الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نكبة الجيش العراقى أمام داعش

نكبة الجيش العراقى أمام داعش
نكبة الجيش العراقى أمام داعش


أعادت الأحداث الدموية الأخيرة العراق إلى بؤرة الأحداث مرة أخرى كاشفة بما لا يدع مجالا للشك اللمسات النهائية للمؤامرة التى تحاك ضده لتقسيمه بعد أن تهيأت الفرصة أمام المخطط البغيض.
 
 لم تكن الدهشة وليدة للأفعال الشاذة لعصابات داعش المتعطشة للدماء والشهيرة باغتيالاتها لجنود الجيوش العربية النظامية سواء فى سوريا أو العراق ولكنها أصابتنا فى مقتل جراء خيانة بعض قيادات الجيش العراقى لوطنهم وفرارهم من مواجهة الميليشيات المسلحة وتركهم مخازن مكدسة بالسلاح لتقع فى أيدى الإرهابيين وتسقط محافظة من أهم محافظات العراق وهى نينوى والتى تضم مدينة الموصل وتليها محافظة صلاح الدين حتى أصبحوا على مشارف مدينة بغداد بالإضافة إلى اقترابهم من الحدود العراقية الإيرانية (180 كيلو من إيران) مما أثار الذعر على المستويين الحكومى والشعبى فى إيران.
 
 لم تتأخر كثيرا اتهامات الخيانة بين المسئولين العراقيين وإلقاء اللوم على بعضهم البعض حيث اتهم أثيل النجيفى، محافظ نينوى (المحافظة التى سقطت فى أيدى داعش فى غضون ساعات) ثلاثة أسماء عسكرية وهم قائد القوات البرية الفريق أول على غيدان، وقائد العمليات المشتركة فى الموصل الفريق أول عبود قنبر، وقائد الشرطة الاتحادية فى الموصل اللواء مهدى صبيح الغراوى وحملهم مسئولية إسقاط المحافظة وذلك بتضلليهم القيادة فى بغداد عن حقيقة الوضع فى نينوى.
 
وتكتمل خيوط المؤامرة عندما يتم الكشف بأن الأسماء الثلاثة كانوا ضباطا فى الجيش إبان حكم صدام حسين واثنان منهم كانا عضوان فى حزب البعث وعادا إلى الخدمة مرة أخرى بعد حل الجيش فى عام 2003 مما يعزز ما يتم تناقله بانضمام قادة عسكريين سابقون فى جيش صدام حسين وبعض التنظيمات الأخرى إلى داعش مدعومين من عشائر عراقية بالمال والسلاح للاستيلاء على محافظات وسط العراق ذات الأغلبية السنية ويفسر أسباب سهولة توغل داعش داخل العراق.
 
 ما حدث يعد نكبة أخرى تلاحق جيشا كان واحدا من أقوى الجيوش العربية حتى عام 1990 حينما غامر صدام حسين بغزو الكويت وما تلا ذلك من حرب تحرير الأخيرة ثم غزو الولايات المتحدة للعراق 2003 وقرار حاكمها حينئذ بول بريمر بحل المؤسسات العسكرية والذى شمل وزارة الدفاع وكل الهيئات التابعة أو المرتبطة بها وكل التشكيلات العسكرية وبالتالى حققت الولايات المتحدة ما كانت تصبو إليه من القضاء على الجيش العراقى والذى تم تأسيسه قبل 93 عاما.
 
ورغم قرار الحكومة العراقية بإعادة تكوين الجيش مرة أخرى منذ عشر سنوات تقريبا إلا أنه من الواضح معاناته للكثير من نقاط الضعف التى أدت إلى الوضع الكارثى الذى تعانى منه العراق منذ الغزو الأمريكى لها وتجلى فيما يحدث الآن.
 
 كما يوضح العميد خالد عكاشة الخبير الأمنى أن ما يحدث الآن نتاج معارك دائرة منذ ثلاثة شهور وهو ما صرح به ضباط وأفراد عراقيون هربوا من مدينة الموصل مؤكدين أن هناك ظهيرا داخليا يساعد داعش بالمال والسلاح ويمهد لهم الطريق داخل العراق مشيرا إلى أنه من المبكر التكهن بنتائج العمليات الأخيرة وإن كان لا يستبعد أن قرار تقسيم العراق قد تم تنفيذه بالفعل حيث ستصبح المحافظات الثلاث التى سيطرت عليها داعش مقرا للعراقيين السنة فيما يوجد بالفعل إقليم كردستان فى شمال العراق منذ عدة سنوات ويكتفى المالكى بالجزء الجنوبى للشيعة.
 
