الأربعاء 25 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

معهد الترميم أصبح «رميم»

معهد الترميم أصبح «رميم»
معهد الترميم أصبح «رميم»


 
المعهد هو الوحيد بالشرق الأوسط المعنى بدراسات ترميم الآثار ورغم أنه موجود فى بلد يحوى ثلث آثار العالم، ورغم ما تمثله تلك الآثار من جذب سياحى نحن فى أشد الاحتياج إليه بسبب الحالة الاقتصادية الحالية، فإن المعهد يدمر بتجاهل المسئولين، فمنذ أن تم نقل المعهد إلى مدرسة إعدادية بالإيجار بعدما أغلقه اللواء سمير فرج محافظ الأقصر الأسبق والطلاب بلا معامل أو حجرات دراسة، مما يجعلنا نفقد فنيى الترميم خلال فترة قصيرة، وبالتالى نتجه إلى الغرب الذين يقولون عنا إننا لا نستحق هذه الآثار!
 
كلمة ترميم تعنى إعادة الأثر بقدر الإمكان إلى حالته الأصلية من خلال عملية علاج تتضمن التخلص من مظاهر التلف التى تسببها عوامل طبيعية أو ظواهر بشرية نسبية، وتختلف طرق العلاج على حسب حالة الأثر ونوعه سواء كان حجريا أو خشبيا وتتطلب عملية الترميم مرممين فى غاية المهارة للمحافظة على الأثر وعدم إحداث خدوش أو تشققات به.
 
وهناك تماثيل حجرية يتم ترميمها بأساليب معينة وباستخدام أنواع أجهزة مختلفة وبسيطة بمعنى شواكيش أو أزاميل «والأزاميل عبارة عن قاعدة خشبية لها سن حديدية بشكل معين تستخدم فى الآثار الخشبية فى النحت وفى الآثار الحجرية فى عملية حساسة جدا».
 
عملية الترميم تتطلب عدة خطوات أولها التسجيل ثم التقوية المبدئية إذا احتاج الأثر ذلك، وثالثا التنظيف، ثم استخلاص الأملاح ومن بعدها ترميم الشروخ، وسادسا استكمال الأجزاء الناقصة، ومن ثم استكمال الألوان أيضا والتقوية والصيانة الدورية.
 
المهندس محمد حسين مدير عام قطاع الترميم بآثار مصر العليا قال: عملية التسجيل هى عملية إحصاء شاملة لكل المعلومات المرتبطة بالأثر المراد ترميمه، هذه الخطوة تنفذ سواء كان الأثر حجرا أو خشبا أو لوحات زيتية.
 
وتعتبر اللوحات الزيتية من أهم أنواع الآثار، حيث صممها لنا فنانون عالميون بمهارة ودقة بالغة، وقد مر عليها الكثير والكثير من الوقت.
 
وينقسم التسجيل إلى الأثرى، وفيه يتم تجميع معلومات عن الأثر من الناحية التاريخية ومتى أنشئ ومن قام بإنشائه وظروف نشأته وفى أى عصر، والفوتوغرافى الذى يكون بالصور والفيديو للاستعانة به أثناء خطة العلاج، أى أنه يمكننا من عمل CV للأثر وكل هذه المعلومات المجمعة سواء من الكتابات المختلفة أو من هيئة الآثار والتى تفيد بعد ذلك فى عملية الترميم.
 
وأضاف حسين إن عملية التقوية هى عملية استعادة قوة الأثر فى محاولة من المرممين لجعله يقاوم الزمن وعوامل التلف.
 
وفى هذه الخطوة تكون التقوية مبدئية ولا تتم عملية الترميم والأثر فى حالة متدهورة سواء كان حجرا أو خشبا أو لوحات زيتية، هناك أنواع أخرى من الآثار تختلف طرق التقوية، ففى الحجر نستخدم الفينافيل وهو عبارة عن لاصق أو مادة مقوية تتم عن طريق الحقن، ومركبات التقوية لها دور مهم حتى لا نضر الأثر أثناء عملية الترميم وفى حالة الخشب تستخدم مركبات كثيرة منها مشتقات السليولوز وفى اللوحات الزيتية تستخدم مركبات عديدة ويراعى فى عملية التقوية بنسب معينة حتى لا تعطى نتائج عكسية على الأثر.
 
كان البردى المكتشف آثاريا والذى قد يكون ناشفا أو مطويًا تتم معالجته بالماء المقطر وورق نشاف وغيرها من الطرق البدائية، أما الآن فيعالج بوضعه بجهاز حديث جدا لمدة أربع ساعات ليخرج إلينا بعدها طريا، كما تم إنشاء معمل ترميم جديد بالتعاون مع الجهات الأثرية الإيطالية.
 
وأشار حسين إلى أن البعثات الأجنبية المتخصصة فى ترميم واكتشاف الآثار هى السبب الرئيسى فى سرقة وتهريب الآثار إلى الخارج بسبب اقتراح الجانب المصرى بإهداء بعض من هذه البعثات الأجنبية بعض القطع الأثرية التى يفتقدونها فى متاحفهم والمكررة لدى الجانب المصرى بكثرة مثل قطع تماثيل «أوزيريس» التى نملك منها «20- 30» قطعة، وذلك بسبب الأعمال الجيدة التي قاموا بها داخل المجتمع الأثرى المصرى، وهناك الكثير من القطع التى كانت بعض البعثات سببا فى تهريبها وسرقتها بالتنظيم مع مسئولين كبار داخل الدولة المصرية!
 
ولدينا خطط كثيرة ومنظمة فى موضوع معالجة التأثيرات البيئية على الآثار الموجودة فى العراء من عوامل التعرية.
 
