الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الجن الإلكترونى.. تخصص فض عذرية1

الجن الإلكترونى.. تخصص فض عذرية1
الجن الإلكترونى.. تخصص فض عذرية1


الدجال الإلكترونى هو أحدث صيحة فى عالم السحر والشعوذة والجيل الرابع من وسائل النصب على الشباب..
خطورة هذه التقليعة أنها اقتحمت عقولا متفتحة لتتجاوز أسقف البسطاء والأسئلة المطروحة:
كيف يجتمع العلم مع الخرافة؟ مَنْ هؤلاء السحرة والدجالون ومَنْ وراءهم؟ هل أصبح الاستعانة بالسحرة والدجالين الملجأ للشباب للهروب من مشكلاته اليوم؟ أم هناك ملابسات أكبر وأعمق الهدف من ورائها القضاء على أجيال قادمة؟
«روزاليوسف» تفتح ملفا حول هذه الظاهرة الجديدة وتكشف ما وراء الستار.

تجولنا بين صفحات المواقع الاجتماعية وأشهرها «فيس بوك» فوجدت المئات من الحسابات الشخصية والصفحات غريبة الأسماء  مثل (الساحر ميمون السفلى - الملك مطيطرون المدمر - روحنيات الكعبى  الور الأحمر الساحر العظيم كيهرون -  جلب سفلى متمكن - مرجان الساحر) وكلهم يدعون  القدرة على السحر وفك الأعمال وجلب الحبيب وتسليط الأمراض والشلل وإعادة العذرية للفتيات وهكذا.. وتحمل صوراً غريبة وفيديوهات لكيفية تحضير الجن كما أن التفاعل على هذه الحسابات كبير، تحتوى على الآلاف من الأصدقاء ومنهم من المشاهير  وأشخاص ذو علم ومناصب! كما أن التعليقات على ما ينشره الساحر  إيجابية تأتى فى صورة  «بارك الله لك يا شيخنا.. ربنا يقدرك على فعل الخير.. ربنا يزيدك من علمه» ومنهم من يطلب مساعدة..ويرد الساحر أو الدجال «للتواصل يرجى الاتصال على رقم كذا» ومن اللافت للنظر أيضاً أن هذه الحسابات الشخصية جديدة تم تفعيلها  منذ شهرين أو 6 شهور على الأكثر إلا قليلاً منهم منذ سنوات.
∎ كشف أون لاين
قررت الدخول مباشرة فى عش الدبابير واقتحام هذا العالم فأنشأت حسابا مزيفا على الفيس بوك باسم فتاة أخرى وأضفت عددا كبيرا من السحرة والدجالين وادعيت أننى أعانى من هجران الحبيب وتحدثت مع أكبر عدد ممكن من هؤلاء النصابين وكانت ردودهم جميعها متشابهة «اسمك.. اسم أمك.. صورة شخصية!» ومنهم من يطلب سماع صوتى قبل البدء فى أى شىء للكشف من خلال الصوت.
تفاوضت معهم فى عدم إرسال الصورة وبالفعل وافق العديد الكشف عليا «أون لاين» باسمى واسم والدتى، وبالفعل أعطيتهم أسماء مختلفة وسبحان الله «طلع معمولى عمل شتات وفرقة»  ولابد من فك السحر والتحصين ثم جلب الحبيب.
حوار مع أحد الدجالين «بعد ما عرفت أنى معمولى عمل طبعا»
أنا: أنت إزاى عرفت إن معمولى عمل وكمان من غير ما تشوفنى؟
الدجال: أنا أستعين بالجن للكشف ولا أحتاج لرؤيتك.
أنا: طيب إزاى هتعالجنى من غير ما تشوفنى؟
الدجال: بفضل الله بكشف وبعالج عن بعد؟
أنا: واللى عندى ده صعب؟
الدجال: لأ ده سهل جداً مش هياخد فى إيدى حاجة بالكتير أسبوع.
أنا: أرجوك بسرعة قبل ما حبيبى يروح يخطب واحدة تانية
الدجال: خلاص أنا هخلصلك السحر فى يومين
أنا: طيب طلباتك إيه؟
الدجال: التكلفه كلها 1000 جنيه.
أنا: مش كتير؟
الدجال: «يادوبك».. ده أنا هعملك فك وتحصين وكمان جلب..
أنا: أرجوك أنا طالبة وبحوش من مصروفى
الدجال: والله أنا كده كرمك أوى
أنا: خلاص تمام.. هقابلك إزاى عشان تاخد الفلوس
الدجال: لأ أنتى مش هتشوفينى..
