الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

هل تنجح منظومة العيش فى دعم الغلابة؟!

هل تنجح منظومة العيش فى دعم الغلابة؟!
هل تنجح منظومة العيش فى دعم الغلابة؟!


 
منظومة العيش الجديدة هل تستمر أم تفشل وتغير بتغيير الوزير وكم تكلف الدولة وهل تمنح الدعم لمستحقيه فعلا؟! هذه كلها أسئلة تواجه المنظومة الجديدة ومعروف أنه منذ 1961 و«دعم الخبز» أصبح مشكلة كل وزير مالية وتموين أو تضامن اجتماعى دون الوصول إلى حل أمثل، لذلك تلقى «روزاليوسف» الضوء على تعديلات القرار الذى يتضمن المنظومة الجديدة، لبيع الخبز للمواطنين، وتخصيص حصص شهرية على أن يكون لديه بطاقة تموينية ويكون السعر الرسمى للرغيف هو خمسة قروش، وشراء التموين رغيف الخبز من المخبز الذى يعمل بالسولار بسعر 7,33 قرش ومن المخبز الذى يعمل بالغاز بسعر 3,33 قرش يحصل عليه صاحب المخبز فورًا لحظة مرور بطاقة بيع الخبز فى الماكينة فى حسابه البنكى، ومن المقرر أن يحقق صاحب المخبز بموجب هذا النظام 260 جنيهًا ربحا صافيا فى طن الدقيق وسوف يعاد النظر فى هذه الأسعار كل 3 شهور!
 
لاحظنا خلال جولتنا أن البعض يتوقع فشل المنظومة لاختلاف الاستهلاك فيها عن باقى المحافظات من بورسعيد التى بدأت فيها المنظومة، وكان ملحوظا وقف خمسة مخابز فى بورسعيد لغضب المواطنين على مستوى رغيف الخبز، بالإضافة إلى تعطل ماكينات الصرف فى بعض المخابز مما تسبب هذا فى طول الطوابير.
 
واعترف وزير التموين والتجارة الداخلية د. خالد حنفى بأن المنظومة الجديدة تواجه تحديات كبيرة للتعديل وإعادة المنافذ القابضة الغذائية لتقديم السلع للمواطنين بأسعار أقل من السوق ولا تهاون عن المنظومة أو حتى قبول فشلها، وكان غريبًا أن يتوقع وزير التموين السابق «محمد أبو شادى» فشل المنظومة قبل أن تبدأ!
 
عبدالله غراب رئيس شعبة المخابز قال إن الشعبة ستدعم المنظومة الجديدة لتنفيذها فى مختلف المحافظات مادام أصحاب المخابز سيحصلون على مستحقاتهم المالية، مضيفا أنه يوافق على أية آلية تضعها الدولة من حيث المبدأ لوصول الدعم إلى مستحقيه بسهولة وكذلك وصول مستحقات أصحاب المخابز وعمالهم بما يكفل لهم أداء أعمالهم، لافتًا إلى اتهام هذه المنظومة بأنها سوف يؤدى إلى عدم وصول الدعم إلى مستحقيه، كلام عار من الصحة لوجود الكارت الذكى الذى طبق فى عدد من المحافظات، حيث يضمن للمواطن الحصول على حقه فى وصول الدعم وهو رغيف بـ5 قروش.
 
وأوضح أن ما تردد حول الاستفادة الكبرى لأصحاب المخابز من هذه المنظومة يمكن تحقيقه عندما يكون هناك دعم للدقيق أما بعد تحرير سعره والمحاسبة على عدد الأرغفة التى يتسلمها بالكارت فهذا يضمن صنع رغيف خبز عالى الجودة ووصول منتج صحيح، إلى جانب محاسبة صاحب المخبز على ما تم خروجه بالفعل، وبالتالى الحد من الدقيق المهدر وتسريبه للسوق السوداء!
 
لافتا إلى أننا الآن نقوم بعمل جولات للتعرف على نجاح المنظومة والصعوبات التى تواجهها لتعديلها فى المحافظات التى تم تطبيقها فيها لضمان التكامل الاجتماعى للمواطن وكذلك صاحب المخبز.
 
من ناحيتهم قال لنا عدد من مشترى الخبز أمام أحد المخابز إن تعديل منظومات العيش كل فترة أنهكت المواطنين خاصة محدودى الدخل العاجزين عن شراء الخبز الطباقى والسياحى، وقال بعضهم إن أصحاب المخابز يعتبرون أن المكسب اليومى الذى يقل عن 50 جنيهًا «خسارة» لا يوافى المصاريف، مما يؤدى إلى تهريب الدقيق وبيعه فى السوق السوداء بثلاثة أضعاف ثمنه مما يعوض المكسب الصغير بأرباح كبيرة ولا يهتمون بالإدارة المحلية أو الرقابة الإدارية.
 
