الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«الانفلات» الحزبى!

«الانفلات» الحزبى!
«الانفلات» الحزبى!


هناك حالة من الانفلات الحزبى الذى تتعرض له الساحة المصرية بسبب الانفجارات الداخلية لدعم السيسى وصباحى، فمعروف نشأة الحياة الحزبية فى مصر 1907 ومراحلها من ثورة 1919 ثم التعددية الحزبية بعد ثورة يوليو ومرورا بالتنظيم السياسى الواحد حتى 76 والنموذج المقيد حتى ثورة 2011 ووصولا لمرحلة السيولة الحزبية التى أصبح لدينا فيها أكثر من 80 حزبا إلا أن الانقسامات والاستقالات ضربت بعضها الآن بسبب حمدين والسيسى، خاصة بين الكبار والصغار!
 
الأحزاب قبل الثورة كان عددها 24 حزبا وأغلبها كان مجرد مقر وجريدة غير منتظمة الصدور، ورغم تضاعف أعداد الأحزاب ووصولها إلى 08 حزبا إلا أن الأمر لم يختلف كثيرا حتى داخل الأحزاب المنظمة التى بدأت بقوة اختلفت على اتخاذ قرار حزبى، وظهر ذلك فى إعلان الأحزاب دعم المرشحين للرئاسة حمدين والسيسى، وظهر الخلاف فى استقالة بعض القيادات الحزبية بسبب قرار حزبه بدعم مرشح بعينه مثلما حدث فى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى أعلن دعم صباحى بشكل غير رسمى، وهو ما أدى إلى استقالة 40 شخصية حزبية من الحزب اعتراضا على التفكير فى دعم حمدين.
 
ومن بين عشرات الأحزاب على الأقل المعروفة قررت أربعة أحزاب دعم صباحى وفتح مقارها أمام حملته، وهى الدستور برئاسة د. هالة شكر الله والتحالف الشعبى الاشتراكى برئاسة عبدالغفار شكر والعدل برئاسة حمدى السطوحى والكرامة برئاسة محمد سامى، وقرر رؤساء هذه الأحزاب تكوين لجنة لدعم حمدين وتشكيل تحالف للمشاركة فى حملته وتوفير إمكانيات هذه الأحزاب لصالحه.
 
وفى المقابل دعمت عدة أحزاب عبدالفتاح السيسى منها الوفد والمؤتمر والتجمع وغيرها، وأعلنت أيضا عن تكوين التحالف الحزبى لدعم السيسى، ورغم قلة الأحزاب التى أعلنت بوضوح وجرأة عن دعم «صباحى» إلا أن الانقسامات والاستقالات دبت فى صفوفها اعتراضا على دعم حمدين وحتى حزب البرادعى، الذى تم التصويت فيه على مستوى 332 أمانة عليا للحزب، فقد وافق 59٪ على دعم حمدين و28٪ قرروا مقاطعة الانتخابات و10٪ قرروا دعم السيسى، وهو الانقسام الذى سبق أن حدث فى التيار الشعبى وجبهة الإنقاذ وتمرد على ترشيح حمدين لانتخابات الرئاسة وانقسم اليسار الذى كان يعتمد عليه حمدين، حيث أعلن حزب التجمع عن دعم السيسى لدرجة أن سيد عبدالعال رئيس الحزب أعلن أن السيسى هو أفضل من يقود مصر فى هذه المرحلة الحاسمة.
 
من أبرز الأحزاب التى تأثرت بالانقسام بسبب ترشح حمدين وفكرة دعمه الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى الذى يرأسه د. محمد أبوالغار، حيث أدى ذلك إلى استقالة 40 عضوا بعد تردد فكرة دعم حمدين لدرجة استقالة بعض شباب الحزب وعارض أيضا قيادات الحزب ترشيح السيسى، وعلى رأس المعارضين أحمد فوزى أمين عام الحزب الذى رفض تأييد الحزب لمرشح عسكرى ومازالت الخلافات مستمرة داخل الحزب فى حالة دعم أى مرشح رئاسى، وينفرد الحزب بحالة خاصة، حيث يؤيد د. أيمن العلا السيسى وباسم كامل يؤيد حمدين صباحى.
 
ولم يختلف الأمر داخل الحزب الشيوعى المصرى لدرجة اجتماع اللجنة المركزية وقرارها بعدم الإعلان عن تأييد أى مرشح حتى لا يحدث الانقسام وإن كان الحزب يميل لدعم حمدين، لكن الخوف من الانقسام جعل الحزب يتوقف عن دعم أى مرشح فى الانتخابات القادمة.
 
وجاء تأييد الحزب الناصرى لترشح السيسى صدمة لحمدين وحملته. د.محمد أبوالعلا رئيس الحزب أكد أن السيسى هو أفضل من يقود مصر فى هذه المرحلة وأنه على دراية كاملة بأعداء مصر، وهو الأمر الذى وافق عليه العديد من القيادات الناصرية خاصة أبناء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عبدالحكيم ناصر وهدى عبدالناصر وسامى شرف، وهو ما أدى إلى اعتبارهم مثلا فى دعم السيسى رغم أنهم أصحاب رأى ولهم محبون بين الناصريين لدرجة أن شاهندة مقلد أشادت بدعم السيسى وبالتالى هى قررت دعم السيسى.
 