أنا: طيب هتاخد الفلوس إزاى؟
الدجال: هتحوليلى الفلوس على حسابى فى البنك أو عن طريق ويسترن يونيون
أنا: طيب من فضلك رقم حسابك؟
الدجال: وانتى هناك فى البنك تكلمينى على رقمى.. وأنا هبعتلك رقم الحساب أو أسم المندوب  وانتى واقفه وهتتابعى معايا ع الفيس أو ع الموبايل وإن شاء الله تبقى زى الفل
أنا: طيب لو مجبش نتيجه؟
الدجال: لأ أنا زباينى كتير ومشهورين  متقلقيش..
وهنا انتهى الحوار مع هذا الدجال وعلى نفس الطريقة جاءت البقية مع اختلاف الطلبات فمنهم من طلب 800 دولار.. ومنهم من حاول مرارا وتكرارا: رؤية صورتى ومعرفة تفاصيل عنى وطلب دجال آخر أن يرانى.. ومنهم من يتظاهرون منذ البداية أنهم خارج مصر حتى لايطلب الزبون مقابلتهم ولا يفضحهم هو طريقة الكلام التى سرعان ما تظهر أنها لهجة مصرية وليست خليجية أو مغربية كما يدعون
∎ تجارب حقيقية
بعد هذه التجربة الشخصية كان لابد من معرفة التجارب الحقيقية  فتوجهت إلى الأصدقاء المتواجدين وتحدثت معهم وتفاوتت ردود الأفعال.
توجهت بالحديث مع إحدى الفتيات «لو سمحتى عندى مشكله معمولى عمل ومش عارفه مين أحسن واحد على النت ممكن أتواصل معاه، واضح من أصدقائك أنك استعنتى بيهم فممكن تساعدينى؟
فى البداية تقول فتاة اسمها المستعار «كلمات عطرة»: جربت العديد ولم أصل لنتيجة حتى الآن ولكن أقنعنى أحدهم أن منهم نصابين والباقى لديهم القدرة وأنا الآن أتابع مع واحد جديد وبإذن الله سوف أصل إلى نتيجة!!
ومع كل أسف كانت ردود أغلب الفتيات هكذا: أنا لسه مجربة ومنتظرة النتيجة..
∎ الصياد الماهر
أما عن سماح إحدى المترددات على هذه الصفحات فتقول:  هؤلاء أغلبهم من الدجالين عديمى الرحمة والإحساس فهم لا يكتفون بالحصول على الأموال من هؤلاء الأغبياء فقط، بل يمتد الأمر للحصول على ما هو أكثر باسم الدجل.وتروى قصة صديقتها قائلة: صديقتى جميلة و ليست لها خبرة فى الحياة وكانت كلما تقبل على الزواج يحدث مشاكل وتترك خطيبها وشارت عليها إحدى صديقاتها بالذهاب الى دجال أون لاين لسهولة التعامل معه ولن يكلفها النزول من بيتها  وبالفعل تعرفت على أحد الدجالين والذى أوهمها أنها مصابة «بمس جنى» ولابد من فك العمل بالطرق السفلية، فى البداية ذعرت كثيراً من الأمر  ولكن بطريقة الصياد الماهر استمر هذا النصاب فى استخدام كل وسائله حتى قام باصطياد فريسته ومن ثم وقعت فى الفخ وذهبت إليه قابلها فى أحد كافيهات إسكندرية ثم أخذها  فى شقة مفروشة ادعى أنها شقته وحدث ما حدث باسم أن الجن هو من يفعل ذلك ومن ثم فقدت الفتاة عذريتها ولم نعلم عنه أى شىء بعد ذلك وفضلت السكوت حتى لا يفضح أمرها ثم لجأت إلى الوسائل الملتوية حتى تستطيع الزواج وهى طبيعية كأى فتاة!! وأنا الآن أحاول الاتفاق مع أحد الأفراد حتى يسخر له جن حقيقى للانتقام من الدجال الذى أفقد صديقتى عذريتها ونصيبه بالشلل.