وقالوا لنا إن صاحب المخبز يؤخر التوزيع عن الميعاد المحدد من مكتب التموين التابع له المخبز حتى يضيع الوقت مقابل الدقيق الناقص من الحصة لأن الجوال له نصف ساعة على سير الإنتاج!
 
وقال آخرون فى طابور مخبز لم ينفذ المنظومة إنهم تقدموا بشكاوى كثيرة إلى الجهات المسئولة من إداررة تموين ومديرية وإلى المحافظة والصحة لكنهم يتغاضون عن مخالفات أصحاب المخابز.
 
وهذه المنظومة لن تحقق التكافل الاجتماعى بالنسبة للمواطن المصرى بمعنى أنه إذا كانت المنظومة ستسمح لكل فرد بتناول خمسة أرغفة أى الأسرة المكونة من سبعة أفراد سوف تأخذ 35 رغيفا أى ما يعادل 175 قرشا هى نفسها الواحد والعشرون رغيفا المصرح بها خلال منظومة يناير بمعنى أن الحكومة سوف تقوم بتقليل حجم الرغيف عن الوزن الحقيقى له وهو 130 جراما إلى 90 جراما وهذا لن يضر الحكومة فى شىء بالعكس سوف يضر المواطن، ولا يشبع احتياجاته اليومية، لأن رغيف الخبز وزن 90 جراما لا يقيم شابا فى عمر العشرين عامًا أو يشبع طفلا عمره 10 سنوات.
 
إذا كانت هذه المنظومة نجحت فى بورسعيد والسويس فهذا يعنى أن هذه المحافظات صناعية ولا تعتمد على رغيف الخبز فى وجباتها إلى جانب أن دخلهم الاقتصادى مرتفع أما محدودو الدخل والفلام الفقير ماذا يفعل خاصة وأن الحكومة تسلب كل حقوقه.
 
وعلى الجانب الآخر سألنا أصحاب المخابز عن الأسباب التى تؤدى إلى سوء رغيف الخبز وتكدس المواطنين وكثرة المخالفات، فأرجعوا ذلك إلى ارتفاع إيجار المخابز وأجرة العمال وسعر السولار وكذلك ثمن الردة فى السوق السوداء وكثرة المخالفات.
 
أما بالنسبة لسوء الرغيف فيرجع إلى الدقيق «الفاسد» بسبب القمح ردىء المستوى مما ينتج عنه تردى الرغيف وعدم مطابقته للمواصفاته، وهذا يؤدى إلى كثرة المخالفات والمحاضر التموينية التى تتطلب دفع غرامات تموينية تسدد خلال 72 ساعة تتراوح من 7 آلاف إلى 3 آلاف جنيها!
 
وأضافوا أن تكدس المواطنين على المخبز سببه المواعيد التى تلزمها إرادة التموين لصاحب المخبز بداية الإنتاج والتوزيع فى آن واحد، وكذلك سوء الدقيق فى التصنيع وعدم صبر المواطنين على إنتاج رغيف خبز مطابق للمواصفات القانونية قائلين إننا لا نأخذه للتناول اليومى فى وجباتنا وإنما نستخدمه كغذاء للمواشى والدواجن، موضحين أن منظومة الكارت الذكى لا تنجح لأن الأهالى فى الأرياف يعتمدون على الخبز فى وجباتهم وكذلك كوجبات للمواشى والدواجن.
 
واستكملنا جولتنا على المخابز بلقاءات مع العاملين فيها فكشفوا لنا طرق سرقة «الدقيق» موضحين أن ما يدعى «المئوال» المحدد من قبل التموين أو القطعة هى عبارة عن عجنة ثلاثة أجولة فى المرة الواحدة، ويقوم صاحب المخبز بتوفير شيكارة من كل عجنتين وعندما يحضر مفتش التموين للمراجعة يقول صاحب المخبز له أن هذه العجنة ثلاث شكاير وهى فى الأصل شيكارتان ونصف شيكارة فقط!
 
والطريقة الثانية للسرقة هى إنقاص الوزن فى «القطعتين» الأولى والثانية قبل حضور مفتش التموين، وأوضحو لنا أن هناك بعض الأماكن السرية فى المخبز لإخفاء الدقيق وبجوار سير التصنيع مخزن مكسو بالصاج ملازم للسير مباشرة! وإخفاء الدقيق «بالطوايل» أسفل قائم العجين حتى لا يشك أحد فى ذلك، وكذلك تعبئة شكائر الردة البيضاء بالدقيق ووضع بعض الردة الناعمة فوقها، وأيضًا فوق سير التصنيع وفى شكائر «الكشة» الموجودة بالمخبز!
 
