الأربعاء 29 أكتوبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

قـل بـلاد «النـار» ولا تقـل بلاد «الذهب»!

قـل بـلاد «النـار» ولا تقـل  بلاد «الذهب»!
قـل بـلاد «النـار» ولا تقـل بلاد «الذهب»!


«كرة الثلج» التى بدأت فى التدحرج ولن تستقر قريبا فى ظل المعالجات الأمنية والأخطاء الكارثية التى ترتكب كل مرة.. ما يجرى فى «السيل الريفى» فى أسوان والمعركة التى بدأت بين قبيلتى «بنى هلال» و«قرية دابود» المعروفة باسم صعايدة النوبة، الأزمة التى لا يدرك الجميع أبعادها بدأت تأخذ منحى دوليا بعد البيانات التى أصدرتها التجمعات النوبية فى واشنطن وفرنسا والسعودية تحذر فيها مما يجرى فى أسوان وتهدد بأنها لن تقف مكتوفة الأيدى.
ما يحدث فى أسوان هو نتيجة لتراكم المشكلات مع وعود كاذبة من حكومات متعاقبة تعطى كل مرة للنوبيين أملا فى العودة والتعويضات ثم تتراجع.. ومنظومة أمنية فاشلة لم تدرك خطورة الوضع منذ اقتحام مديرية أمن أسوان عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة والاكتفاء بمعالجة الخطأ بإقالة مدير الأمن فقط.
 
يا سادة ما يجرى فى أسوان هو البداية وحذرنا منه فى أوقات عديدة منذ إنشاء حركة «كتالة» النوبية «المسلحة».. الجميع لم يدرك أن الوضع فى تطور وتعامل مع الأمر على أنه نكاية فى الإخوان.. نحذر من عنق «قد اقترب» ومن خطورة وضع النوبة وعدم معالجة المشكلة الأساسية لأن القضية أخطر وأعمق وتضرب الجزء الجنوبى فى الصميم.
 
الأزمة خطيرة ويتعامل معها النوبيون بمنتهى الحساسية بدعوى أن الدولة تواصل الانتقام منهم ومن ثقافتهم وتماطل فى تنفيذ وعودها ومعهم جزء كبير من الحقيقة فى هذا الاعتقاد، طوال الفترة الماضية بعد ثورة يناير، والدولة تمنح النوبيين وعودا بالعودة على ضفاف النهر باعتبار أنها المطلب الأساسى للنوبيين، وتعددت اللقاءات مع تعدد الحكومات ونفس الوعد يتكرر، مما أدى إلى ارتفاع طموحات وأحلام النوبيين فى العودة وزاد عليها ما تضمنه الدستور مع الحفاظ على الطابع النوبى، لكن على أرض الواقع لا جديد.. أصيب النوبيون بالإحباط من الوعود الحكومية فى ظل قيادات محلية عليها علامات استفهام كثيرة لا تريد التنفيذ.
 
ويصر النوبيون الآن على استغلال المجزرة التى حدثت فى أسوان على أنها نتيجة أفعال الحكومة، بل يصدرون المشهد على أنهم هم الطرف المظلوم رغم أن عدد القتلى فى قرية بنى هلال يفوق عدد قتلى النوبة.. ويستندون فى كلامهم على عدة أشياء أساسها أن «بنى هلال» زرعتهم الدولة وسط القبائل النوبية لتكون شوكة فى ظهر النوبة تستخدمها وقتما تشاء وتم استغلالهم خلال الفترة الماضية فى إفشال المظاهرات التى كان يقوم بها الإخوان خلال الفترة الماضية، بل سمحت لهم باستخدام السلاح وتغاضت عن كميات كبيرة من الأسلحة وتجارتها بجانب تجارة المخدرات فى ظل حماية وغطاء أمنى، مما دفع القرى النوبية للمعاملة بالمثل.
 
الجمعية النوبية فى واشنطن أصدرت بيانا غاية فى الخطورة جاء فيه: «تتابع الجمعية النوبية بواشنطن عن قرب وبقلق بالغ ما يجرى من اعتداءات على النوبيين، وردود الفعل من قبلهم، مما أدى إلى فقد عدد كبير من الأرواح فى الجهتين، انتظرنا نتائج زيارة رئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير التنمية المحلية لأسوان.. ولكن للأسف لم نستشف ما يدل على نجاح زيارتهم فى احتواء الأزمة.. وهنا نطالب الدولة، عبر جميع أجهزتها سرعة التدخل لوقف نزيف الدم والعنف.
 
وأضافت «من جهتنا سنفعل كل ما بوسعنا لحماية أهلنا النوبيين فى أسوان».
 
أما إذا كانت هناك رؤية أمنية قاصرة تفتعل مشاكل جانبية فى أطراف الدولة.. فهذه مصيبة ولن نكون وقودًا لحساباتكم الخاطئة.. وهذا شأنكم».
 