كما أن المجلس الأعلى للآثار يتعاون مع عدة جهات وشخصيات معنية بحماية الآثار، فمثلا هناك اتفاق وتعاون مع الدكتور فاروق الباز العالم الفضائى المعروف فى محاولة تصوير القشرة الأرضية والآثار عبر الأقمار الصناعية، وسنفهم هنا أن عملية الترميم والمعالجة ستتجاوز فهم المعالجة المباشرة لمفهوم أكثر تقنية وأكثر دقة، بما يسمح برصد حركة جزيئات الهواء وتفاعلها مع أحجار الآثار ودراسة تلك التفاعلات بمجملها على أسس علمية حديثة، فميزة الآثار فى العموم أنها متشابكة العلاقة مع كل العلوم، فنجد علاقتها مع الهندسة والطب وعلم تشريح الأجسام المحنطة وفروقاتها الفسيولوجية قبل وبعد التحنيط ونفس الحال بالنسبة للفنون الجميلة والجيولوجيا.
 
وبسبب تدهور الحالة الدراسية لتعليم فن ترميم الآثار فى الكليات والمعاهد المتخصصة فى مصر قال «د. أحمد عبدالجليل» عميد أكبر معهد لدراسات ترميم الآثار فى الشرق الأوسط الموجود بمحافظة الأقصر: المعهد هو الوحيد على الشرق الأوسط الذى يخرج الفنى المصرى المتخصص فى ترميم الآثار ومنذ حال تطويرات الأقصر وإزالتنا فى عهد الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر الأسبق ونحن مشتتون ولا يوجد بديل حتى الآن وبما أننا تابعون لوزارة التعليم العالى لجأنا لها ولكنها تركتنا وتجاهلتنا ولم تبت فى الأمر حتى الآن، وها نحن الآن نستقر داخل مدرسة إعدادية نؤجرها سنويًا من وزارة التربية والتعليم حيث أصبح المعهد بأكمله داخل فصول هذه المدرسة، مكتب عميد المعهد ووكلائه وشئون الطلاب والمكتبة والحاسب الآلى وكافة الأعمال الإدارية وموظفيها داخل الفصول حيث أصبح أكثر من مكتب وقسم داخل غرف المدرسة، بالإضافة إلى المعامل والمخازن وورش العمل الخاصة بالمعهد كل ذلك تشتت ومهدد بالتلف والانهيار طالما لم يوفر لنا البديل اللائق بالمعهد فلدينا طلاب من مختلف محافظات الجمهورية فكيف نعيقهم دائمًا بتغيير مقر المعهد من حين إلى آخر فيصبح الطالب هنا مجبرا على تغير محل إقامته إلى أقرب مكان للمعهد ناهيك عن العوامل النفسية والمادية التى يعانون منها وخطورة ذلك الأمر لأن عملية صيانة وترميم الآثار تحتاج إلى العناية الخاصة والكبيرة بالأثر كما تحتاج إلى خبرات متميزة لاختيار المواد المستخدمة للترميم حيث إنها تحتاج إلى دراسة دقيقة لتكون بنفس خواص ومواصفات المواد الأصلية.
 
فمرحلة الدراسة تستغرق وقتا كبيرا من حيث مراقبة وملاحظة التأثيرات المميزة والتى أدت إلى تدهور الأثر وفى نهاية مرحلة الدراسة يصبح لدينا تصور كامل لطريقة علاج وترميم المنشأ.
 
«هبة أحمد» من طلاب المعهد تقول: وزارة التعليم العالى ستكون السبب الرئيسى فى ضياع علم ترميم الآثار فى مصر وفقدان آثارنا فهم غير قادرين على حل مشكلتنا منذ وقت كبير ويعلمون أننا فى حالة قصوى من التشتت والانهيار بسبب أننا ندرس داخل إحدى المدارس الإعدادية فأنا الآن لست طالبة جامعية بل عدت مرة أخرى إلى مرحلة التعليم الأساسى، بالإضافة إلى أننى لا أستطيع أن أدخل المعمل الخاص بالمعهد حتى أمارس دراستى عمليا لأنه لا يوجد معمل نظرًا لظروف المكان الذى نتواجد به والمراحل العصيبة التى يمر بها المعهد وتتفق معها الطالبة «إيناس خليفة» وتطرح سؤالا على كبار المسئولين بوزارة التعليم العالى والدولة قائلة: وماذا يكون الحل فى حال أننا فقدنا الفنيين المتخصصين لترميم آثار بلادنا هل سنظل معتمدين دائمًا على البعثات الخارجية وتعريض آثارنا وممتلكاتنا إلى النهب والتهريب أم سنصبر على تلفها وضياعها ونكتفى بالوقوف نشاهد فقط.
 
أحمد عيسى - أحدالطلاب - يروى لنا حزنه على موقف حدث معه أثناء تدريبه تحت أيدى أحد الخبراء الأجانب المتخصصين فى ترميم الآثار فرنسى الجنسية قائلا: إنه حينما كنت أتدرب كان الخبير الفرنسى يشرح لنا داخل معبد الكرنك عن كيفية الترميم فكنت كثير الأسئلة له حتى أعرف كل شىء ولكنه كان حذرًا جدًا فى الإجابة وكان لا يجيب فى بعض الأحيان حتى مل منى وقام بإنهاء تدريبى وقال لى إنكم ستظلون هكذا نحن الذين نعلمكم كيف ترممون آثاركم ولن تستغنوا عنا أبدًا وهذه الآثار ملك لنا وليس لكم لأنكم لا تقدرون قيمتها.