الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
من أنت.. قولى أنت مين؟!

من أنت.. قولى أنت مين؟!


الجملة بعاليه هى التى صرخ بها المعزول محمد مرسى عندما بدأ حديثه مع قاضى محاكمته التى جرت منذ أيام قليلة، والذى رد عليه بكل هدوء وثقة: «أنا رئيس محكمة جنايات مصر».. غضب مرسى وحدته وعدم ثقته فى نفسه هى نفسها الأسباب التى جعلته يتحرك داخل القفص الزجاجى طوال زمن جلسة محاكمته هو وأقرانه من جماعة الإخوان المحظورة، وهى كذلك التى جعلته يتطاول ويتكلم مع القاضى بهذه الطريقة، اعتقادا أنه مازال رئيسا لمصر يأمر فيطاع مثلما تعلم فى جماعته ومثلما اعتاد معاملة بعض القضاة الذين باعوا أنفسهم للمحظورة، وتناسى الرجل عن قصد أن القاضى لا يعمل عنده أو عند غيره، مثله فى ذلك مثل باقى أعضاء الهيئة القضائية المحترمين.
 
ولكن يبدو أن مرسى كان يعتقد أنه يتعامل مع بعض القلة الذين انتسبوا فى وقت من الأوقات وفى غفلة من الزمن لأسرة القضاء المصرى من نوعيات «وليد شرابى» وأمثاله الذين أطلقوا على أنفسهم لقب «قضاة من أجل مصر» ،وكان الأجدر أن يطلقوا على أنفسهم قضاة من أجل تنفيذ مطالب الجماعة المحظورة، حتى ولو كانت هذه المطالب على حساب الشعب المصرى الذى ثار على جماعتهم مما أدى إلى هروب قادتها كالسيدات تحت ستار الليل الذى يستر أكثر مما يفضح، ورغم افتضاح أمر هذه المجموعة «قضاة من أجل مصر» وانحيازها الواضح للجماعة المحظورة وأخذ التعليمات من قادتها فى المقطم، إلا أن النظام السابق ومن خلال مندوبهم المعزول فى قصر الرئاسة لم يرتدع فارتكب العديد من الخطوات التى تصل إلى حد الفضائح بل والجرائم فى حق القضاء المصرى، منها على سبيل المثال تخفيض عدد مستشارى المحكمة الدستورية العليا حتى يتمكنوا من إخراج المستشارة «تهانى الجبالى» التى أخذت على عاتقها عدم مهادنتهم منذ اللحظة الأولى التى حصلوا فيها على السلطة، هذا بخلاف محاصرتهم لمبنى المحكمة بهدف تعطيل عملها، وعقب ذلك، كانت مؤامرتهم ضد المستشار «عبدالمجيد محمود» بتعيينه سفيرا فى الفاتيكان حتى يتسنى لهم التخلص منه وتعيين أحد أتباعهم، وهذا ما حدث بالفعل، حيث تم تعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما والذى ثار عليه رجال النيابة العامة فسارع بتقديم استقالته ثم عاود سحبها، ولا نعرف حتى الآن لماذا كتبها ثم تراجع عنها؟ ولتوفير أقصى درجات الأمن والأمان للنائب العام الذى تم تعيينه من قبل الإخوان وضعت فى مكتبه وفى مكتب النائب العام المساعد التابع له كاميرات لمراقبة كل ما يدور فى المكتبين لإرسالهما إلى مكتب الإرشاد فى المقطم، «ما حدث فى مكتب النائب العام والنائب العام المساعد» لم يسبق أن حدث من قبل فى تاريخ القضاء المصرى، وهذا الأمر تحديدا يجرى بشأنه تحقيق يتولاه المستشار «شيرين فهمى».
 
فى أحداث قصر الاتحادية وقعت فضيحة أخرى، حيث حاول البعض من نظام مرسى التأثير على سير التحقيقات تحت وهم أن كل شىء يمكن أن يحدث فى عهدهم «الميمون» إلا أن حظهم العثر أوقعهم أمام رجل مصرى من قضاة مصر الشامخين لايباع ولايشترى مثل غالبية العاملين فى القضاء اسمه «مصطفى خاطر» رفض أن يسير التحقيق كما يريد رجال مرسى فأفرج عن كل المتهمين الذين سبق وأن أوسعهم قادة وشباب الإخوان ضربا وركلا فى جميع أنحاء جسدهم، ولم يرهبه تهديد أو وعيد.
 
وعندما فشلت كل الطرق والحيل تفتق ذهن مرسى وأركان حكمه من أهل المحظورة عن حيلة جديدة تتلخص فى تخفيض سن المعاش للقضاة تتيح لهم التخلص من شيوخ القضاء المصرى حتى يستطيعوا الانفراد بالشباب منهم، متناسين أن القضاء المصرى تحكمه أسس وقواعد تطبق على الكبير قبل الصغير، ولضمان نجاح هذه الخطة كان لابد أن ينضم إليها ولسلك القضاء من ينتمون إليهم من بعض الهيئات الأخرى، وقتها وقف قضاة مصر ضد هذه الحيلة والطغيان الذى مارسته الجماعة المحظورة ضد القضاء حتى يتسنى لهم تمرير ما يريدونه فى حالة هيكلة المؤسسة القضائية طبقا لما يسعون إليه، وللأسف ساعد فى ذلك مؤسسة الرئاسة والبرلمان الذى سيطروا فيه على الأغلبية، ولكن بفضل الله وبفضل الشرفاء من رجال القضاء المصرى أمكن إبطال هذا المخطط.
 
ورغم استبداد الجماعة وسعيها الدائم لأخونة مؤسسات الدولة، إلا أن مؤسسة القضاء ظلت عصية عليهم حتى وهم فى أوج قوتهم وسلطتهم، لذلك لم يسلم رئيسهم الذى حكم البلاد بالصدفة، ووقف أمام المستشار «شعبان الشامى» ليقول له «من أنت.. أنا رئيس جمهورية مصر» من توجيه الاتهام له فى قضية اقتحام السجون والاعتداء عليها وقتل المساجين ورجال الشرطة على يد المستشار الجليل «خالد محجوب» الذى لم يخش قول الحق واستمر فى نظر الدعوى التى بسببها دخل مرسى قفص الاتهام بعد قضية أحداث الاتحادية.
 
مؤامرات وحيل جميعها كانت تهدف لزعزعة مؤسسة القضاء المصرى وهدم استقراره وحاول مرسى وأنصاره وجماعته تنفيذها ولكنها جميعاً باءت بالفشل، وكان آخرها ما فعله مرسى ورجال جماعته فى الجلسة الماضية من اصطناع الكذب على أنفسهم قبل أن يكذبوا على القاضى بحجة أنهم لايسمعون ما يدور فى الجلسة، ولكن الله فضح كذبهم فى المحكمة كما فضحهم أثناء حكمهم مما يؤكد أن مصر ستظل آمنة طالما هناك رجال شرفاء بين أبناء شعبها وفى كل المجالات بمن فيهم رجال القضاء الذى حاول مرسى وبطانته تلطيخ ثوبهم الناصع البياض أثناء الفترة السوداء التى تولوا فيها حكم البلاد.