السبت 26 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«حلمى» .. نصف وزنه موهبة

«حلمى» .. نصف وزنه موهبة
«حلمى» .. نصف وزنه موهبة


.. عندما ظهر أحمد حلمى للمرة الأولى على الناس كان يرتدى ثوب مذيع يقدم برامج للأطفال.. وما أدراك ما الأطفال.. إنه عالم غريب لا تستطيع أن تحدد له مقاييس، ولأنهم أحباب الله فبالتأكيد كل من يحبه الأطفال يدخل قلوبهم دون استئذان ويشغل عقولهم ويستولى على انتباههم لابد وأن يكون المولى عز وجل قد وهب مثل هذا الإنسان «هبة» عظيمة، وهكذا كان هو حال أحمد حلمى الذى سكنته موهبة لا تتناسب على الإطلاق مع حجمه..

فهذا الولد السفروت الذى يشبه السلك الكهربائى انطلق فى برنامجه وحلق فى العلالى وأجبر الكبار قبل الصغار على أن يتعلقوا به.. ولعلنى أعود بحضراتكم إلى الوراء لأتذكر كيف كان الولد الشقى وساخر العرب الكبير أبويا الجميل السعدنى الكبير ينتظر حلقات هذا الولد الجديد الصغير أحمد حلمى لكى يضحك السعدنى من أعماق القلب على حوارات أحمد مع الصغار، وقد كانت هذه الضحكات المجلجلة من السعدنى بمثابة شهادة الإيزو على جودة ما يقدمه أحمد حلمى وجواز المرور لهذا الفتى إلى عالم الضحك الأكثر رحابة سينما ومسرح وتليفزيون.. وبالفعل اتجه أحمد حلمى بعد ذلك إلى آفاق أرحب وتحديدًا فى فيلم «عبود على الحدود» والذى كان بمثابة منصة إطلاق لصواريخ سوف تنطلق لتحلق فى مدارات النجوم تسبح فيها إلى وقت طويل كان أحمد حلمى وكريم عبدالعزيز من هؤلاء، وبالطبع فى هذا التوقيت كانت خريطة الكوميديا تتشكل كما تتشكل الآن خريطة الشرق الأوسط الجديد وارتفع مقام البعض وحط البعض الآخر من «عل» وقفز محمد هنيدى وعلاء ولى الدين إلى الصفوف الأولى وبدا أن جيلاً جديدًا فى طريقه لإزاحة الجيل الذى احتل القمة لأكثر من أربعة عقود من عمر الزمان وعلى رأس هذا الجيل العملاق عادل إمام.. ويا سبحان الله يدور الصراع بين الماضى والمستقبل ويكون الرابح الأعظم هو الفن ويتمسك عادل إمام بموقعه كأكبر قوة ضاربة فى تاريخ دولة الفنون والكوميديا، ويمضى علاء ولى الدين تاركًا فراغًا رهيبًا لم يتمكن أحد على الإطلاق من أن يملأه.. إنه عرش أتخن ممثل كوميدى ويتحول هنيدى إلى ما يشبه اليويو.. حبة فوق وحبة تحت.. والتقى فى هذه المرحلة الضبابية بالولد الذى أضحك السعدنى ولفت أنظار عادل إمام وحبب الله سبحانه وتعالى فيه خلقه.. إنه أحمد حلمى وكان المكان فى بيت الزعيم فى المنصورية، وأما المناسبة فكانت ليلة زفاف ابنة الزعيم.. يومها أمسكت بأحمد حلمى والخجل يكاد ينهمر من بين مسام  جلده، وقلت له بالحرف الواحد.. أنت وحدك دون أبناء الجيل القادر على الوصول إلى القمة بخطوات واثقة وبالتدريج وأنا أراقب حسن خياراتك.. فلا تدع الفرصة تفلت من بين يديك.. وكان أحمد حلمى يستمع إلىّ ويردد بإيماءة من رأسه.. فهذا الولد العبقرى
