الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الحرس الثورى الإيرانى» فى باب المندب

«الحرس الثورى الإيرانى» فى باب المندب
«الحرس الثورى الإيرانى» فى باب المندب


كشف استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء مؤخرا بدعم من الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، تفتت اليمن ونجاح إيران فى تطويق دول الخليج العربى من الجنوب بعد الشمال- العراق وسوريا ولبنان - مما يهدد بإثارة القلاقل فى السعودية وتشتيت جهود أمريكا وحلفائها فى المنطقة فى الحرب على تنظيم الخلافة الإسلامية (داعش)، كما تهدد ميليشيات  الحوثيين المسماة بـ(أنصار الله) التى يقودها عبدالملك الحوثى حركة التجارة العالمية فى البحر الأحمر وربما ينعكس هذا الأمر على قناة السويس.

 إيران على لسان على شمخانى وزير الدفاع الإيرانى السابق وممثل المرشد على خامنئى رحبت بالتطورات الأخيرة فى اليمن.
السيناريو اليمنى لا يختلف كثيراً عن السيناريو العراقى، فحالة السقوط والفوضى جاءت بالطريقة نفسها فى البلدين من خلال التصنيف المذهبى والذى نجحت فيه تنفيذه كل من أمريكا وإيران للاستيلاء على المنطقة، فالأولى وضعت مخططاتها تحت عنوان الشرق الأوسط الجديد والذى أطلقته إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، والذى يهدف لتفتيت المنطقة لدويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها، والثانية عملت على نشر مذهبها لعمل جماعات تدين لها بالولاء تتناحر مع الجماعات السنية الرافضة لوجودها فى المنطقة فتدخل المنطقة فى صراعات لا نهاية لها، وتسقط الدول العربية واحدة تلو الأخرى، ونظراً للنجاح الساحق الذى حققه هذا المخطط فى العراق والذى انتهى إلى نهاية مأساوية سقط فيها واحد من أقوى جيوش المنطقة وتاهت فيها واحدة من أغنى الدول وسط غمار الحرب، تكررت الأحداث نفسها والصراع بين جماعة (أنصار الله)- الذراع العسكرية للحوثيين- وبين الجيش اليمنى، حيث بدأت أولى خطوات تفتيت اليمن منذ فبراير الماضى بعدما أقرت لجنة تحديد الأقاليم المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطنى بتقسيمها إلى ستة أقاليم: اثنان فى الجنوب وأربعة فى الشمال.
تشير تقارير الإذاعة الألمانية إلى أن اشتعال الأحداث فى اليمن جاء بعد محاولة ميليشيات (أنصار الله) والتى تمول بشكل مباشر من إيران، السيطرة على صنعاء والبنك المركزى ودمروا العديد من المرافق الحكومية وسيطروا فيها على عدة قواعد ومعسكرات تابعة للجيش اليمنى، كما أنهم قصفوا مبنى التليفزيون اليمنى وأوقفوا بثه وسيطروا عليه بالكامل فى ظل انسحاب الجيش، كل هذه العمليات الإجرامية جاءت دون أية مبررات فى أعقاب مطالبتهم بسقوط الحكومة احتجاجا على زيادة أسعار الوقود، الأمر الذى دفع عبدربه منصور الرئيس اليمنى لتوقيع اتفاق تحت مسمى (اتفاق السلام) لتقاسم السلطة مع الحوثيين، إلا أن هذا الأمر دفع عبدالملك الحوثى، زعيم (أنصار الله) للشعور بالزهو بما حققته ميليشياته، فعلى طريقة خطابات حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله الشيعى فى لبنان، وجه (الحوثى) كلمة الثلاثاء الماضى لأنصاره وصف فيها ما قاموا به بأنه (ثورة ناجحة)، مشيراً إلى أن قوتهم لم يستطع أحد مقاومتها.
∎  استهداف قناة السويس