والانقسام تجاه المرشحين شمل الأقباط أيضا، حيث اتفق أمين إسكندر على دعم حمدين فى حين أعلن جمال أسعد المعروف باتجاهه القومى والعربى دعم السيسى.
 
ورغم دعم التصويت على حمدين بحزب الدستور والنتائج الصادرة والتى سبق ذكرها، فإن الانقسامات طالت الحزب أيضا وأشهرها استقالة رئيس جامعة دمياط د.على حمايل الذى استقال على أوراق خاصة بالجامعة بدلا من أن يستقيل على أوراق حزبه بجانب استقالة أمين الحزب بالدقهلية اعتراضا على دعم الحزب لحمدين.
 
أما حزب المصريين الأحرار وعقب إعلانه دعم السيسى، فقد انتشرت أيضا الاستقالات به من قيادات بالهيئة العليا ومن بعض الأمانات بالمحافظات، إلا أن الحزب أعلن أن قرار دعم السيسى خرج من خلال التصويت والالتزام الحزبى، ونفوا وجود استقالات مؤثرة أو أعداد كبيرة، وأن ما حدث أمر عادى وحدث فى كل الأحزاب التى قررت دعم مرشح رئاسى سواء حمدين أو السيسى والأمر مستقر داخل الحزب.
 
وتعليقا على هذه الانقسامات والاستقالات بالأحزاب قالت د. نها بكر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية إن تجربة الأحزاب فى مصر وأداء دورها بشكل جدى وحزبى أمر جديد بعد ثورة يناير لأن النظام الحزبى السابق الذى كان يعتمد على التشكيل العائلى للأحزاب والسيطرة الأمنية على أغلبها أثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك انتهى، وهو ما شاهدناه فى أحداث حزب الوفد والعمل، ثم النور فى الفترة الأخيرة.. وأن الذين استقالوا من الأحزاب بسبب رفض دعم حزبهم لمرشح بعينه هو أمر جيد ولكن الذين لم يتحركوا واستمروا وسوف يخالفون قرار الحزب هو أمر غير مقبول.
 
وأضافت د.نهى أن السبب فى هذه الانقسامات ربما جاء لضيق الوقت فى قرار دعم الحزب لمرشح بعينه وأن الهيئة العليا فى أى حزب عليها احترام قرار الأغلبية بالحزب وإن كان التباين فى القرار هو شكل ديمقراطى ومتواجد فى كل مكان سواء بالدول المتقدمة فى الحياة السياسية أو الدول النامية سياسيا، وداخل الكونجرس نفسه هناك بعض الآراء المختلفة عن قرار الحزب نفسه، ومع نضج الأحزاب والتجربة السياسية سوف تتضح كل الأمور السياسية فى مصر وأن الجميع يرفض مبدأ السمع والطاعة الذى كان يتعامل به الإخوان سواء داخل حزب الحرية والعدالة أو داخل التنظيم نفسه أو حتى داخل حزب النور والأحزاب الدينية.
 
ويرى أبوالعز الحريرى المرشح الرئاسى الأسبق أن الانقسامات والاستقالات داخل الأحزاب بسبب دعم السيسى وحمدين هو أمر طبيعى لاستمرار حالة الفوضى التى نعيش فيها فى كل المجالات، والحياة الحزبية ليست بعيدة عن الحالة العامة وإن كان الاعتراض على ترشيح مرشح بعينه هو أمر ديمقراطى، لكن الأهم هو الاتفاق على القرار الرئاسى بالحزب الذى يتم بشكل رسمى وبناء على قرار ديمقراطى وتصويت علنى للهيئة العليا لكل حزب، والأهم من ذلك أن نتفق تماما على محاربة الإرهاب وإنقاذ مصر من هذه الفوضى التى خلقها الإخوان والالتزام الحزبى مهم طالما تم الاتفاق عليه بشكل مؤسسى وحزبى وديمقراطى.
 
بينما أكد د.عمرو هاشم ربيع- الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام- ضرورة احترام رأى الأغلبية وتقديره وأن الأحزاب الموازية والانشقاقات والانقسامات داخل الأحزاب انتهت لأن تشكيل حزب بعد الثورة أصبح أمرا سهلا بتغير قانون الأحزاب، ونحن فى مرحلة سيولة فى كل شىء وخلال عامين سوف تستقر الحياة السياسية باستقرار الأوضاع وكل حزب درس موقفه من دعم أى مرشح، وهناك تجربة للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى تحترم بسبب إلغاء ترشيح أى مرشح حفاظا على وحدة الحزب وعدم انفراط عقده، وهو أمر جيد من قيادة الحزب وهو نفس قرار بعض الأحزاب الأخرى.
 
وأضاف «ربيع» أن الأحزاب فى مصر بحاجة إلى فترة لكى تؤثر فى الشارع وكى يحترم قرارها داخل الجمعية العمومية والإدارات العليا وأن التحالفات التى حدثت بين الأحزاب مثل حزب الجبهة والمصرى الديمقراطى فى الانتخابات البرلمانية الماضية أمر جيد ويمكن أن نشهد تكتلات حزبية جديدة فى ظل وجود أكثر من 80 حزبا فى مصر وهو مؤشر على حياة حزبية جديدة لصالح المجتمع.