الاتحاد النوبى بفرنسا أصدر بيانًا آخر جاء فيه «ما يحدث الآن فى أسوان وما يحدث لأبناء النوبة من بلطجة واستهانة بدماء النوبيين من أهالينا فى قرية دابود التى هى جزء من جسد النوبة لا يطلق عليها سوى مهزلة واستهتار بالدماء النوبية من قبل الدولة التى مازالت تنظر لبلاد النوبة بأنها جزء ضعيف فى هذا الوطن».
 
وأبناء النوبة بالمملكة العربية السعودية» قالوا فى بيانهم للهلايل تاريخ حافل بالإجرام والاعتداءات المستمرة على الغير ناهيك عن تجارتهم العلنية للمخدرات والسلاح مما يضع علامات استفهام كبيرة حول ما يتردد عن وجود تواطؤ أمنى محتمل وتورط بعض القيادات الأمنية التى كانت تتم نقلها من أسوان بعد كل مشكلة يثيرها الهلايل مع الغير.
 
التصعيد مستمر من الجانبين رغم الهدنة المعلنة ونشر نشطاء نوبيون محضر اجتماع شيوخ قبائل العبابدة والبشارية والجعافرة بمضيفة الكنوز بمنطقة منشية النوبة بأسوان، وخرج ببيان تضامن كامل مع أهل النوبة وتعهدت قبيلة الجعافرة بغلق الطريق الزراعى الشمالى بمدخل أسوان أمام أى إمداد للهلايلة، وتعهدت القبائل بمد أبناء النوبة بجميع احتياجاتهم وتمهيد طريق آمن لوصول شباب النوبة من مركز نصر لمدينة أسوان لمساندة أخوتهم واتهمت القبائل المجتمعة بمضيفة «الكنوز» محافظ أسوان ومدير الأمن بالتورط بمساندة الهلايل على أهل النوبة السكان الأصليين للمحافظة!
 
كل الجهود والوساطات التى تتدخل لحل الأزمة تفتقد للوجود على الأرض وحتى جهود المحافظ التى يبذلها تفتقر لمعرفة الوضع.. المسيطر الآن هم شباب النوبة الذين كنا نحذر منهم فى أوقات سابقة.
 
ولكن هناك شخصيتين اثنتين فقط يمكن لهما أن يجمعا شتات القبيلتين ويرضخا لحكمهما أولهما الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وابن الأقصر والثانى هو الشيخ أحمد الإدريسى شيخ مشايخ الطريقة الأحمدية الإدريسية الذى نجح فى فض الكثير من المنازعات.
 
ويبقى السؤال الأخير ماذا حدث للنوبيين؟ والإجابة على لسان الأديب النوبى حجاج أدول على صفحته على فيس بوك «وقت مؤتمر الأقليات الذى قام به د. سعد الدين إبراهيم من حوالى أكثر من خمس عشرة سنة، قلت فى الإسكندرية للصحفيين.. لا تخافوا منى لكن خافوا من أطفالى الذين فى الابتدائية، لم يهتموا بكلامى، وها هم أطفال الأمس يحملون السلاح مثلهم مثل غيرهم من أبناء الوطن ها هم ينتقمون لمقتل أربعة منهم بقتل 31 من القتلة، ولا نعلم ما ينتظرنا بعد ساعة.
 
ماذا ينتظرون منا؟ يتوالى القتل فينا بدون رد؟ ماذا يتوقعون من الشباب الذى ينال الإهانات من الغير ومن السلطة ومن وسائل الإعلام؟ الشباب ضاق بأسلوبى أنا حجاج أدول، وقال لم يعد يجدى أسلوبكم الذى يتمسك بالمنطق والقانون والإعلام والمخاطبة بالعقل، قال لنا معشر كبار السن أكثر من مرة.. أسلوبكم يا كبار السن لم يعد يجدى مع شرائح دموية من الشعب، ودوائر تكرهنا من السلطة، فابتعدوا واتركونا نحن نتصرف بما يناسبهم. وبناء عليه قلت فى لقاء جماهيرى بمنشية النوبة بأسوان.. لم أعد النوبى الطيب، بل أنا النوبى الشرس. عبّرت أساسًا عن الشباب وعنى شخصيًا فكلماتى أصبحت قاسية حتى يفهم من يستطيع الفهم، لكن لهم آذان لا يسمعون بها، ولهم عقول عليها أقفالها.
 
التهجيرات الأربعة التى ضربتنا وزلزلت كياننا، خاصة تهجير 46 اقتلعنى من جذورنا حول ضفاف النيل وألقى بنا فى الصحراء، وسط مجموعات تحمل السلاح، والضرب بالنار شىء عادى عندهم. نال النوبيون من هؤلاء الكثير من الافتراء والإهانات لأنهم يحملون السلاح والنوبى لا يحمل حتى عصا.. بالسلاح هجموا على بيوت النوبيين وسرقوها علنًا، ضربوا الرجال والنساء ولم يعاقبهم أحد، فلا سلطة قوية فى هذه المناطق، من كانوا يزرعون أرضنا لظروف معينة، بما كسبوه منا، اشتروا به السلاح وحملوه ضدنا؟ اعتبرونا نحن غرباء عن البلد! لم أعد النوبى الطيب.. أنا الآن النوبى الشرس!