الثلاثاء 7 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
 مصر أولاً

ترسيم العلاقة بين الأمن القومى المصرى والقضية الفلسطينية

مصر أولاً

هذه مناسََبة، نسجل فيها، كل معانى الاعتزاز والفخر، بانتصارات القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر المجيدة، ونسجل أيضًا دروسَ أعظم انتصار عربى، ونستحضرها فى واقعنا الإقليمى والدولى، رغم مرور 52 عامًا على مَلحمة العبور، فمعانى المجد لا تزال حاضرة، وأهمها أن «مصر وأمنها» فوق كل اعتبار، و«ترابها وأرضها»، كالعِرض لا يمكن التفريط بها مَهما طالت الأعمار.



هذه مناسَبة لنسجل فيها أيضًا، كل معانى العِرفان؛ للمواطن المصرى، الذى قاوَم قبل أكثر من خمسة عقود، كل أساليب «العدو» فى الحرب النفسية، لتصدير حالة اليأس والإحباط له، من خلال ترديد ما يُسَمى «أسطورة الجيش الذى لا يُقهَر»، لكن احتاج (المواطن والمقاتل المصرى) إلى 6 ساعات فقط حتى يُمحى هذه الفكرة والأسطورة من الوجود.. وهو لا يزال أيضًا الآن يقاوم كل محاولات استهدافه من نفس العدو وأهل الشر.

فى وقت حرب أكتوبر، لم يثبت «المواطن المصرى» صلابته فقط فى الدفاع عن حقه، واسترداد أرضه؛ وإنما فى الدرس الذى قدّمه وقت التحدّى، فقد خرج أبطال النصر من هذا الشعب، وقادوا مسيرة العبور، حينما قامت القوات المسلحة المصرية، باستيعاب العصر كله تدريبًا وتسليحًا وعِلمًا واقتدارًا؛ ليروى بدمائه قصة الكفاح، التى حولت «مشاق ومرارة الهزيمة وآلامها؛ إلى حلاوة النصر وآماله».

المصريون والحرب

لستُ من الجيل الذى عاصَر الحرب والعبور، ولكنى دائمًا مع كل ذكرَى انتصار، أتوقف بمزيد من الرصد والتقصى، مع كل توثيق للحالة العامة للشعب المصرى وقت الحرب، وبينما الأبطال فى جبهة القتال، حالة الاصطفاف الداخلى، من جميع أطياف الشعب، خلف قيادته، ورجاله المحاربين، والغاية واحدة، تخطى مرارة النكبة، واسترداد الأرض.

قرأتُ فى سبيل ذلك كثيرًا من مذكرات قادة حرب أكتوبر، عن وضع الجبهة الداخلية والخارجية، كما دَوَّنها الرئيس الراحل أنور السادات، فى كتابه «البحث عن الذات»، ووصفتها مذكرات، الفريق سعد الدين الشاذلى، والمشير محمد عبدالغنى الجمسى، إلى جانب التوثيق التاريخى لعديد من المفكرين والمؤرخين، كالتى سطرها المفكر الكبير جمال حمدان، والأديب الكبير جمال الغيطانى.

هنا لا أتحدث عن عظمَة التخطيط والإعداد للمعركة، وإعداد «أبطال العبور» لاقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياز خط بارليف المنيع، وعبور الضفة الشرقية من القناة؛ وإنما أتحدّث عن شعب صامد، لم يقبل لنفسه ولأبنائه من القوات المسلحة الانكسار، فذهبَ آباؤنا وإخوتنا إلى النار؛ لكى نبقى، نحن مستقرين، أعطونا الفرصة واختلقوا الزمنَ لكى نَعبرَ الهزيمة إلى الانتصار، ولكى نبنى الدارَ على أسُس العدل والسلام.