الأداء والاختيار.. إذا ما جلس فى مجلس تشعر أنه قليل الكلام شديد الحرص يحسب كل الحسابات قبل أن ينطق بكلمة واحدة وفى لقاءات تليفزيونية تشعر أن أحدهم يجلس خلفه يرفعه بمطواة قرن غزال ويهدده إذا تكلم سوف يغزه.. فهو بالفعل شديد الخجل.. الحمرة تكسو ملامح وجهه إذا وضعت أمامه كاميرا وأجريت معه حديثًا.. وأعود إلى خيارات هذا الفتى وأتوقف عند الإنسانة التى سيكون لها المساحة الأكبر فى مستقبله وحاضره السيدة التى سوف تحمل اسمه ومع اسمه سوف تحمل أولاده وتضمن له البقاء فى ذرية ينبغى لكل رجل أن يدقق ويفكر ويفتش كثيرًا قبل أن يقرر وما أجمل اختيارك يا أحمد.. ويا زين ما اخترت يا ابنى.. إنها الجميلة العاشقة للفنون صاحبة الصوت الذى يشعرك بأنها تغنى وهى تتكلم فتعزف على أوتار قلبك لحنًا يجعل منها الساكن الأكثر قربًا إلى حجرات القلب الأربع صاحبة البهاء  والهالة والضياء منى زكى والتى تتعامل مع كل البشر وكأن حواء وآدم قد أوصياها بهم خيرًا رقة لم أعهدها فى بنات حواء وقلب يحنو على بنى البشر ويتسع للجميع.. كان عربون المحبة.. صحبة ورد حملها أحمد حلمى إلى منى زكى فى كواليس المسرح هذه الصحبة كانت بمثابة سهم كيوبيد ومفتاح السعادة الذى فتح به أحمد أبواب القلب لوارد جديد يختلف عن الجميع أنه ليس بصديق ولا أخ ولا زميل ولا معرفة، ولكن القلب صنف هذا الفتى وحده ولا أحد سواه على أنه الحبيب ورفيق الطريق.. والحق أقول أننى استعدت تحفة فنية رائعة تمثلت فى فيلم شادية وصلاح ذو الفقار الذاكرة لعنها الله نسيت كل شىء ولكنها أبدًا لا يمكن أن تنسى.. أحمااااد.. وموناااا... قصة الحب التى سكنت القلوب والعقول معًا.. أنها تتحول مع «أحمد» حلمى .. و«منى» زكى إلى واقع وحقيقة لم أسمع عن أحمد حلمى شيئًا يمكن للإنسان أن يأخذه عليه ولم يأت اسم هذا الفتى فى حتى شائعة يمكن أن تلون الثوب الأبيض الناصع بما يمكن أن يلطخه كانت سيرته على الدوام نموذجًا ومقياسًا يشرف أى فنان أن يكون فى هذا المقام الفنى، وذلك السمو الأخلاقى.. أما قريبتى منى.. وأقول قريبتى لأنها إذا مثلت شعرت أنها قطعة منك أو نتوء خرج من مشاعرك وأحاسيسك ووجدانك أقول.. قريبتى الجميلة منى.. من منا لم يحبها.. هذه الفنانة التى لم تقدم عملاً يمكن أن نخجل منه أو يندرج تحت بند العيب أو الخروج من التقاليد.. لقد كانت منى هى الأخرى نموذجًا طيبًا.. وكان من الطبيعى أن يلتقى الطيب الودود المتسامح الملتزم الممتلئ بالمشاعر الطيبة المسكون بالموهبة أحمد حلمى.. مع نصفه الآخر هذه الضاحكة السن صاحبة النظرة التى امتزج فيها الحزن بالفرح واليأس بالأمل فى عينيها سحر خاص كأنها تحبس داخلهما البحر بما اتسع ولأن أحمد ومنى مثلهما مثل كل البشر يجرى لهما ما يجرى على البشر أجمعين فقد تعرضا لأزمة صحية وأنا لا أحب الخوض فى تفاصيل المرض ولكنى آسف مضطر إلى الكلام والبوح لأن البعض شطح بخياله ومع الأسف كان بعض الخيال مريضًا تصور أشياء ليس لها فى واقع الحال أى وجود.. كانت منى فى رحلة علاج من مرض ليس خطيرا والحمد لله ولكن التشخيص اختلف فيه الأطباء تبعنا.. فقررت أن تذهب إلى خارج الحدود وقد من الله عليها بنعمة الشفاء وكانت منى تحمل ابنها «سليم» وكان لابد لها من رعاية طبية فائقة حتى لا يعاودها المرض فينتقل إلى صغيرها، وبالطبع كان على رفيق رحلة العمر أن يبقى إلى جوار محبوبته، ولأنهم