السباق بين التخلف والتقدم
منذ أن اعتقد الشعب المصرى أنه تخلص من عهد ومن نظام تميز بالجمود والتخلف والعناد والتكبر والفساد، وذلك عقب مشهد رائع تماسكت فيه أواصر الأسرة المصرية، المجتمع المصرى كله، بطوله وعرضه، على كل مستوياته وطوائفه، وكأن المصريين فى مناسك دينية (سواء إسلامية أو مسيحية) نعم كان الشعب المصرى فى مظهر تماسكه وتحركه فى الميادين والشوارع وحتى هؤلاء الماكثون فى بيوتهم (حزب الكنبة) أيضا، بقلوبهم ومشاعرهم أيضا مشجعون ومتماسكون مع حركة الميدان، وكمناسك دينية تحركت الجموع سويا فى سبيل إنهاء عصر من الظلام وأملا فى مستقبل مشرق، أصبح قاب (قوسين أو أدنى) من الحقيقة المذكورة فقط نحتاج لوقت لترتيب البيت من الداخل، وإنهاء عواقب السقوط الهادئ لرموز النظام، إلا أن ما وصلنا إليه اليوم بعد أربعة عشر شهرا، ومع كل الأحداث التى لا مجال لذكرها فى مقالى هذا، وصل بنا الحال إلى أن تفرقنا جماعات وطوائف، غلب عليها جميعها الطمع فى سلطة، واللعب فى الوقت الضائع لتسجيل هدف فى مرمى الوطن.
وكأننا فى سباق بين مجموعات تقودنا للتخلف والتراجع، حتى عما كنا نعيشه فى عهد سقط وهوى، وبين فريق آخر يحاول أن يدفع بالبلاد إلى الأمام، ولكن للأسف الشديد الفريق الأخير، غير مدعوم بأغلبية منظمة، كما الفريق الأول المدعوم بأغلبية منظمة، استطاع الحصول على مراكز صنع القرار السياسى فى البلاد بالمغالبة وليس بالتوافق.
وعدنا تقريبا إلى المربع رقم واحد فى الملعب السياسى، وإن كانت الظروف لم تعد كما كانت بالفعل عقب يوم 11 فبراير 2011 حيث المناخ مختلف، فالقضايا المتناثرة فى محاكم مختلفة كلها تدفع لحالة من الإمساك عن التصرف أو التقدم ومع ذلك فإن الغالبية من شعب مصر (غير الفاعلين) فى الحياة السياسية، والمترجمين للأحداث ونتائجها، والأهم من ذلك وهم الأكثر تضررا من تلك الأوضاع السائدة فهم شبه متفرجين فى مدرجات الوطن، مرة متذمرين ومرة متعاطفين ومرات سئموا الموقف برمته !!
وهذا ما يتطلب أن نعيد ترتيب أوراقنا كلنا جميعا، قوى سياسية متناحرة، وقيادة سياسية أو عسكرية كما تحب أن نصفها، والشعب جميعنا فى قارب تتقاذفه أمواج عاتية !! والعاقبة هو الغرق للجميع لا قدر الله، مطلوب من الفرقاء أن يجتمعوا على قلب رجل واحد وهى المصلحة العليا للوطن.
لا نمتلك كشعب أية رفاهية من الوقت أو من الادخارات التى يمكننا الاعتماد عليها، لكى نلهو ونترك المستهترين يلهون بمصالح الوطن، وهذا يتطلب إرادة وطنية من الجميع، ولا أعلم ما هى العوائق التى تمنع سلطات دستورية فى البلاد أن تتخذ من الإجراءات ما يحمى الوطن من الغرق.
نشهد أقل مظاهر التسيب فى الشارع المصرى سواء من قمامة فى جميع أرجاء الوطن بالأطنان دون حركة من مسئول.
نشهد تسيبا فى الشارع المصرى دون إشارة إلى أن هناك سلطات منوطا بها حفظ النظام والأمن، والردع أيضا!!.. نشهد غياب الضمير من مجموعات تدعو لتصنيف الشعب، وإقصاء البعض، واقتران كل تلك التصرفات بأنها من دواعى الحفاظ على الثورة !!
نشهد بأن الثورة قد قتلت فى مهدها ! الثورة لم تولد أساسا، حيث ما تم هو التخلص من حلم سخيف كان كالكابوس فى منام الشعب المصرى وهو التوريث فى النظام الجمهورى، غير ذلك لم يتحقق شىء.
وسنبدأ من المربع رقم واحد (الدستور أولا) وها نحن نعود إلى ما نادينا بالبدء به فليكن، وحاول تعويض الأمة، أربعة عشر شهرا ضاعت بلا جدوى!!