الإثنين 11 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إخوان ليبيا إلى الهاوية.. و«حفتر» هو المهدى المنتظر!

إخوان ليبيا إلى الهاوية.. و«حفتر» هو المهدى المنتظر!
إخوان ليبيا إلى الهاوية.. و«حفتر» هو المهدى المنتظر!


 
لم يتعلم إخوان ليبيا الدرس من جماعتهم الأم فى مصر، وأصروا على التحالف مع الجماعات المسلحة واحتضنوا التيارات المتطرفة وجماعات الإرهاب بكافة صورها، بهدف التشبث بتلابيب السلطة مهما كان الثمن؛ فأشاعوا الفوضى، ونشروا الرعب فى نفوس الليبيين، ووضعوا بلادهم فى مفترق طرق، إما السقوط فريسة سهلة لحكام مغامرين من أشباه القذافى..!، أو الانضمام طواعية لنادى الدول الفاشلة الراعية للإرهاب حول العالم، بعد أن تحولت ليبيا إلى قبلة للتنظيمات الجهادية المتطرفة من داعش إلى القاعدة، وأصبحت تمثل بؤرة خطر ليس على جيرانها فحسب ، بل امتد خطرها إلى أوروبا المتربصة والمراقبة لكل ما يجرى على الأرض الليبية من مهازل خلال السنوات الثلاث الماضية.
 
بما أن إخوان ليبيا مرتبطون عضوياً بإخوان مصر، فقد ساروا على نفس الدرب وارتكبوا نفس الحماقات.. فبمجرد سقوط حكم القذافى شرعوا فى تأسيس حزب سياسى، وإمعانا فى التشبيه والتقليد حمل الحزب الوليد اسم (العدالة والبناء) وهو قريب الشبه من حزب الحرية والعدالة الذى أسسته الجماعة الأم فى مصر بعد سقوط حكم مبارك.. فشلهم السياسى فى مصر امتد إلى ليبيا، وارتكبوا أخطاء جسيمة، عبر تسترهم خلف الجماعات المسلحة التى يدعمونها فى الخفاء ويتبرأون منها فى العلن كعادتهم.. فقد ظلوا طوال العقود الماضية يراهنون على عدم الصدام مع سلطة القذافى الغاشمة، وكان رهانهم أن حكمه إلى زوال، وأنهم البديل المستعد لحمل المسئولية من بعده؛ لذلك لم يترددوا فى عقد الصفقات المشبوهة معه حتى آخر لحظة فى حكمه.. تماما كما فعلت الجماعة الأم مع نظام مبارك الفاسد، عندما أعلنوا فى أكثر من مناسبة عن استعدادهم لدعم بقائه فى الحكم مدى الحياة أو حتى توريث الحكم إلى ابنه، بشرط أن يتقاسم معهم الحكم والسلطة !.. الجميع يذكر تلك اللقاءات العديدة التى جمعت القذافى بعراب الإخوان الشيخ يوسف القرضاوى، الذى تم فى إطارها الإفراج عن رموز الجماعة مقابل دعم وتأييد نقل السلطة إلى ابنه سيف الإسلام، هكذا كانت الجماعة تفكر، وهذا هو أسلوبها فى عقد الصفقات المشبوهة بصرف النظر عن المبادئ والشعارات التى ترفعها لتخدع بها البسطاء فى كل مكان.
 
منذ اللحظة الأولى لسقوط حكم الإخوان فى مصر، تعرض إخوان ليبيا إلى انقسام حاد، بعضهم دعا إلى التراجع للخلف عدة خطوات، لكن أغلبهم تبنى نصرة الجماعة الأم ، بكل الوسائل من خلال إيواء قادتها وتسخير إمكانيات ليبيا لدعم عودتهم لحكم مصر بالقوة عبر تشكيل الجيش المصرى الحر، ومن خلال العمليات الإرهابية التى ترهق الدولة والشعب؛ ولذلك بعد عملية فض اعتصام الإخوان فى ميدان رابعة العدوية، قرروا فتح قنوات سرية لتهريب قادة ورموز الجماعة إلى بنغازى ونجح بعض عناصر الجماعة فى الوصول مبكراً إلى شرق ليبيا بطرق غير مشروعة.. الجماعة فى مصر رسمت بخيالها المريض سيناريو العودة إلى الحكم عبر البوابة الليبية وبسلاح القذافى الذى لا ينضب.. وجاء الدور على نجم اعتصام رابعة صفوت حجازى، على اعتبار أن نجاح هروبه سوف يفتح الباب أمام هروب المرشد، ثم باقى رموزهم، ومن ثم تتحول الجبهة الشرقية إلى ساحتهم الحصينة لقتال المصريين والعودة إلى الحكم ليس فقط فى مصر بل للمنطقة العربية كلها، تحقيقاً لنبوءة مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا فى قيادة العالم وأسلمته وأستاذيته!!
 
