الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
ترامب يريد بنما وكندا وجرينلاند: ‏ نجوم العَلم الأمريكى مهددة بالنقصان!‏

ترامب يريد بنما وكندا وجرينلاند: ‏ نجوم العَلم الأمريكى مهددة بالنقصان!‏

تبدو الولايات المتحدة تحت رئاسة دونالد ترامب «مريضا نفسيا»، خليط من جنون العظمة ‏والاضطراب، الإفراط فى حرية التصرف الفردى دون حسابات، بينما الأحداث تشده إلى ‏الأرض بجاذبية الواقع وتناقض المصالح.‏



قد يبدو الكلام غير منطقى، فما يسرى على الأشخاص من علل نفسية، لا يسرى على الدول، ‏خاصة إذا كانت الولايات المتحدة بإمكاناتها ودورها القيادى فى العالم، لكن المشاهد الحالية ‏تشى بأن الدول أيضا يمكن أن تمرض نفسيا، فالدولة ليست فقط أرضا وموارد وجيوش ‏وأسلحة، وإنما بشر، فإذا «تجاوز» الاستقطاب بينهم خطوطا طبيعية، فأنهم يضطربون ‏فتصاب دولتهم بالعلل، سواء مادية أو نفسية، ومن لا يصدق كيف نفسر هذه الحكايات..‏ الحكاية الأولى: «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، عبارة فخيمة على قبعة بيسبول حمراء، ‏وضعها دونالد ترامب على رأسه كثيرا خلال حملته الانتخابية، والبيسبول لعبة أمريكا الأثيرة ‏منذ عام 1845، داعيا ناخبيه إلى «شراء الأمريكى وتوظيف الأمريكى»، وبالفعل قلده ‏مؤيدوه، ثم اكتشفوا أن قبعاتهم مصنوعة فى الصين وفيتنام وبنجلادش، فحدث لهم ارتباك ‏وفزع تحول إلى تقارير صحفية وبرامج تليفزيونية، وفى الحقيقة قبعة ترامب صناعة ‏أمريكية، وكانت تباع على الموقع الرسمى لحملته بـ30 دولارا، لكن المؤيدين اشتروا القبعة ‏بـ 20 دولارا فقط، أى جروا وراء السعر الأرخص حسب مصالحهم كعادة أغلب البشر!‏

الحكاية الثانية: فى الأسبوع الماضى عقد المؤتمر السنوى للمحافظين فى واشنطن لثلاثة أيام، ‏ناقش فيها أعضاء الحزب الجمهورى البارزون قضايا سياسية واقتصادية.. إلخ، وكان المؤتمر ‏حالة فجة من غرور القوة والاستفزاز، ورسالة مباشرة بأن مطامع الحكام الجدد لن يعوقها ‏عائق مهما يكون، مثلا هنأ «جى دى فانس» نائب الرئيس نفسه، على انتقاده للأوربيين ‏وسياساتهم فى ميونيخ قبل أسبوعين، ثم وقف إيلون ماسك على خشبة المسرح وسط هتافات ‏هستيرية، ممسكا بمنشار كبير يلوح به لأصحاب القبعات الحمراء، كأن يقول لهم: جئت لأقطع ‏دابر البيروقراطية ونفقات الحكومة الفيدرالية.‏

أما ستيف بانون مستشار ترامب السابق فقدم عرضا حماسيا وسط صراخات وهوس: هل أنتم ‏مستعدون للقتال من أجل ترامب؟، أحملوا حرابكم، قاتلوا.. قاتلوا.. قاتلوا.‏

يمكن أن نروى عشرات الحكايات من هذا النوع، الذى يصلح موضوعا لفيلم من أفلام ‏المخرج البريطانى الشهير «الفريد هتشكوك» ملك الرعب والإثارة، لكن للأسف هتشكوك ‏مات من 45 سنة، وفاتته هذه الحالات المعقدة!‏

لكن الحكاية الأخطر هى تصريحات ترامب التى لا تتوقف عن: استرداد قناة بنما، احتلال ‏جزيرة جرينلاند الدانمركية، ضم كندا إلى الولايات المتحدة لتكون الولاية رقم 51، مع أن ‏مساحة كندا تزيد على مساحة أمريكا بـ100 ألف كيلو متر مربع تقريبا.

 الاستيلاء على ‏غزة!!‏

‏أى يسعى الرئيس الأمريكى إلى التوسع خارج حدوده، بينما ولاية كليفورنيا داخل حدوده ‏تقود حركة تمرد لتسحب نجمتها من علم الولايات المتحدة وتستقل بنفسها، وهى ليست حالة ‏وحيدة، فهناك أربع ولايات أخرى بها حركات انفصالية: تكساس، ألاسكا، هاواى، وفيرمونت، ‏لكن كاليفورنيا أقواها..وإذا نجح ماركوس رويز إيفانز رئيس حركة «نعم كاليفورنيا»، فى أن ‏يجمع نصف مليون توقيع على نهاية يوليو الماضى، فيمكن إجراء استفتاء لسكان الولاية على ‏السؤال: هل يجب أن تترك كاليفورنيا الولات المتحدة وتصبح دولة مستقلة؟، وإذا جاءت ‏الإجابة بنعم، سيبدأ الإعداد لتصويت جديد فى عام 2028 على عدم الثقة فى الولايات ‏المتحدة وإزالة العالم الأمريكى من جميع مبانى الولاية!. ‏

وإذا أقبل 50 % من الناخبين على صناديق الاقتراع وقتها، ووافق 55 % منهم على مشروع ‏الانفصال، سوف تستقل كاليفورنيا!‏

