الأربعاء 8 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
الأمن القومى المصرى بين التهور والحكمة

الأمن القومى المصرى بين التهور والحكمة

فى ظل المتغيرات العالمية الحادة والأزمات السياسية والعسكرية التى لا يمكن التنبؤ بها وعصر الصراع الشرس بين القوى الدولية الكبرى global power competition اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا يمر الأمن القومى للدولة المصرية بأخطر مراحله وأصعب تحدياته منذ حرب أكتوبر المجيدة بعد أن محا الجيش المصرى ومن ورائه شعب مصر العظيم عار الهزيمة واستعاد الأرض والكرامة.



لم يشهد الأمن القومى المصرى منذ هذا التاريخ تحديات ومخاطر كالتى نراها اليوم اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. 

أولا: الاتجاه الاستراتيجى الشمالى الشرقى 

يمثل العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة أحد أخطر التحديات التى تواجه الأمن القومى المصرى سياسيًا وعسكريا واقتصاديًا.

إن هذا العدوان الهمجى قد يؤدى إلى لجوء الفلسطينيين إلى النزوح تحت وطأة حرب الإبادة الممنهجة داخل القطاع والذى بدوره يمثل تهديدًا وأيضا اختبارا صعبا لقدرة القيادة السياسية المصرية على الصبر الاستراتيجى وضبط النفس حرصًا على الحفاظ على استقرار الإقليم والشرق الأوسط بل العالم كله.

لقد نجحت مصر فى الحفاظ على معاهدة كامب ديفيد طوال خمسين عاما إدراكا من مصر أن ذلك فى مصلحة القضية الفلسطينية. إن  ما يحدث فى غزة من عدوان سافر على المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء وكذلك المستشفيات ودور العبادة المسيحية والإسلامية  قد أدى إلى تداعيات خطيرة مباشرة وغير مباشرة على الأمن القومى المصرى. 

إن خطر التهجير والنزوح لأكثر من مليوني فلسطينى من المحتمل دفعهم فى اتجاه الحدود المصرية من غزة تحت وطأة القتل اليومى وحرب التجويع والقضاء على كافة وسائل الحياة وهو ما يمثل تهديدا خطيرًا للأمن القومى المصرى واستقرار الدولة المصرية بوجود هذا العدد من النازحين داخل الأراضى المصرية وهو أيضا يعتبر تصفية للقضية الفلسطينية وحل الدولتين وهى القضية المركزية للأمة العربية وفى القلب منها مصر التى قدمت التضحيات لهذه القضية منذ بدايتها وخاضت مصر خمسة حروب دفاعًا عن قضية فلسطين. وسقط الآلاف من الشهداء من أبناء الوطن دفاعا عن هذه القضية. 

وهناك تداعيات غير مباشرة شديدة الخطورة أثرت على الاقتصاد المصرى حيث أدت ضربات الحوثيين ضد السفن العابرة من مضيق باب المندب إلى التأثير على حركة الملاحة فى قناة السويس وأدى ذلك إلى خسائر مادية كبيرة على دخل قناة السويس.

مما لا شك فيه أن الحرب غير العادلة على غزة تمثل تهديدا خطيرا للأمن القومى المصرى وقد يؤدى فرض النزوح بالقوة فى اتجاه الحدود المصرية إلى انهيار معاهدة كامب ديفيد التى نجحت مصر فى الحفاظ عليها طوال خمسين عامًا.

وأعتقد أن العالم كله يعلم أن انهيار معاهدة كامب ديفيد سوف يؤدى إلى زعزعة استقرار الإقليم وأيضا الشرق الأوسط ونشوب أى صراع سوف يؤدى إلى توقف الملاحة فى قناة السويس التى تمتلكها مصر وهو ما يمثل تهديدا للتجارة العالمية والاقتصاد العالمي.

ثانيا: التحديات والمخاطر على الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى وعمقه 

إن الحرب الأهلية المشتعلة فى السودان بين كل من الحكومة الوطنية الشرعية وبين ميليشيات الدعم السريع التى نشرت الفوضى والدمار فى ربوع السودان الشقيق تمثلّ تهديدا خطيرا للأمن القومى المصرى حيث أدى ذلك الصراع إلى نزوح الملايين من أبناء الشعب السودانى إلى مصر التى قامت باستضافة الأشقاء من دولة السودان وعاملتهم تماما كما تعامل أبناء الوطن وهو بالتأكيد يمثل عبئا على الاقتصاد المصرى الذى كان فى مرحلة التعافى بعد أزمة الكورونا وما سببته الحرب الروسية الأوكرانية من تداعيات على الاقتصاد المصرى.

وفى عمق الاتجاه الاستراتيجى الجنوبى اكتمل بناء سد النهضة الإثيوبى الذى يمثل تهديدًا استراتيجيًا للأمن المائى المصرى حيث تعانى مصر فعليا من الفقر المائى طبقا للمعايير العالمية.

 ثالثًا: الاتجاه الاستراتيجى الغربى

يمثل عدم الاستقرار والانقسام داخل الدولة الليبية بين الشرق والغرب تحديا للأمن القومى المصرى حيث تؤدى هشاشة الدولة الليبية إلى نمو الحركات الإرهابية المتطرفة داخل الأراضى الليبية فى ظل غياب السيطرة الكاملة للدولة.

رابعًا: إن كل هذه التحديات  والمخاطر التى تواجه الأمن القومى المصرى على كافة الاتجاهات الاستراتيجية تؤكد قوة وحكمة القيادة السياسية المصرية وتثبت القوة السياسية لمصر كأحد عناصر القوى الشاملة للدولة ومن هنا يظهر الفرق بين التهور والحكمة فيما يخص أمن مصر القومى حيث أثبتت القيادة السياسية المصريه قدرتها ووعيها وحكمتها عندما قررت الحفاظ على الأمن القومى المصرى ومقدرات الشعب المصرى العظيم والبعد عن أى مغامرات غير محسوبة قد تهدد مكتسبات الشعب المصرى واستقراره.