الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فهمى عبدالحميد بين «دلع» نيلّلى و«خفة» شريهان و«مقالب» فطوطة

فهمى عبدالحميد بين «دلع» نيلّلى و«خفة» شريهان و«مقالب» فطوطة
فهمى عبدالحميد بين «دلع» نيلّلى و«خفة» شريهان و«مقالب» فطوطة


أقل ما يوصف به المخرج الراحل «فهمى عبدالحميد» هو العبقرية. فبإمكانيات محدودة، بل تكاد تكون معدومة استطاع أن يربط ملايين المشاهدين بشاشة التليفزيون فى شهر رمضان، فى عملين ارتبطا بقدراته الإخراجية وحسه الفنى العالى: «الفوازير» و«ألف ليلة وليلة».
 
ورغم ضعف الإمكانيات المتاحة لـ«فهمى» فى السنوات التى صنع فيها الفوازير وألف ليلة وليلة، فى الفترة من منتصف السبعينيات إلى نهاية الثمانينيات أنه خلق أعمالا استطاعت أن تعيش لسنوات بل لعقود من الزمن. لم تكن التكنولوجيا قد تطورت ولم تكن أعمال الجرافيكس والمؤثرات الخاصة قد ظهرت بعد.
 
تمكن المخرج الذكى من أن يبتكر استعراضات وشخصيات بل تجارب تليفزيونية بأكملها من وحى خياله. وقدرته على ابتكار بعض الخدع «بعيون فنية» نتيجة دراسته فى كلية الفنون الجميلة. بطريقة مكنته من تنسيق الألوان والديكورات لتعطى صورة مبهرة للمتفرج.
 
تخرج «فهمى» فى كلية الفنون الجميلة عام 1963 وفى العام التالى التحق بالعمل فى التليفزيون الذى انطلق قبل التحاق «فهمى» به بأربع سنوات فقط. وكانت الفوازير قد انتقلت من الإذاعة إلى التليفزيون فى عام 1961 بفوازير «على رأى المثل»، ثم قدم ثلاثى أضواء المسرح من عام 1967 وحتى عام 1970 سلسلة فوازير من إخراج «محمد سالم». فى هذه الفترة كان «فهمى عبدالحميد» يعمل فى التليفزيون فى إخراج التيترات الخاصة ببعض الأفلام والمسلسلات. إلى أن جاءت البداية الحقيقية بتقديم فوازير جديدة ذات طابع خاص ومختلف مع الفنانة «نيللى»، الفوازير كانت بعنوان «صورة وفزورة»، وفى العام التالى «صورة وفزورتين» ثم «صورة وثلاث فوازير».
 
وعندما اجتمع «فهمى» مع «صلاح جاهين» استطاع العبقريان أن يبتكرا الفوازير التى وضعت حجر الأساس فى بنيان ضخم يسمى فوازير رمضان انتهى تأسيسه بوفاة «فهمى» ولم يتمكن أى مخرج من بعده أن يضيف أى شىء أو يجذب الجمهور، استمرت رحلة «فهمى عبدالحميد» مع «نيللى» فى فوازير الخاطبة وعروستى منذ عام 1975 وحتى عام .1981
 
ولأن المخرج الواعى هو الذى لا يتوقف عند وهج النجاح وإنما يبتكر عملا جديدا ومختلفا ينقله من نجاح إلى نجاح أكبر، توقف «فهمى» عن العمل مع «نيللى» ليعيد تقديم سمير غانم بعد لمعانه فى «ثلاثى أضواء المسرح»، ومن خلال «فوازير فطوطة». قدّم الثلاثى «فهمى» و«سمير» و«فطوطة» الفوازير على مدار عامين متتاليين.
 
ومن جديد يبحث المتجدد المبتكر «فهمى عبدالحميد» عن الجديد. ويتخطى النجاح الكبير لفوازير «سموره وفطوطة» ليبتكر شخصية جديدة.. هذه المرة كان الابتكار لنجمة جديدة وأسطورة فى عالم الاستعراض هى الفنانة «شريهان».
 
لم يكتف المخرج الذكى بالفوازير.. بل أنه غامر بما هو أكثر وهى حلقات ألف ليلة وليلة. التى نقلها من الإذاعة إلى الشاشة. فى دراما شيقة مليئة بالحبكات اللامنتهية، فى حوار ممتع تحكمه القافية، وأداء قدير من شريهان المتمكنة يحيطها نجوم كبار يلتزمون بشخصياتهم وأدوارهم دون محاولة للتجويد أو سرقة الأضواء. وقدّم عبدالحميد فى ألف ليلة وليلة أغانى مازالت كلماتها وألحانها ترن واستعراضات رشيقة، كل ذلك فى «ألف ليلة» الأميرة «وردشان» ثم فوازير الأمثال الشعبية «عروس البحور» وفوازير المهن ثم «الأخوات فاتيما وكريمة وحليمة» وفوازير حول العالم.
 
فهمى عبدالحميد ظل يقدم الفوازير فى السنوات التالية لابتعاد «شريهان»، المرة الأولى كانت فوازير المناسبات الشهيرة التى قدمها «يحيى الفخرانى»، «صابرين» والراحلة «هالة فؤاد»، وأيضا قدم ألف ليلة وليلة من بطولة «ليلى علوى» وكانت الحكاية هذه المرة هى حدوتة الأشكيف المخيف الشهيرة.
 
وفى العام التالى وأثناء إخراجه لفوازير العودة مع فنانة الفوازير الأولى «نيللى» وكانت فوازير «عالم ورق» رحل النجم اللامع «فهمى عبدالحميد» إثر أزمة قلبية مفاجئة وهو فى الواحد والخمسين من عمره. ليكمل تلميذه «محمد عبدالنبى» إخراج الفوازير. ويستمر فى مسيرة تقديم الفوازير تلاميذ «فهمى عبدالحميد» ومنهم «جمال عبدالحميد» وابنه فيما بعد «وائل فهمى عبد الحميد».
 
وعلى الرغم من التطور التكنولوجى واستخدام الوسائل الحديثة فى التصوير والمونتاج وارتفاع التكلفة الإنتاجية للأعمال الاستعراضية. فإن الأعمال البسيطة التى قدمها «فهمى» كانت الأروع والأهم والأكثر خلودا. ربما يكون السبب فى بقائها هو الإخلاص والحب الذى صنعت به هذه الأعمال، وذكاء وعبقرية مبتكرها وصانعها.