ويستبعد عكاشة تعرض مصر لأى مواجهات مع تنظيم داعش ولو من قبيل حمايتها لدول الخليج فالتنظيم سينشغل بما استولى عليه من آبار بترول وثروة وسيحاول التمكن من السيطرة عليها ولا يتطلع إلى خارج العراق ولو حتى إلى سوريا وبالتالى السعودية أو الكويت وإيران فهو قد اكتفى بما حصل عليه وخلق أمرا واقعا مريرا مؤكدا أن المشكلة شائكة بشكل كبير وأكبر من إمكانيات أى دولة فى المنطقة سواء السعودية أو مصر فالإرهاب لديه موازين قوى ولابد من امتلاك القدرة على التعامل معها خاصة فى ظل اكتسابه خبرة خلال حربه فى سوريا رغم هزيمته بعد تدخل حزب الله وإيران بقوة إلى جانب بشار الأسد.
 
ويوضح اللواء نصر سالم الأستاذ بأكاديمية ناصر العسكرية العليا أسباب هروب قادة الجيش العراقى من الموصل بقوله (جيش بلا عقيدة قتالية لا يجب أن ننتظر منه مقاومة أى محتل وهذا هو حال الجيش العراقى بعد إعادة بنائه مرة أخرى والتى لم تكن على أسس سليمة فلا قيمة للتسليح الجيد بدون العقيدة الراسخة بأنه يدافع عن بلده وأنه يقدم روحه فداء لها وقد حرصت أمريكا على ترسيخ المذهبية والطائفية بصورة كبيرة فانقسم الجيش إلى سنة وشيعة وأكراد وبالتالى لماذا يضحى الضابط أو الجندى بحياته من أجل غيره المتطاحن معه عقائديا (كما يتم إيهامه بذلك) بالإضافة إلى عدم وجود قيادة قوية صادقة فى إعادة الأمن للعراق مرة أخرى.
 
ويشير سالم إلى أن أمريكا لا تريد النصر لأى من الطرفين سواء الجيش العراقى الذى من المفترض أنها تقوم بتسليحه أو داعش (وهى صناعة مخابراتية أمريكية) فهى تسعى لترسيخ مفهوم التطاحن بين الفريقين كما سعت منذ سنوات للحرب بين العراق وإيران لإنهاك البلدين على مدى سنوات طويلة.
 
 فيما يؤكد لواء دكتور طلعت موسى أستاذ الاستراتيجية والأمن القومى بأكاديمية ناصر العسكرية أن ما حدث هو مؤامرة داخلية على الجيش العراقى، الذى تم اختراقه من تنظيم إرهابى ونجاحه فى ذلك يعد كارثة كبرى بكل المقاييس متوقعا مزيدا من الصراع بين قوات نورى المالكى رئيس الحكومة العراقية وعصابات داعش خلال الفترة القادمة.
 
ويطرح موسى سيناريو لتحركات داعش غير المتوقعة وهى مهاجمة مصر عن طريق ليبيا قائلا (انتهزت العصابات المسلحة الضعف الذى يعانى منه الجيش العراقى على مستوى التدريب وكذلك عدم وجود العقيدة الدفاعية وتغذية الروح الطائفية بين أفراده وضرب ضربته التى شهدناها ولذلك لابد من توجيه ضربة قاصمة لهم وإلا ستكون المحطة التالية هى ليبيا خاصة فى ظل ما تشهده من انقسامات حادة وفى تلك الحالة ستضطر مصر إلى الحفاظ على أمنها وسلامتها وتأمين حدودها الغربية بصورة شديدة ولكن لن نتدخل فيما يحدث هناك فنحن دولة لنا ثوابت فى سياستنا الخارجية ونحترم القانون الدولى والمواثيق والمعاهدات الدولية ولا نعتدى على أى قوات خارج حدودنا إلا فى حالة الاعتداء علينا وهو ما يستلزم استصدار أمر بالحرب والذى يشترط موافقة رئيس الجمهورية ومجلس الأمن القومى ومجلس الدفاع الوطنى وثلثى أعضاء مجلس الشعب.
 
وأوضح موسى أن الأمن القومى السعودى يخص الأمن القومى المصرى ولكن فى حالة تعرضها لأى عدوان فإنها ستلجأ فى المقام الأول إلى قوات درع الجزيرة والتى تم تشكيلها تحت رعاية مجلس التعاون الخليجى العربى ومهمتها حماية دول الخليج وتم الاستعانة بها عندما طلبها ملك البحرين أثناء تعرض بلاده إلى خطر الإرهاب والفوضى وهى متواجدة فى منطقة حفر الباطن على الحدود السعودية العراقية الكويتية.
 
 فيما يؤكد اللواء حمدى بخيت المحلل الاستراتيجى بأن داعش ليست فى حد ذاتها قوة وأن ما يحدث مؤامرة تعددت أطرافها من الحكومة العراقية العميلة للولايات المتحدة بقيادة نورى المالكى وبعض قيادات الجيش وعناصر استخباراتية من دول عديدة مخترقة للعراق ومنها أمريكا وإسرائيل والتى تقوم بتمويل تلك العصابات المسلحة ويهمها إرساء حالة من الفوضى والعنف فى المنطقة.