ما يدعو للقلق هو محاولة سيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، والذى برزت أهميته مع افتتاح قناة السويس، والتى ربطت البحر الأحمر بالبحر المتوسط، ليتحكم مضيق باب المندب فى حركة التجارة الدولية عبر المحيطات حيث يربط بين آسيا وأفريقيا، وبالتالى فإن محاصرة الحوثيين له ورغبتهم فى السيطرة عليه كما صرح عبد الحميد شكرى، رئيس المجلس الوطنى للنضال السلمى لتحرير الجنوب، يعنى تمكين إيران من السيطرة على أحد أهم المضايق، وأن هذه القلاقل التى تثيرها فى المنطقة ونشر الميليشيات المسلحة فى العديد من الدول المجاورة لمصر ربما يهدد قناة السويس..
التصريحات الرسمية فى إيران تكشف عن مباركة للاستقرار وضبط النفس، فمؤخراً أعربت مرضية أفخم، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عن سعادة بلادها فى توقيع اتفاق السلام، واصفة إياه بأنه (تاريخى)، وأنها تأمل فى استعادة الأمن والاستقرار سريعاً لليمن، إلا إن هذا لايعكس حقيقة  أن إيمان تحاول إبعاد أية شبهات عنها تورطها فى إثارة الفتن فى اليمن، أو فى أى دولة عربية، ورغم هذا فإن اللقاءات وتصريحات بعض القيادات والتى يتناقلها الإعلام الإيرانى تكشف عن هذه الجوانب السرية لهذه العلاقات..
∎  إيران والربيع العربى
فكما استطاعت إيران صناعة (نصرالله) فى لبنان، و(المالكى) فى العراق، استطاعت صناعة (الحوثى) فى اليمن، وقامت بتدريب عناصره على أيدى الحرس الثورى الإيرانى كما فعلت مع باقى الجماعات المسلحة التابعة لها فى العديد من الدول العربية، كما أمدتهم بالأسلحة اللازمة لقيامهم بهذه المهمة، لم يكن الأمر وليد السنوات الأخيرة فإعداد إيران للحوثيين بدأ منذ فترة بعيدة، فمنذ تأسيسها فى 1992 على يد حسين الحوثى، وهناك اجتماعات سرية تقعد بينهم وبين الحرس الثورى وبعض قادة حزب الله، كانت تهدف منذ التسعينيات لضرب السعودية وإثارة القلاقل إلى أن تطور الأمر للسيطرة على البلدان العربية بأكملها بعد لعبة سقوط الأنظمة التى اجتاحت الوطن العربى، ليبدأ أعضاء هذه الميليشيات فى الكشف عن وجههم الحقيقى شيئاً فشيئاً، فبعد كل هذه الفوضى وجه عبدالملك الحوثى، كلمة عبر التليفزيون يمتدح فيها النظام الإيرانى واصفاً إياه بأنه أكبر داعم للشعب الفلسطينى والقضية العربية، متناسياً ما آلت إليه الأوضاع فى بلاده بسببه، مردداً شعارات عن تحدى النظام الإيرانى لأمريكا وإسرائيل وكأن اليمن لم يصبها شىء.
النقطة الأكثر أهمية فى خطاب (الحوثى) هو تأكيده على (الصحوة الإسلامية) التى اجتاحت البلدان العربية، ليردد ابن إيران البار المصطلح الذى صنعه النظام الإيرانى للتبشير بثورات خومينية جديدة فى الوطن العربى، كما قال على خامنئى، القائد الأعلى للثورة أن (الخومينى) الأب الروحى للثورات العربية.
لاشك أن حرية العقيدة أمر يخص كل فرد، إلا أن الحديث عن المد الشيعى لم يكن أحد الفزاعات التى يثيرها أنصار الهلال السنى، فالنظام الإيرانى يعتمد على المذهب بنسبة كبيرة فى استقطاب وضمان ولاء معتنقيه له ويتخذ منه مدخلاً لإستعادة الإمبراطورية الفارسية من جديد، وهنا تكمن الخطورة، ففى ظل المفاوضات التى عقدت مؤخراً من أجل التوصل لتسويات بين الحوثيين والسلطة، طالبوا بفتح مكاتب لهم بإيران والسماح لهم بعمل بعثات للحوزات الشيعية فى مدينة ''قم'' الإيرانية و''النجف'' بالعراق، تأتى هذه المطالب كخطوة أولى فى سبيل تحقيق دول عربية شيعية مثلها مثل العراق، علاوة على استغلالهم للتسليحات العسكرية التى تأتى لهم عبر إيران، ففى 29 أغسطس الماضى أعلن الرئيس اليمنى عبد ربه منصور، عن القبض على اثنين من ضباط الحرس الثورى كانا يريدان بناء مصنع صواريخ، مؤكداً على وجود نحو 1600 طالب يمنى حوثى يدرسون فى إيران ويتم استقطاب عدد كبير منهم لضرب الأمن القومى.