فى بلاد العم سام لا يعترفون بالفهلوة وليس لديهم كروت توصية أو واسطة.. فإن الجميع سواسية والطب بكل ما بلغ من رفعة متاح للجميع، وهناك يعرفون الكوفت وقد آمن أحمد حلمى على نفسه، وهناك سلم نفسه لطبيب بدأ معه من الصفر وبعد رحلة من التحاليل والأشعة والتقارير قرر الطبيب المعالج الفهمان الناصح أن ما يعانى منه أحمد حلمى ليس مجرد تجمع عضلى ولكنه اكتشف أن الأمر سوف يشكل خطورة فى المستقبل، فهناك ورم قد يزحف أولا نحو العمود الفقرى ثم يتجه بعد ذلك إلى الرئة ولم يتحدد طبيعة الورم وما  إذا كان من النوع الحميد أو من نوع اللهم أحفظنا.. وقد استقر الرأى على أن التخلص من الورم، هو الحل الأسلم والذى يضمن حياة أحمد حلمى، وبالفعل استسلم أحمد لمشرط الطبيب الجراح وخضع لجراحة أزالوا خلالها كل أثر للورم إياه وعاد أحمد حلمى إلى طبيته وزال عنه بفضل المولى عز وكل كل خطر ولكن الشىء المؤسف أنه أثناء رحلة العلاج خرج البعض على مواقع (التناحر) والتناطح) الإليكترونى ليتهم أحمد حلمى بأنه فنان يناقض نفسه ففى فيلم (عسل أسود) يدعو إلى التمسك بالأمل ويرتفع بمقام مسقط الأرض وهو فى حقيقة الأمر ذهب مصاحبا أسرته لكى يضمن لابنه الوليد الجديد الجنسية الأمريكية.. وبالتأكيد مثل هكذا كلام يندرج تحت بند الهجص الدولى وصاحبه  وبصريح  العبارة يستحق قلمًا على قفاه.. ذلك لأن أحمد حلمى ولد ابن بلد شهم ينتمى إلى الطبقة المتوسطة وجذوره تمتد فى باطن التربة المصرية وصداقاته  تشمل كل أطياف المجتمع المصرى وألوانه المتعددة، ولعل سر نجاح أحمد حلمى وتألقه وانطلاقه الدائم إلى الأعلى هو ارتباطه بالشارع المصرى وبالناس البسطاء الذين هم المصدر الوحيد لخلق تعبيرات ونحت مصطلحات جديدة تمنح اللهجة المصرية مولودا جديدا كل ثانية تماما يشبه تعداد المواليد الجدد وهنا يتحول أحمد حلمى إلى ناقل جيد لها باعتباره سفيرا للنويا الحسنة من قبل البسطاء إلى دولة الفن والجمال والإبداع.. ولله الحمد فإن أحمد، رزق بمولود جديد أطلق عليه اسم سليم وقد كان هذا الفتى هو وش السعد الحقيقى لهذه الأسرة المسالمة الطيبة الودودة فلولا الحمل فى هذا التوقيت لربما دخل أحمد ومنى وكعادتنا أهل مصر أجمعين فى طناش دولى، ولكن مجىء هذا المولود السعيد هو الذى اضطر الأسرة إلى السفر  وإلى البحث عن أفضل سبل العلاج  وأكثرها أمانا وأرفعها شأنا فى عالم التشخيص وأكثرها دقة فى دنيا الجراحة.. لولا سليم لربما حدث ما لا يحمد عقباه، ولذلك فإننى أتمنى من هواة العجن واللت الذين فكرونى بستى أم محمود عليها رحمة الله وعمتى إحسان الله يبشبش الطوبة اللى تحت راسها  لو كانت ستى أو عمتى لحقت بهذا الاختراع المسمى بالفيس بوك أو الإنترنت لأصبحت كل منهما ملكة متوجة على عرشه ولكن ما أكثر ملوك (الفتى) و(الرغى) و(التوليف) ولا أقول التأليف.. هؤلاء بعضهم نسج قصصا من وحى الخيال.. وهو خيال مريض فى حاجة إلى طبيب نفسانى فى حجم الدكتور عكاشة أو الدكتور ناصر لوزة لكى يعدل ما أعوج ويعيد التوازن بعد اختلال رهيب.. وبصريح العبارة أقول لحضراتكم أننا زودناها كثيرا وأكثر مما ينبغى فلا