
محمد جمال الدين
لمصر وليس للمجلس العسكرى
محمد جمال الدين روزاليوسف الأسبوعية : 30 - 07 - 2011
بداية، يجب أن نعترف أن مصر التى هى بلدنا جميعا ليست حكرا على فصيل دون آخر.. وبالتالى أصبح لا يحق لأى أحد أن ينفرد بالحديث عنها وعن دورها وعن الدور الذى يمكن أن يقوم به من أجلها، معتقدا أنه الوحيد الذى يستطيع أن يحدد طبيعة هذا الدور دون غيره من المصريين.
أقول هذا لأن مصر ولأول مرة فى تاريخها بلا فرعون وأصبحت مقدراتها فى يد شعبها الذى قام بثورته المجيدة فى 25 يناير بعد أن أسقط الفرعون وأعوانه فى ظل حماية من جيشها العظيم الذى وقف بجانب الشعب ولم يكن مثل بعض جيوش المنطقة التى وقفت مع الحاكم وضد إرادة شعوبها.
ورغم أننا نعيش الآن فى الفترة الانتقالية التى تعقب أى ثورة والتى تسبق الاستقرار الذى ننشده حكومة وشعبا والتى عادة ما تتميز بالكثير من المشاكل والتى كان من أبرزها تلك الصدامات التى حدثت بين الجيش وقيادات ائتلاف الثورة بسبب عدم وضوح الصورة بشكل كامل بين الطرفين إلا أنه يمكن التقريب بينهما بالدرجة التى تخدم مصر حتى لا نقع فى المحظور ونصبح هدفا لهواة الصيد فى الماء العكر، خاصة أن هؤلاء قاموا بالعديد من المحاولات التى بدأت بوضع المسلم أمام شقيقه المسيحى عن طريق حرق الكنائس والاعتداء على بعضهم البعض.
الجيش والشعب إيد واحدة رغم أنف الحاقدين
ثم كانت المحاولة الثانية عندما استغل البعض المواقع الإلكترونية بهدف كيل الاتهامات للجيش المصرى وتخوينه رغم أن الجيش طوال تاريخه القديم والحديث لم يكن أبدا خائنا لبلده أو لشعبه، أما المحاولة الأخيرة فقد كانت تدعو إلى الفصل بين جيش مصر وقيادته وقد باءت هذه المحاولة وغيرها من المحاولات السابقة بنفس الفشل.
وفى الفترة الأخيرة تعالت الاتهامات بالتخوين التى نالت أيضا من بعض ائتلافات الثورة، وهى أيضا مرفوضة وغير مناسبة لأننا مصريون أولا وأخيرا ولا يصح أبدا أن تكون لغة الاتهامات هى لغة الخطاب بين الشعب وقواته المسلحة.. فمصر تمر بظروف عصيبة تستدعى من كل واحد فينا أن يضع مصر نصب عينيه بعد أن وضحت الصورة الآن لكل من نختلف أو نتفق عليه كمصريين.
من أجل هذا لابد أن يتم إيجاد حالة من التوافق بين قيادات الجيش وبين جميع القوى السياسية التى شاركت فى الثورة للوصول إلى أهداف ومطالب تهدف فى المقام الأول إلى المحافظة على مصر.. وأعتقد أن هناك العديد من هذه المطالب والأهداف قد تحقق، وبالتأكيد سيكون الباقى فى الطريق، المهم أن نخرج من عنق الزجاجة لنمر بالبلاد من هذه المرحلة وهذا ما يسعى إليه رجال المجلس العسكرى الذى أعلن ومنذ اللحظة الأولى للثورة أنه لا يهدف إلى حكم البلاد ويتمنى عودة القوات إلى ثكناتها فى أسرع وقت.
أما أن تتوجه المظاهرات إلى مقر المجلس العسكرى أو أن تحاول فئة من هنا أو هناك الإضرار بمصر عن طريق إغلاق الميادين أو مجمع التحرير وقطع الطرق وتعطيل الملاحة فى القناة، فهذا ما لا يرضاه أى مصرى خاصة لو علمنا أن هناك من يدس أنفه وسط شباب الثورة ليبث سمومه بينهم بغرض القضاء على الثورة ومكتسباتها.. أمثال هؤلاء يجب أن نحذر منهم وعلى شبابنا أن يعرف ذلك.
أفهم عتب شبابنا على المجلس العسكرى ولكن انتقاده بالصورة التى ظهرت مؤخرا فى الميادين وبعض الفضائيات يستحق الوقوف أمامه.
الصغار قبل الكبار يعرفون ما قدمه المجلس العسكرى وجيش مصر للبلد فى هذه الفترة ويعرفون مدى المعاناة التى تمر برجاله فى سبيل تحقيق الاستقرار والعبور بها إلى بر الأمان للمساهمة فى تأسيس نظام ديمقراطى للبلاد ليكون جواز عبورها إلى مرحلة أكثر تقدما، وبالطبع هذا لن يحققه المجلس العسكرى بمفرده وإنما سيكون بمساهمة فعالة من كل القوى السياسية وبمشاركة من جميع أفراد الشعب لأن الهدف فى النهاية هو تكوين دولة مصرية جديدة قائمة على مبدأ المواطنة والعدل الاجتماعى الذى يجب أن يسود حياتنا.
وأخيرا هذا نداء إلى كل المصريين.. «اتحدوا من أجل مصر» لأنه لن يمكن أن نعالج فى يوم وليلة ما تم إفساده خلال الفترة السابقة فإصلاح ما أفسده الدهر يحتاج إلى نفس طويل.