على الجبهة وطوال فترة امتدت ما بين ست وثمانى سنوات ظل جيل مصرى كامل يعيش وبجهد، ويجتهد ويستشهد ويُقدّم الروح والدم والعمر، بعضهم لم يَعُد إلى بيته إلا فى عام 1975، عاشوا فى النار؛ لكى نتمكن فيما بعد من حصد الاستقرار، وهؤلاء لم يتكلم الكثيرون منهم، ولكننا نستمع وننصت اليوم لهم، ونقرأ كثيرًا عمّا حققوه، ننصت إلى الجنود والبسطاء الذين لم يكونوا قادة جيوش ولا فِرَقًا، إلى أبطال كل منهم صَنع قصة كوَّنَ بها إسهامه فى قصة الحرب.

 

عقيدة المقاتل المصرى

نقطة التوقف الثانية، مع شهادات نخبة من العسكريين المصريين؛ خصوصًا الذين شاركوا فى مَلحمة النصر فى أكتوبر، سبق أن التقيتهم فى مناسبات عدة، عن السِّر فى الانتصار العظيم فى أكتوبر، وكيف تحدّى المقاتل المصرى كل المقاييس العسكرية، فى الحرب، تحدّى التفوق فى التسليح، ومنظومته الدفاعية، التى بناها، معتقدًا أنها لا تُقهَر، حينما أقام الساتر الترابى (خط بارليف)، على طول الساحل الشرقى لمجرَى القناة؛ ليحقق المعجزة بعبور المانع المائى (قناة السويس)، والموانع الصناعية وحقول الألغام والأسلاك الشائكة، فى 6 ساعات.

هى معادلة صعبة بالمقاييس العسكرية، لكن السِّر، كما يروى «نخبة العسكريين»، فى «عقيدة المقاتل المصرى»، التى لم تعبأ بكل هذه الموانع، فالعقيدة القتالية للقوات المسلحة المصرية؛ لا نظير لها، عقيدة راسخة منذ مئات السنين، قائمة على التمسُّك بالأرض والسلاح، حتى النصر، أو نَيْل الشهادة، عقيدة جيش وطنى أصيل، يحمى ولا يَعتدى، وهذا ما يخشاه العدو.

عقيدة المقاتل المصرى، لخصها المفكر الكبير جمال حمدان، فى كتابه «6 أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية»، حينما صاغ مَلحمة النصر، قائلاً: «لقد عُدنا يا ديان.. نعم عُدنا إلى سيناء لا بشروط صهيون المهينة والحلول الاستسلامية.. عُدنا بقوة الحديد والنار بعد أن أنفق العدو ست سنوات يصور وجوده فى سيناء المحتلة قلعة صماء غير منفذة للغزو مستحيل اقتحامها..نحن لم نسرق نصرًا سهلاً هشًا من وراء ظهر العدو؛ إنما انتزعناه من بين أسنانه بجدارة واقتدار».

نعم، لقد انتزع «المقاتل المصرى» انتصاره من بين أسنان العدو، الذى كان يروج لأسطورة ما يُسَمى «الجيش الذى لا يُقهَر»، كأسلوب لتصدير حالة اليأس والإحباط فى نفوس المصريين والعرب، ظل يردد هذه الأسطورة على مدى 6 سنوات، ولم يحتاج المقاتل المصرى، سوى 6 ساعات حتى يُمحى هذه الفكرة من الوجود.

الأسطورة الحقيقية التى صاغها الرئيس السادات، فى خطاب النصر، بأن «التاريخ سيتوقف طويلاً بالفحص والدرس، بسبب قدرة القوات المسلحة من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى 6 ساعات».

 

النصر بعيون أجيال لم تعاصره

 

 نقطة التوقف الثالثة، مع التساؤل، الذى دائمًا ما نردده مع كل ذكرى لانتصار أكتوبر، وهو إلى أى مدَى تعى الأجيال الجديدة، حقيقة ما حدث فى أكتوبر؟، وهل قصص النصر التى سُطرت بدماء سواعد آلاف الأبطال، ستظل حاضرة وتتناقلها الأجيال تخليدًا لهذا المجد؟.