لقد عاشت ليبيا ثلاث سنوات ثقيلة مشحونة بالعنف والاغتيال والإرهاب.. فلم يمر يوم من دون دماء.. واستغل الإخوان هذه الأجواء فى الوصول إلى السلطة عبر الاستحواذ المباشر وغير المباشر على أغلب أعضاء المؤتمر الوطنى والحكومة ولم يكتفوا بذلك بل هددوا كل من تولى الحكومة بالانصياع لإرادتهم ومن يخالفهم كان مصيره الاختطاف أو النفى خارج ليبيا كما حدث مع الدكتور على زيدان آخر رئيس وزراء لليبيا، وأدى سلوكهم المهتز إلى إهانة الليبيين والإساءة إلى كرامتهم فى الداخل والخارج بعد أن تقطعت بهم السبل وأوقف العالم رحلاته منها وإليها وأصبحوا من الشعوب المنبوذة أوصلوا الناس إلى حالة الغليان .. هذا الوضع غير الطبيعى وفر المناخ الملائم لعودة حكم الجنرالات وهنا قفز على سطح الأحداث الجنرال المتقاعد خليفة حفتر الذى سبق أن قاد الجيش الليبى إلى حرب عبثية مع تشاد قبل أكثر من عقدين، تعرض خلالها لهزيمة نكراء وتم أسره، حينها تخلى عنه القذافى، وتبرأ منه، فأصيب بخيبة أمل وقرر الهروب إلى الولايات المتحدة والانتقام منه.
 
وفى السنوات الأخيرة من حكم القذافى نجح أركان حكمه فى التصالح مع حفتر، الذى اختار القاهرة مقرا لإقامته الجديدة بشرط أن يتوقف عن محاولات إزاحته عن السلطة.. بعد ثورة 17 فبراير 2011 توجه حفتر إلى بنغازى وساهم فى حرب إسقاط القذافى، وسعى لأن يكون قائداً للجيش الليبى الجديد لكن هذه الرغبة لاقت مقاومة شديدة من جانب القادة التقليديين، كما أن أغلب الثوار رفضوا التعاون معه واعتبروه جزءا من تجربة القذافى الفاشلة.
 
على الرغم من تحفظ بعض الليبيين على مسيرة الجنرال حفتر العسكرية والسياسية؛ فإنه فى الأيام الأخيرة أصبح مهدى ليبيا المنتظر بعد أن استطاع لملمة شمل الكثير من الليبيين بمختلف توجهاتهم، تحت شعار استعادة «كرامة ليبيا».. هذا الشعار بعث فيهم الأمل بقرب انتهاء الكابوس الذى يعيشون فيه منذ ثلاث سنوات فى ظل غياب جيش قادر على ضبط إيقاع الكتائب المسلحة المنفلت، لذلك لم يندهش الليبيون من تنديد إخوان تونس بتوجهات حفتر والقلق من فوزه بتأييد الجيش والشعب الليبى، فقد حذر زعيم حزب النهضة التونسى راشد الغنوشى الليبيين، بعدم دعم حفتر بزعم أنه يمثل الانقلاب على الثورة ويسعى إلى الاستيلاء على السلطة.. المفارقة أن تحذير الغنوشى جاء بنتائج عكسية وتلقى حفتر مزيداً من الدعم والتأييد من وحدات القوات المسلحة الليبية، خاصة فيما يتعلق بتجميد عمل المؤتمر والحكومة ودعم الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد بأسرع وقت.
 
من جانبه رد المراقب العام لجماعة الإخوان فى ليبيا بشير الكبتى على نوايا حفتر بالقتال وحذره فى حوار مع وكالة الأنباء الألمانية من تكرار السيناريو الذى حدث فى مصر، على أساس أن الشعب الليبى مسلح وأن فى ليبيا حوالى 25 مليون قطعة سلاح من البندقية إلى (آر بى جى)، نافياً تبنى جماعته للإرهاب وزاعما أنهم ضحايا للإرهاب، ثم دعا إلى إنهاء الاحتقان عبر ثلاث خطوات، الأولى حوار وطنى لا يستثنى أحدا، والتمسك بما هو قائمٌ من مؤسسات شرعية على الرغم من ضعفه ومحاولة التمسك بالإيجابيات التى تم البدء بها كانتخابات الحكم المحلى وقيام لجنة الستين بوضع دستور للبلاد وعمل المؤتمر الوطنى حاليًّا على إنهاء صلاحياته بانتخاب برلمان جديد يضم 200 عضو يمثلون جميع أطياف المجتمع الليبى.
 
إذا كان التخلص من حكم القذافى كلف الليبيين أكثر من 80 ألف شهيد ، فإن معركتهم الحالية مع الإخوان وأتباعهم ممن يحملون السلاح؛ قد تؤدى لسقوط أضعاف من سقطوا فى ثورة فبراير.. كل السيناريوهات مفتوحة ومحتملة ، فى الشقيقة ليبيا.. كثير من المراقبين يرون أن المعركة التى تخوضها ليبيا حالياً أكثر خطورة وأشد شراسة من معركة إزاحة القذافى، لكن السيناريو الأكثر قبولاً لدى الكثير من المثقفين والسياسيين هو التدخل الدولى عبر بوابة مجلس الأمن حيث لا تزال ليبيا تخضع تحت البند السابع الذى يسمح بالتدخل الدولى فى أى وقت.. هذا السيناريو يؤيده كثير من التيارات من بينهم على زيدان رئيس الوزراء الليبى السابق ، ويراه المخرج المناسب لانتشال ليبيا من دوامة الفوضى، وخلال لقاء خاص جمعنى بزيدان فى القاهرة الأسبوع الماضى تحدث   خلاله بمرارة عن تآمر الإخوان ودعمهم المباشر وغير المباشر لفرق ومجموعات مسلحة تتبنى العنف والإرهاب ومن ثم يسعون من خلالها إلى التغلغل والهيمنة على مفاصل الدولة الليبية كما فعل نظراؤهم فى مصر، لكنه توقع فى الوقت نفسه؛ فشلهم فى تحقيق أى أهداف سياسية عبر بوابة العنف والإرهاب.