أحمد من هواة جمع الباسبورات الأمريكانية ولا منى عاشقة للحياة التى يحياها الخواجا.. فهما مثلهما مثل صفصافتين أحنتهما  العاصفة العاتية فازدادا  تشابكا والتصاقا والتحاما.. صحيح جزى الله الشدائد كل خير فقد عرفتنى صديقى من عدوى وأحمد الله على أن كافة أصدقاء ومريدى ومحبى أحمد حلمى ومنى زكى هم من الكثرة بحيث يسدون عين الشمس وعلى رأسهم يأتى العزيز أشرف زكى.. هؤلاء أحاطوا أسرة أحمد بالمشاعر الدافئة وكانوا معهم من خلال الواتس والموبايل والفيبر فى كل لحظة وفى كل مكان ولولا كل هذه المشاعر المتدفقة حنانا وحبا لربما كان وقع الحوادث مرعبا.. لقد خففت من قسوة المحنة مشاعر نبيلة من أصدقاء العمر  وزملاء المهنة والأهل والخلان، ولكن اليوم أحمد على وجه الخصوص فى حاجة ماسة وضرورية إلى استراحة المحارب لقد كانت حياته كلها حروبًا متعددة على جبهات متغيرة انتقل فيها من انتصار إلى آخر وكان آخر انتصار حققه أحمد هو النصر على المرض اللعين الذى غافله وهو فى غمرة انشغاله برفيقة العمر ومشواره الفنى وكما عودنا دائما هذا اللامع البراق المتجدد الحيوية الدائم البحث عن الجديد فإننا سوف  ننتظره ليس لأننا من محبيه ومريديه فقط، ولكن لأننا تعاقدنا مع أحمد على الفن النبيل الجميل الذى لا يخدش الحياء ولكنه ينتزعها  مما يحيط بها من القبح والشرور ويسخر من همومها وآلامها ومعوقاتها ربما ليقومها وربما ليمنحنا القوة على مواجهتها فهذه هى اسمى رسالة للفنان وقد كنت دائما يا عزيزى أحمد من النبهاء فى دولة الفن وكانت لك على الدوام رسالة ومهمة مقدسة فى كل عمل فنى وقد بلغت دائما الهدف وأحرزت فى المرمى وبالطبع يا فنان يا جميل أنت لست فى حاجة إلى شهادة منى ولا من غيرى فيكفيك فخرا هذه الحشود المليونية التى احتشدت دعواتها لتهز السماء تدعو لك من أعماق القلب أن يحفظك المولى عز وجل، لكى تواصل المهمة الوحيدة التى من أجلها أتيت إلى الحياة.. وهى رسم البهجة فى النفوس والقلوب.. وجلاء  الصدأ عن الوجدان.
وعلى العموم أيها العزيز عليك أن تتذكر على الدوام أنه لا يلقى بالحجر.. إلا ما هو مثمر من الشجر.. وأنت  بالتأكيد شجرة طيبة ثمارها لها مذاق خاص وسوف تظل تعطى دائما وتجود وتحسن فيما تعطى وبالتالى سوف يظل أعداء النجاح لك بالمرصاد ومعهم كل الحاقدين  الكارهين للبشر هؤلاء لا تلقى لهم بالا وأحسن الحلول العملية معهم هو تجنبهم.. فهؤلاء مثلهم مثل المجانين الذين قال عنهم ذات يوم عمك لقمان الحكيم عندما سألوه كيف تعلمت الحكمة قال من المجانين.. فقيل له كيف.. فقال: كلما فعلوا أمرا تجنبته.. وأنت يا صديقى العزيز أحد الذين يتبعون الحكمة عندما يتصدون للعمل الفنى، وذات يوم قد تتربع وحيدا وتبتعد بك المسافات عن أبناء جيلك وقد تجد نفسك تنافس نفسك ويكفيك ما نلت من فخر عندما وقعت تحت منظار السعدنى الكبير طيب الله ثراه وعندما أشار عليك وحدك بعد ذلك نجمنا الأكبر عادل إمام لك يا أحمد كل محبتى مقرونة بأطيب الأمانى لك وللجميلة الفريدة بين بنات جيلها صاحبة الوجه المصرى سمح الملامح.. منى زكى.. قريبتى.. وإن لم تنتم إلى الأسرة السعدنية !!.∎