مثل هذه التساؤلات، تردد للإشارة إلى عدم القيام بالواجب المفترَض لتخليد مَلحمة الانتصار فى أكتوبر إعلاميًا وفنيًا، فدائمًا ما تتساءل النخب، عن المشروع الفنّى أو الإعلامى، الذى يروى ما حدث، منذ النكسة فى يونيو 1967، وقصة التحول من الهزيمة إلى النصر فى 6 أكتوبر 1973.

هنا أتوقف مثلاً، مع ما أشار إليه الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان القوات المسلحة وقت حرب أكتوبر، فى مذكراته، أنه «لم يدخل مصور واحد، إلى منطقة القتال فى حرب أكتوبر، إلا بعد ظهر يوم 8 أكتوبر، أى بعد بدء القتال بأكثر من 48 ساعة»، ما يعنى أن مَلحمة العبور التى جرت وتدمير خط بارليف ونقاطه الحصينة، لم توثق واقعيًا، إلا عبر روايات الأبطال الذين شاركوا فيها.

وإذا كان حديث تخليد مَلحمة النصر؛ ضرورة حتمية لتبقى حاضرة فى وجدان كل مصرى، وعصية على التحريف والتأويل؛ خصوصًا من قِبَل «العدو وأهل الشر»، إلاّ أنّ الواقع يؤكد أن أكثر من خمسة عقود مضت، والحرب لا يمكن أن تُمحَى من الذاكرة، فالشعوب لا تنسَى مَجدها، حتى وإن لم نقم بالواجب المفترَض لتخليده إعلاميًا وفنيًا.

سيظل النصر العظيم فى أكتوبر؛ حاضرًا على مَرّ الأجيال، حتى بين الأجيال اللاحقة التى لم تسمع أو ترَ الحربَ، أو حتى الأبطال الذين شاركوا فيها، فلم ينسَ أحدٌ صلاح الدين الأيوبى، وانتصاره فى حطين الذى تحقق منذ قرون، وهى معركة لم تسجلها أى كاميرا، ولم يخرج الملك أحمس العظيم من ذاكرة الشعب، وهو الذى انتصر على الهكسوس الغزاة وأجلاهم عن البلد منذ ألوف السنين، وبالتالى لا خشية على مَلحمة أكتوبر 1973، والمَجد الخالد الذى صنعه جيشنا فى هذا الانتصار العظيم.

الأمم لا تغفل انتصاراتها، حتى لو كان قد مضى على تحقيقها خمسة عقود، ونشأ بَعدها أجيال لم يسمعوا عن الحرب ولم يزعجهم صوت غارة، ولا سيما إذا كان ذلك النصر هو سبب خير البلد إلى الآن، وبالتحديد لأن أكتوبر قد غسل من ذهنية هذا الشعب مأساة يونيو ونكبته.

 

نصر أكتوبر والقضية الفلسطينية

كثيرة هى الدروس والعِبَر التى لا يزال يقدمها انتصار أكتوبر لواقعنا الحالى، فقد أدى جيل النصر دوره، وسَلّم أعلامَه مرتفعة، بعد أن حقق أعظم انتصار عربى، استرد به الأرضَ والكرامة، وأعاد الثقة لهذا الشعب، وفى قواته المسلحة، وكسَر شوكة العدو، والأهم من ذلك، أعطى الأمل للشعوب العربية؛ لاستعادة أرضها المحتلة من العدو الإسرائيلى؛ خصوصًا الأراضى الفلسطينية المحتلة.

ونستطيع أن نستحضر دروسَ انتصار أكتوبر، عند النظر إلى تحديات تواجهها مصر، من الاتجاه الشمالى الشرقى، بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلى القائم على قطاع غزة، على مدار عامين، ذلك أن الدور المصرى الراسخ والصلب، فى مجابهة كل مخططات تصفية القضية وتهجير الفلسطينيين، وفى إغاثة سكان القطاع، تقابله أصوات من «أهل الشر» ما بين مزايدات لتزييف الحقائق، وتشويه ممنهج، وانتقاص للدور المصرى، تبدو فى تساؤلات ترددها هذه الفئة، كذبًا، من عينة «لماذا تحاصر مصر غزة؟!»، أو «لماذا لا تحارب دفاعًا عن فلسطين؟!».