ثم ظللت أبحث حتى توصلت إلى فتاة تهاجم هؤلاء بشدة فتواصلت معها بعدما أشعرتها بجهلى وقلة حيلتى وخبرتى المعدومه فى الحياة: فى البداية كررت يا بنتى ابعدى أحسنلك عن الناس ديه وأنا كررت الإلحاح فى رغتبى أن أرجع لحبيبى ... فأخبرتنى انتى اللى هتجبيه لروحك..ومع إصرار منى لمعرفة حقيقتهم قالت لى «أنا هقولك الحكاية كلها بس الله يباركلك متجبيش اسمى مع أى حد منهم عشان أنا عرفاهم كلهم وتربطنى بهم علاقات «... هم مجموعة من  الأصدقاء يعملون فى شكل عصابة» .. يقومون بعمل مجموعة كبيرة من الحسابات الشخصية على الفيس بوك  ويشترون عددا كبيرا من خطوط الموبايل وواحد يشتغل على الزباين باسم خرافى والآخرون يقومون بكتابة تعليقات على الصفحة ويشيدون  بقدرته على إجراء السحر والشعوذة حتى يطمئن زائرو الصفحة من الزبائن ويشعرون بقدرته الفائقة وفى بعض الأحيان يكون من ضمن العصابة فتاة حتى تتمكن الاخريات من سؤالها عن قدرة هؤلاء فتؤكد على قدرتهم بالفعل..   وبإلحاح شديد على معرفة ماذا يفعلون..أخبرتنى قائلة: هؤلاء الدجالين أغلبهم من الشباب العاطلين لا يجدون المال للزواج أو حتى للمعيشة فيستغلون أوقات فراغهم فى الضحك على عقول البشر لكسب المال  ويستغلون الفتيات باسم السحر السفلى لممارسات جنسية.. فقلت لها: كيف حصلت على كل هذه المعلومات فأخبرتنى أنها طلقت منذ 3 أعوام  وكانت تبحث عن وسيلة للرجوع إلى طليقها ولجأت كغيرها  إلى هذا الطريق حتى تعرفت على  أحد السحرة وبدلا من ردها لزوجها سحرها لكى تكون مطيعة له وهى ..بالفعل تحت تأثير هذا السحر ولا تستطيع البعد عنه وتزوجته عرفيا وبعدما تزوجته علمت كل هذه المعلومات عن هذا العالم.
قلت لها: ممكن تحكيلى ازاى بيسخروا الجن؟ : قالت لى انهم يقرأون القرآن بطرق مقلوبة فى دورات المياه حتى يحضر الجن وغير كده معرفش..
فتوجهت لها بالسؤال:لماذا لم تبلغى عنهم؟؟
فقالت لى: حاولت كثيرا ولكن ما كان يمنعنى هو حبى المزيف لهذا الساحر كما  أن من يمسك يستطيع أن يخرج من أى تهمة توجه إليه.
قلت لها: كيف يتم ذلك؟؟
فقالت لى: الله أعلم.. وأعطتنى رقم هاتفها وأخبرتنى إذا احتجتى أى شىء أنا أختك الكبيرة كلمينى فى أى وقت.
أرجو من السادة المسئولين سرعة التوجه إلى هذه الكارثة.
الدكتور صالح حزين أستاذ علم النفس بكلية الأداب جامعة عين شمس يحلل هذه الظاهرة، ويصفها بالمؤامرة وأضاف: أن الظاهرة أخطر مما تتصور فهى حيلة من الخارج للقضاء على الشباب المصرى بنشر هذه الخرافات والاتجاه إلى السحر والدجل مستغلين ما مرت به البلاد من فترات عصيبة كان لها بالغ الأثر على الشباب الذى فقد الأمل فى الدولة بالكامل وأصيب بالإحباط وأصبح يرجع كل شىء إلى هذه الأشياء التى لا صحة لها ويبدأ فى بناء أحلام وأوهام بأيسر الطرق.
إن هؤلاء المتآمرين - والكلام لدكتور صالح حزين - هم على وعى تام بعلم النفس البشرى ويبدأون بالتلاعب فى شكل ثنائى مستغلين بعض الشباب فى نشر السحر والدجل والجزء الآخر فى تلقى هذه الخرافات وتصديقها والنتيجة هى جيل  لا فكر ولا علم له وبخاصة فى ظل الفترة الراهنة فلا يوجد مؤسسات علمية ترعى الفكر وتنظم العلاقات لذا لن تنهض الأمة إلا بالاتجاه إلى العلم ونشر الوعى بين الشباب ومحاولة استغلالهم فى النهوض بالمجتمع.
وينقلنا علم الاجتماع إلى نقطة أخرى حيث تضيف الدكتورة هدى زكريا أستاذة علم الاجتماع الزقازيق قائلة: الظاهرة تمثل حالة مرضية تمر بها البلاد الآن من مشاكل وظروف سياسية واقتصادية وتطالب وتناشد بالقضاء عليها بسهولة من خلال التزام المؤسسات العلمية وبخاصة فى المدارس بالمنهج العملى فى التفكير والبعد عن الحكايات الخرافية التى يتم ربطها بالدين، كما تطالب الإعلام بزيادة عدد البرامج التى تشجع وتحث على المثابرة والكفاح والعمل من أجل تحقيق الأحلام، وتناشد د. هدى رجال الأمن التدخل وكشف هؤلاء الدجالين والقضاء عليهم.