ويقومون بترك كمية من العجين اليومى لليوم التالى لاستخدامها فى الخمير لرفع ثلاث شكائر على حسب الحصة المقررة وهذا يسبب إفساد العجين ويصبح غير صالح للاستخدام الآدمى، موضحين أن متعهد الدقيق فى أيام معينة من الأسبوع يشترى الدقيق من صاحب المخبز وخصمه من الحصة لبيعه فى السوق السوداء.
 
وأكد العاملون بالمخابز لنا أن منظومة الكارت الذكى لن تحسم الأمر ولن تمنع سرقة الدقيق، بل بالعكس ستزيد من سعره فى السوق السوداء وبالتالى تكون فرصة ذهبية لصاحب المخبز مؤكدين أنه إذا تم إنتاج الخبز بطريقة غير صالحة للاستخدام الآدمى وغير مطابقة للمواصفات سوف يباع لدى الجمهور لأنه وجبة أساسية للمواشى والدواجن هذا إلى جانب تبادل المصالح المشتركة بين أصحاب المخابز ومفتش التموين والجهات الرقابية.
 
وبعد انتهاء جولتنا بين المسئولين والجماهير وأصحاب المخابز والعاملين فيها، نقلنا الصورة كاملة للخبراء فقال لنا د.صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن مشكلة دعم الخبز تنقسم إلى عدة محاور أساسية: نقص القمح المنزرع، وزيادة الفجوة بين المنزرع والمستخدم وطرق تخزين القمح، وتصنيع الخبز المدعم والكميات المهدرة، وأشار جودة إلى أن المشكلة الأساسية تكمن فى نقص الكمية المنزرعة من القمح، وهذا يأتى بعد أن قامت الدولة بتحرير الدورة الزراعية، وكذلك لم يعد هناك التزام من الفلاحين بزراعة محاصيل معينة لأن الحكومة أعطت للفلاحين الحرية فى زراعة الفواكه، والخضار واللب، والكنتالوب والفراولة لأنها تعطى دخلا أكبر من دخل (القمح) والقطن.
 
وأشار إلى أن زراعة الفدان من (لب أبيض) أو لب أسمر يعطى عائدا حوالى (32) ألف جنيه وفى حالة زراعته قمحا تقوم الدولة بشراء القمح بمبلغ لا يزيد على 5500 جنيه ولذلك نجد أن الفلاحين والمزارعين يتجه أغلبهم إلى زراعة اللب والفواكه مما يعطى عائدا أكبر، بالإضافة إلى أن القمح يحتاج إلى مجهود أكبر فى عملية الزراعة، ويحتاج إلى رعاية مستمرة بخلاف اللب وغير ذلك.. وقال جودة عن الخبز المدعم إنه يواجه مشكلة كبيرة فى تصنيعه، وبالتالى إيصال الدعم إلى مستحقيه وهى قيام كل الأفران ببيع كمية من الدقيق الذى تحصل عليه مدعما إلى الأفران التى تقوم بصناعة الخبز الأفرنجى والحلويات وغير ذلك.
 
وتحصل على الفرق وهذا يعلمه معظم رجال ومفتشى التموين، والدليل على ذلك هو معظم القضايا التى يتم الكشف عنها بين الحين والآخر، كما أن معظم الأفران تقوم بصناعة رديئة للخبز وزيادة كمية المياه بالخبز لزيادة الوزن.
 
وأشار «جودة» إلى أن الدراسة التى قام بها مركز الدراسات الاقتصادية أوضحت أن الخسارة الإجمالية للقمح منذ استيراده أو استلامه من الفلاح حتى تصنيعه خبزا وتوصيله للمستهلك تقدر بـ (25٪ - 27٪) من قيمة القمح بسبب سوء التخزين وسبب انعدام ضمير أصحاب الأفران وكذلك بسبب سوء الصناعة.
 
وأوضح جودة أن الحل الأمثل لهذه المشكلة يتلخص فى حث الفلاحين على زراعة مزيد من الأراضى بالقمح وقيام الحكومة بشراء القمح بأسعار السوق العالمية عن طريق الإعلان عن أسعار استلام القمح من الفلاحين مبكرًا قبل الزراعة.
 
والاتجاه إلى استخدام الأساليب الحديثة فى التخزين بدلا من المطاحن القديمة وأن تعمل هذه المطاحن طوال فترة الـ24 ساعة حتى يتم استيعاب معظم الأقماح.