السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أبوالعز الحريرى.. جدع بلا جاه

أبوالعز الحريرى.. جدع بلا جاه
أبوالعز الحريرى.. جدع بلا جاه


ها هى مصر تفقد من جديد مناضلا وبطلا من أبنائها المخلصين، ذهب عنها من عاش عمره كاملا يخوض المعارك من أجلها، تركها أبوالعز الحريرى فجأة وهى فى أشد الحاجة إلى من هم مثله، رحل «المناضل اليسارى» كما يعرفونه دائما، رحل من كانت جرأته فى مواجهة الفساد والأنظمة القمعية لا مثيل لها، مات أبوالعز الحريرى وأخذ معه قلوبنا وترك لنا الحسرة والألم.

بعد أن تم تنصيب المعزول محمد مرسى فى يونيو 2012 بأيام قليلة التقيت المناضل أبوالعز الحريرى لإجراء حوار معه لمجلة «روزاليوسف»، كان ذلك تحديدا بعد إلغاء مرسى للإعلان الدستورى المكمل، كان منفعلا لأقصى درجة وكأنه يحمل فوق كتفيه أحمالا كالجبال، أخذ يسرد لى أسباب قلقه وغضبه من وصول الإخوان لحكم مصر، كان يعتبر الانتخابات التى وصلت بمرسى لحكم مصر باطلة، كرر جملة «مصر اغتصبها الإخوان» أكثر من مرة أمامى، شعر بعد ساعتين من تفنيد أحوال البلاد أن كلماته أصابتنى بالإحباط، فابتسم كأب حنون وتغيرت لهجته تماما، مؤكدا لى أن حلم دولة الثورة المدنية سيتحقق عما قريب، وأن الثورة لم تمت ولاتزال تقاوم الجماعة ورجالها، ثم ختم حواره معى مفجرا قنبلة جديدة من الرؤى الثاقبة وبعد النظر السياسى، عندما قالى لى نصا: «الثورة ستطيح بالإخوان بعد عام أو عامين على أقصى تقدير».. وبعد عام كامل من لقائنا هذا تحققت نبوءته.
أبوالعز حسن على الحريرى ابن المحلة الكبرى الذى ولد فى 2 يونيو 1946 وتخرج فى كلية الحقوق التعليم المفتوح، كان شابا صغيرا فى الثلاثين من عمره عندما تم انتخابه لمجلس الشعب عام 1976 ممثلا عن دائرة كرموز بالإسكندرية.
دخل البرلمان حاملا على كتفيه قضايا الفقراء والعمال وحقوقهم ولم يستغله للاستيلاء على أراضى الدولة أو حتى جنى المال وبسط النفوذ.
ولأن ميوله اشتراكية وحقوق الفقراء كانت لديه أهم وأسمى من حصانة البرلمان، شارك فى تظاهرات عام 1977 فرفعوا عنه الحصانة بتهمة الاشتراك فى التظاهرات، وفصلوه من عمله بشركة الغزل والنسيج، مما دفعه لشراء صندوق ورنيش للأحذية وجلس أمام الشركة لمدة 10 أيام لتلميع أحذية المواطنين عندًا فى الحكومة.
دخل معركة مع الرئيس الراحل أنور السادات بسبب رجل الأعمال ممدوح سالم وفساده، وعرضوا عليه منصب وزير القوى العاملة وقتها، لكنه رفض وتعرض لست محاولات اغتيال.
وخاض معركة أخرى مع مبارك أثناء رئاسته لمصر استمرت ثلاثين عاما حارب خلالها فساد الحزب الوطنى ورموزه، وقدم استجوابا فى مجلس الشعب أثناء عهد مبارك يطلب فيه محاكمته بتهمة اغتيال السادات.
قدم أيضا العديد من الاستجوابات ضد أحمد عز كاشفا خلالها فساده، فاضحا استيلاءه على شركة حديد الدخيلة.
اعتقله السادات فى 5 سبتمبر عام 1981 بعد معارضته لاتفاقية كامب ديفيد.
كان أحد أهم رموز الثورة المصرية فى يناير 2011 وأسس بعد الثورة حزب التحالف الشعبى الاشتراكى وخاض انتخابات رئاسة الجمهورية فى .2012
لم يسلم من الإخوان أيضا حيث قام عدد من البلطجية التابعين للجماعة بمحاصرته وزوجته وأصيب بإصابات بالغة فى الوجه والصدر بآلات حادة، وحطموا سيارته تماما.
ذهب المناضل العظيم ليلقى ربا كريما. وينعم بالراحة أخيرا بعد سنوات من الصراع مع الأنظمة الفاسدة، ذهب طالب الحق إلى دار الحق تاركا خلفه مئات من المواقف النضالية التى جعلت ملايين المصريين فى ظل أسوأ اللحظات التى مرت بها البلاد ويتنهدون قائلين «الدنيا لسه بخير.. «وداعا أبوالعز الحريرى».