية بدأ بحثها، بل تمت تجربتها كما قلت في بورسعيد والقليوبية.
فبماذا نفسر طلب شباب قوي البنية في البيان المتضمن الإعلان عن الوظيفة، فهل نحن مقدمون علي حرب مثلا ونريد أن نحشد لها الحشود؟ وعموما أعتقد أن هذا الإعلان سيعقبه إعلان آخر ملحق بالإعلان الأول يشترط فيه بجانب البنية القوية حصول المتقدم لوظيفة مطوع علي ميدالية أوليمبية أو عالمية في رياضات الدفاع عن النفس مثل الجودو والكراتيه والكيك بوكس والملاكمة ولا مانع من المصارعة أيضا حتي نضمن عدم الاعتداء علي من يشغل الوظيفة أثناء أداء مهامه!
إن ما تقوم به وتدعو له هذه الجماعة لأمر خطير ينبغي علينا جميعا أن نعيه ونتصدي له، فهؤلاء وأمثالهم ممن يدعون بعدم إلقاء التحية علي شريكي وصديقي وجاري في الوطن يريدون اغتنام مكاسب الثورة لأنفسهم كما سبق أن اغتنمها البعض، لذلك لابد أن نتضامن لما فيه خير مصر لأن من يزرعون الفتن ويشعلون الحرائق ويطالبون بعدم «حلاقة الذقن» وارتداء الجلباب وهم يحملون عصي كهربائية لا يريدون لنا أو لبلدنا الخير والسلام.