وهنا نعيد طرح وتفنيد مثل هذه الأسئلة وغيرها، ذلك أننا نجد أصواتًا من تنظيم «الإخوان» الإرهابى، تقارب مثلاً ما بين مَلحمة النصر الوطنى فى أكتوبر 1973، وبين عملية «طوفان الأقصى» التى قامت بها حركة حماس فى السابع من أكتوبر 2023، ونتج عنها الحرب المستمرة على قطاع غزة حتى الآن!!.

والواقع؛ أن الرّد بالحجة على مثل هذه التساؤلات يدفعنا إلى ضرورة ترسيم حدود العلاقة ما بين ضروريات الحفاظ على الأمن القومى المصرى، والدفاع عن القضية الفلسطينية، وهو ما يمكن تأطيره فى النقاط التالية:

أولاً، إن حرب أكتوبر، لم يكن فيها القتال غاية فى حد ذاته؛ وإنما كان وفق تخطيط استراتيجى مدروس؛ لاسترداد الحق، وهو التراب الوطنى، وبالتالى، كانت «مصر وأرضها»، وإنهاء العدوان الإسرائيلى، وهذا ما صاغه الرئيس السادات فى خطاب النصر الشهير بعد الحرب، حينما أشار إلى «إننا حاربنا من أجل السلام، القائم على العدل»، وشرح صيغة السلام الذى يدوم، فقال «شتان ما بين سلام العدوان وسلام العدل، فالأخير يدوم، والأول القائم على الإرهاب لا يقوم».

ثانيًا، يستند «أهل الشر»، فى المقاربة بين حرب أكتوبر 1973، وبين «طوفان الأقصى»، فى مسألة مباغتة العدو الإسرائيلى، وشتان الفارق بينهما وبين نتائجهما، ففى أكتوبر 1973 خاض جيش وطنى معركة الكرامة دفاعًا عن ترابه، وكان له ما حارب من أجله، أن انتزع الأرض من العدو، فى مَلحمة لا تزال تُدرّس عسكريًا، ومجد لا يزال تتفاخر به الأجيال.

فى حين ما قامت به «حماس» فى السابع من أكتوبر قبل عامين، لا يَعدو سوى «عمل متهور»، غير مدروس، كانت نتيجته التدمير شبه الكامل لقطاع غزة، وتشريد سكانه، فلا يمكن النظر إليه بِعَدِّه عمل مقاومة؛ وإنما عمل يدفع ثمنه «الشعب الفلسطينى» حاليًا؛ خصوصًا مع الأعمال التوسعية للاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة والضفة الغربية.

وعلى النقيض مثلاً، أعطى انتصار أكتوبر 1973 الأمل؛ للشعب الفلسطينى، فى استعادة أرضه؛ حيث قامت مصر بعد الحرب بعام، وتحديدًا فى أكتوبر 1974، بمناصرة الشعب الفلسطينى، فى إقامة سُلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ودعمت هذه الخطوة دبلوماسيًا؛ حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم (3375) لعام ١٩٧٥ بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك فى جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط بناءً على طلب تقدمت به مصر.

وهنا أتوقف أيضًا مع وثيقة نشرَها الكاتب الكبير محمود المراغى، فى صفحات «روزاليوسف»، عام 1974، حينما قدّم تحليلاً للموازنة العامة للحكومة المصرية فى هذا العام، وأشار إلى أن مصر بذلت فى سبيل فلسطين منذ عام 1948، حتى عام 1974، نحو 40 مليار دولار، وهى أرقام كشفتها مناقشات «مجلس الشعب» (البرلمان وقتها) لمشروع الموازنة.