وكان ماركوس رويز إيفانس يتحرك على مهل من أجل استقلال كاليفورنيا منذ 12 عامًا، لكن ‏فوز ترامب بالرئاسة فى 2016 أغاظه وأشعل نشاطه، فارتفع معدل التأييد للفكرة، وإن لم ‏يصل وقتها إلى نصف مليون توقيع ضرورى لتقديم طلب إلى إدارة كليفورنيا، يجبرها على ‏إجراء الاستفتاء، وها هو يحاول مجددا. ‏

وإيفانس شخص عادى، ليس له تاريخ مرموق، عمره 49 سنة، حاصل على بكالوريوس فى ‏التخطيط الحضرى والإقليمى من جامعة جنوب كاليفورنيا، يعيش فى مدينة فريسنو، وفريسنو ‏كلمة إسبانية معناها «شجرة الرماد»، وهى تقع على بعد 350 كيلو مترا شمال مدينة لوس أنجلوس، و300 كيلو متر جنوب شرق سان فرانسيسكو، ولا يتجاوز عدد سكانها 550 ألف ‏نسمة!‏

وقد وزعت حركة «نعم كاليفورنيا» منشورات فى الشارع ومكاتب العمل وعلى شبكة ‏الإنترنت، قالوا فيها: أنت تملك فرصة تاريخية، للتصويت على خروج كاليفورنيا من ‏الاتحاد، التصويت يعنى الكثير لك ولأسرتك ولمجتمعك الصغير، ولولايتنا، ولبلدنا، ولعالمنا، ‏نحن سادس أكبر اقتصاد فى العالم، أقوى من الاقتصاد الفرنسى وعدد سكاننا أكبر من عدد ‏سكان بولندا ( حوالى 39 مليون نسمة)، وكاليفورنيا يمكن أن تٌقارن بدول وتنافسها لا أن ‏تكون مجرد ولاية مع 49 ولاية أخرى.‏

من وجهة نظرنا ثمة صدام وصراع كبير بين الولايات المتحدة وقيم كاليفورنيا، استمرارنا ‏مجرد ولاية يعنى أن كاليفورنيا تقدم دعما لبقية الولايات، ما يسبب ضررا لنا ولأطفالنا، ‏ورغم أن عمل الخير جزء من ثقافتنا، لكن البنية التحتية لكاليفورنيا متهالكة، ومدارسنا ‏تقبع فى المراكز الأسوأ مقارنة بكل الولايات الأخرى، ولدينا أكبر عدد من المشردين بلا ‏مأوى أو ضرورات الحياة، ومازال معدل الفقر مرتفعا، وعدم المساواة الاقتصادية يتوسع، ‏وغالبا ما نقترض من أموال المستقبل لنكفى أنفسنا حاجات اليوم..‏

الآن ليس هو وقت عمل الخير.. ‏

إن استفتاء الاستقلال هدفه أن تأخذ كاليفورنيا مكانتها بين دول العالم، أمة لها حقوق متساوية، ‏ونؤمن بحقيقتين فى غاية الأهمية..‏

الأولى: أن دولتنا سيكون لها تأثير إيجابى على بقية العالم.‏

الثانية: أننا سنكون أفضل كدولة مستقلة من مجرد ولاية فى الولايات المتحدة، وهذه أهم ‏دوافعنا.‏

‏- تنفق حكومة الولايات المتحدة على ترسانتها العسكرية أكثر من مجموع الدول التالية لها ‏فى الترتيب، ليس فقط كاليفورنيا التى عليها تدعم هذه الميزانية العسكرية من ضرائبنا، بل إنها تذهب لتقاتل فى حروب تعمل على إدامة الإرهاب وليس على تقليصه.‏

‏- لم يعد تصويت كاليفورنيا مؤثرا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية منذ عام 1876، بل إن ‏نتائج هذه الانتخابات تكون معروفة قبل فرز أصواتنا ( فارق خمس ساعات بين الشرق ‏والغرب فى أمريكا)، فلماذا نبقى مرتبطين برؤساء لا نلعب أى دور فى انتخابهم.‏

‏- بعض المعادن والمصادر الطبيعية كالفحم والغاز والنفط تستخرج من أرضنا بقيم السوق ‏المنخفضة، لشركات كبرى مرخصة من الحكومة الفيدرالية، ولا نتشارك فيها إلا بأقل القليل، ‏وهذا استنزاف لموارد الولاية.‏

6 - كاليفورنيا رائدة فى قضية البيئة وتؤيد تقليل انبعاث الكربون، بينما أغلب الولايات ‏الأخرى لا تعنيها مسألة التغييرات المناخية، ومع أن سكّان الولايات المتحدة أقل من 5 ٪ من ‏سكان العالم، لكنهم يستهلكون ثلث ورق العالم، وربع نفطه، و27 ٪ من الألومنيوم، و23 ٪ ‏من الفحم، و19 ٪ من النحاس، ونحن نريد موارد مستدامة.‏

‏ هذه أسباب دعاة الانفصال، لكنه ليس سهلا، وصعبا أن يحدث فى المدى القريب أو المدى ‏المتوسط، لكن الدعوة تبين أن الولايات المتحدة تجلس على فوهة ماء ساخن قد يغلى ويفور، ‏والغريب أن إدارتها تدير ظهرها لمثل هذا الاستقطابات الحادة وتفكر فى استيلاء واحتلال ‏وضم بلاد الآخرين، قطعا هذا مرض نفسى خطير!‏.