الثلاثاء 22 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الجهاد الحقيقي في سيناء!

الجهاد الحقيقي في سيناء!


 

محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 27 - 08 - 2011

 

كان واجبا علينا نحن أبناء مصر عقب نصر أكتوبر العظيم أن نسارع في تنمية شبه جزيرة سيناء التي عادت إلي حضن الوطن بعد نكسة 67 التي بينت مدي الجرم الذي ارتكبناه في حق هذا الجزء الغالي من أرض مصر.. الإحساس بالجرم والذنب هو نفسه ما جعل العديد من المصريين ومعهم عدد آخر من الأصدقاء الذين يعشقون مصر يطالبون بضرورة تعمير سيناء وزرعها بالبشر لإقامة مجتمع متكامل يضمن حياة كريمة لأهلها خاصة بعد انتصار أكتوبر وما تلاه من مفاوضات سياسية تم بمقتضاها استعادة سيناء.

ولكن وللأسف استعادة سيناء لم تسفر عن الكثير فقد أهملنا - سواء بقصد أو دون قصد - تنمية سيناء رغم ما بذل من أجلها من دماء وجهد ومال، ولم يتعد الأمر سوي إقامة قرية سياحية هنا أو هناك أو مشروع في الشمال وآخر في الجنوب.. جميعنا أهملنا في تنمية سيناء، وشارك في هذه الجريمة رأس النظام السابق وأعوانه الذين اكتفوا بالإقامة في شرم الشيخ التي وهبها الرئيس المخلوع لصديقه حسين سالم ليفعل فيها ما يشاء مادامت الفيللات والشاليهات والأموال وزعت علي الأبناء والمحاسيب، ولا يهم بعد ذلك أي شيء آخر.
التنمية كانت ستعود بالفائدة والخير علي أهل سيناء وعلي العديد من أبناء الشعب المصري الذي كان سيشارك في هذه المشروعات وكانت ستفتح لهم أبواب العمل.
وأعتقد أنه لو طال الأجل بالرئيس السادات لكانت خطة تنمية سيناء قد اكتملت، فقد سعي الرجل بكل طاقته لدفع عجلة التنمية والتي قدر لها مبالغ كبيرة كما أنه لم يتوان في طلب المساعدة من بعض الأشقاء العرب وكان في مقدمتهم المرحوم الشيخ زايد الذي ساهم مساهمة فعالة في إنجاز بعض المشروعات بالمشاركة مع باقي الأمراء العرب، وكان ثمار هذا التعاون العربي مشروع ترعة السلام، إلا أن يد الإهمال طالت المشروع التنموي العظيم وهذا ما أكده مؤخرا المهندس حسب الله الكفراوي الذي كثيرا ما عدد فوائده ولكن لسبب أو لآخر لم يتحقق، مما يدعوني إلي المطالبة بضرورة معرفة من المتسبب في عدم استكمال مشروع ترعة السلام ليعرف الرأي العام حقيقة من وقفوا ضده ولصالح من؟
لقد أثبتت الأيام أن تأخر عجلة التنمية في سيناء كانت ذات أثر سيئ علي مصر وهذا ما اتضحت حقيقته مؤخرا بعد أن أصبحت هذه القطعة الغالية من أرض مصر مرتعا للإرهابيين والمهربين وتجار السلاح والمخدرات والهاربين من القانون.
الحديث عن التعمير وتنمية سيناء لم ينقطع منذ تحريرها ولكنها كانت أحاديث علي الورق فقط، وأقل ما يمكن أن يقال عنها أنها كانت للاستهلاك المحلي وتشكيل لجان للبحث والدراسة ليس لها أي هدف اللهم سوي أنها كانت سبوبة للرزق يستفيد منها البعض من أعوان النظام السابق، مما أدي إلي تدهور الأوضاع بدرجة كبيرة حتي ظهر من قلب سيناء من طالب بتكوين جيش من السلفيين لتنفيذ قانون خاص بهم، وقام بعضهم بتفجير خط الغاز بهدف التأثير علي اقتصاد البلد، كما قام البعض الآخر منهم بالهجوم علي أقسام الشرطة وحرقها وها هم متصورون أنهم أصبحوا يقومون بدور الدولة.
الأحداث الإرهابية الأخيرة هي نفسها التي دعت الدولة التي ظنوا أن دورها قد انتهي إلي القيام بالعملية العسكرية «نسر» لتطهير سيناء من البؤر الإجرامية والإرهابية وهي أيضاً بداية التنمية الحقيقية الشاملة في سيناء، وهذا ما فطن إليه رجال المجلس الأعلي للقوات المسلحة القائم علي شئون البلاد خلال هذه الفترة، حيث اجتمعت قيادات الجيش مع شيوخ القبائل من أجل إنهاء الأحداث الإرهابية وإعادة الأمن والاستقرار لبدء عمليات التنمية التي ستوفر حياة كريمة لأهل سيناء وللوافدين إليها من أبناء مصر وقد آن الأوان للعمل الجاد والاستفادة من هذه المنطقة الثرية والغالية، وهذا يتطلب تضافر كل جهود أهل سيناء وجميع أفراد الشعب المصري والحكومة والمسئولين جميعا، وهذا ما ظهر في تكليفات المجلس الأعلي للقوات المسلحة والخاصة بضرورة تنفيذ العديد من المشروعات التي تخدم أهل سيناء ومنها إنشاء محطات لتحلية المياه وتوفير فرص عمل لهم وكذلك توفير أماكن في الجامعات لأبناء سيناء بالإضافة إلي إنشاء شبكة طرق حديثة ومحطات كهرباء، مع الاهتمام بالمشروعات السياحية لاستغلال التنوع البيئي والطبيعي الذي تتميز به سيناء، كما كلف المجلس العسكري الحكومة بإقامة خمس قري نموذجية لتصبح نواة لمجتمع سيناوي متكامل مع تقنين وضع الأراضي وتملكها بعد أن كان محظوراً علي أبناء سيناء تملك الأراضي التي يعيشون عليها.
إن التحرير الحقيقي لسيناء الذي نطالب به ونسعي إليه بعد تحريرها من أيدي الإسرائيليين يتمثل في التنمية والتي بدونها لن نشعر بأي تحرير وسيبقي الوضع علي ما هو عليه، وسننسي كما نسي غيرنا تنمية سيناء ولن نتحدث عنها إلا في حالة وقوع حادث جلل مثلما حدث في الأيام الأخيرة حينما استشهد رجالنا عندما أطلق عليهم النار من قبل الإسرائيليين أو حينما تظهر جماعة إرهابية ترتكب جريمة نكراء علي أرض سيناء التي ارتوت بدماء أبناء مصر علي مر تاريخها.
نحن نريد تنمية حقيقية لا تعتمد علي الدراسات واللجان والمؤتمرات فقط وبعدها ينفض السامر دون عمل حقيقي، نريد تنمية يتم تنفيذها علي أرض الواقع تستفيد منها مصر كلها.