هل يجب أن تحارب مصر؟

وأمام الوضع المأساوى فى غزة، القائم بسبب ممارسات حرب الإبادة التى تنفذها إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى، ربما يأتى التساؤل، إلى  أى مدَى يمكن أن تدعم مصر القضية الفلسطينية؟، وهل يمكن أن تخوض حربًا دعمًا للقضية؟، كما فعلت بمشاركتها فى حرب 1948 دفاعًا عن الأراضى الفلسطينية؛ خصوصًا مع استمرار الممارسات العدوانية من حكومة الاحتلال الإسرائيلى؛ بهدف الاحتلال الكامل لقطاع غزة.

بلا  شك؛ تضع الدولة المصرية، فى حساباتها، آليات التعامل مع سياسة التهور الإسرائيلية، التى تمارَس فى غزة والمنطقة، وتمارس دورَها وفق مجموعة من المحدّدات الراسخة والثابتة التى لم تتغير، وأهمّها رفض تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، ومواصلة تقديم الدعم الإغاثى والإنسانى للفلسطينيين، والحفاظ على دورها كوسيط فى مسار الحل السياسى.

الواقع أن الدولة المصرية تعمل بإخلاص، طوال العامين الماضيين، دفاعًا عن القضية الفلسطينية، ولكن فى المقابل «ليس مطلوبًا منها المغامرة بالدخول فى حرب، قد تُعَرّض حياة المصريين للخطر»، وهذا هو المعنى الذى تحدّث به الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى كلمته لطلبة الأكاديمية العسكرية أخيرًا، حينما أشار إلى أنه «لا أحد يطلب أن أراهن بحياة المصريين؛ لإدخال المساعدات لغزة بالقوة».

والمعنى هنا؛ ليس من المنطقى أن تخوض مصر حربًا من أجل إدخال المساعدات بالقوة إلى  قطاع غزة، فى وقت تقوم بهذا الدور وحدها على الأرض، ذلك أن القاهرة استطاعت أن تفرض إرادتها، فى إنفاذ المساعدات الإغاثية طوال الأشهُر الماضية، وهى أكثر مَن يقدم الدعم للفلسطينيين، وعمل حاليًا بشكل ميدانى على الأرض داخل القطاع.

ولعل أبلغ برهان على ذلك؛ أعمال اللجنة المصرية لإغاثة أهالى قطاع غزة، التى تقوم ببناء مخيمات آمنة جنوب ووسط قطاع غزة، مع توفير كل وسائل الإعاشة من مساعدات غذائية وطبية، وهو ما يُمَثل خط دفاع أول، لمخططات التهجير فى القطاع.

حديث الرئيس السيسي، عن عدم المغامرة، هو إدراك لأبعاد المشهد الإقليمى والدولى، وتدخلاته، فقدرات العمل والتأثير فى الوضع ليست مطلقة، ومصر ليست الدولة الوحيدة التى تتحرك، وهناك قوَى أخرَى لها مصالح وأهداف، لذلك تأتى أهمية الحفاظ على المكتسبات التى حققتها الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، من استقرار داخلى، وتعزيز قدرات قوَى الدولة الشاملة؛ حماية لأمنها القومى ومصالحها الاستراتيجية.

ربما فى هذا الموقف، تطبيق لمفهوم «السلام كخيار استراتيجى»، ولكن فى نفس الوقت، لا يعنى استسلامًا، فرسالة الطمأنة كانت حاضرة من الرئيس السيسي، بأنه لا يستطيع أحد إيذاء مصر، كما أنه لا يعنى تخليًا عن القضية الفلسطينية، فالموقف المصرى من تلك القضية لم يكن يخضع فى أى مرحلة لحسابات مَصالح، ولم يكن أبدًا ورقة لمساومات إقليمية ودولية؛ بل بذلت مصر ولا تزال تبذل الكثير دفاعًا عن الحق الفلسطينى.