الإثنين 18 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رئيس العصا السحرية

رئيس العصا السحرية
رئيس العصا السحرية


 
يبدو أن ما قدمه الفنان محمد صبحى على خشبة المسرح فى عرض العبقرى «لينيين الرملى» «تخاريف» والجملة الشهيرة «قرار ديكتاتورى رقم 1995 ... »أصبح لسان حال العديد من شعوب العالم الثالث الذين يعانون من رؤساء تحولوا بمجرد جلوسهم على الكرسى إلى أنصاف آلهة..! والأصل أن منصب الرئيس خُلق من أجل خدمة شعبه الذى اختاره ولذلك لا تندهش إذا وجدت أغلب الرؤساء السابقين فى معظم دول العالم المتقدم يسيرون كمواطنين بين الناس يمارسون حياتهم بشكل عادى على العكس من دول العالم الثالث التى يتطلع شعوبها إلى البحث عن مصطلح «رئيس سابق» بمحض إرادتهما «حاكم ومحكوم».
 
تحول الشارع المصرى إلى أحلام تبحث عن بطل يملك العصا السحرية، وهو ما تمثل فى المشير عبد الفتاح السيسى، بعد أن أصبحت صوره ذات الأحجام الضخمة تملأ الشارع المصرى، لتؤكد انتظار الشعب إلى عصاه السحرية، التى تحل لهم كل المشاكل التى تواجه المواطن المصرى ولم لا ألم ينحاز القائد إلى شعبه وأسقط حكم الجماعة الإرهابية وأزاح الغمة، هكذا أصبح السيسى هو البطل المنتظر والرئيس القادم الذى أحبه المصريون .
 
أما عن آراء الخبراء عن تلك الظاهرة المجتمعية التى سيطرت على عقول المصريين: يقول الدكتور «مصطفى كامل السيد» أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة: هذه نظرة غير واقعية، نظراً للتحديات الهائلة التى تواجه مصر حالياً، ومن المنتظر أن يواجهها الرئيس القادم، وليس من السهل على أى رئيس أو أى مسئول الوصول لحلول لتلك التحديات والقضايا الصعبة، لكن للأسف تلك النظرة موجودة بالفعل لدى قطاعات واسعة من الشعب المصرى والسبب فيها أولا أن المشير عبد الفتاح السيسى جاء بعمل لم يكن متصوراً، وهو الاطاحة بحكم جماعة الإخوان، ولم يكن أحد يتصوراً أنه قد يحدث، واستطاع المشير السيسى تلبية ما كان يطالب به الشعب، وخرج إلى الشارع من أجله ،والسبب الثانى أنه بلا شك هناك قطاعات متعددة من النخبة وأجهزة الإعلام فى المجتمع تلك القطاعات بالغت فى الإشادة بدور السيسى وقدراته فى ذلك الوقت، ورسمت له صورة مفرطة، وحالة من التمجيد سيطرت على الشارع المصرى، والسبب الثالث أن هناك أزمة خانقة تحيط بمصر فى جميع المجالات، وهناك بالفعل حاجة لشخص لديه قدرات خارقة، وسلطات غيرعادية، تمكنه من التغلب على الأزمات، وقد ولد كل هذا تلك الأسطورة لدى المصريين.
 
ولاشك أن السيسى سوف يقدم برنامجاً يعد بحل لجميع المشاكل التى يمر بها المجتمع، لكن عندما يكون هناك وازع حقيقى للتخلص من البطالة ونية التقدم ببرنامج طموح بالفعل لابد أن ندقق جيداً فى كيفية تنفيذ هذا البرنامج، ومن سوف يستعين به المشير عبد الفتاح السيسى بعد نجاحه فى الانتخابات، للتخلص من أزمات مصر الحالية، وأنهم مؤهلون، والى أى حد سوف يتعامل المشير السيسى مع السياسة المدنية، وكيف سيتعامل معها، وفيها معارضة واختلافات حادة، تصل إلى العنف فى النقد، مثل مواجهة مبارك والرئيس المعزول وهى انتقادات حادة، فإلى أى مدى سوف يتقبلها،وإنما يجب أن نعلم أنه بسبب الأوهام التى تحيط بالرأى العام حول قدرات الرئيس، غيرنا فى خارطة الطريق فكرة أن الرئيس ينتخب قبل مجلس النواب، أى أنه لايوجد قيد على سلطاته فى خلال فترة 6 شهور، ويجب أن يلتزم عدم إصدار قوانين كما يشاء، للانطلاق فى تصرفاته فيما بعد كما يشاء، لذلك يجب أن يركز الشعب المصرى فى اختياره الدقيق للرئيس القادم.
 
الدكتور «مصطفى علوى» أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة يقول لنا: فى مجال السياسة ليست هناك عصاً سحرية بل هناك رؤية سليمة أو رؤية غير سليمة ثم تتحول الرؤية إلى برنامج عملى يقوم على إجراءات وقرارات وسياسات تحتاج أن تكون فى برنامج متكامل والبعد الثانى أن تتضح التكلفة المالية للبرنامج والمدة الزمنية وهى الأربع سنوات الرئاسية القادمة وتحديد المشاكل والقضايا التى سوف يواجهها البرنامج مثل مشكلة الصحة والتعليم والبطالة بالحلول الواضحة وتحديد الوقت والإطار الزمنى لحل كل مشكلة على حدة وتحديدا التكلفة والموارد الموجودة لذلك لابد أن يكون هذا متاحًا على الساحة حاليا فى البرنامج الانتخابى نظرا لانتهاء عصر العصا السحرية وزمن المعجزات، وعن أسباب رؤية الشعب المصرى لامتلاك السيسى عصا سحرية قد يكون سببه ما مر به الشعب من ظروف سابقة على مدار ثلاث سنوات وإذا آمن بالفعل الشعب المصرى أسطورة العصا السحرية والنصف إله فتلك مشكلة كبيرة لأن الشعب لابد أن يتحول إلى شعب مسئول ومحاسب بشكل ديمقراطى وتلك هى مسئولية فريق العمل القائم لدى المرشح على الطريقة الديمقراطية والمتوقع أن جزءاً من الشعب المصرى بعد مرور نظامين رافضًا لهما سوف يتعلم قطاع كبير منهم لكن هناك جزءاً آخر لم يلتفت لذلك مثل شباب الثورة الذين قاموا بتلك الثورة أين هم الآن من القضية؟ وأين هم من مشاركات الأحزاب السياسية فى مصر بالرغم من وجود أكثر من 80 حزبًا فى مصر و127 ائتلافًا ثوريًا وهذا التعدد أدى إلى التفتت والانقسام فكان لابد من وجود أحزاب قوية تحتوى الشباب وتدربهم وتوجههم إلى العمل السياسى لأن العمل السياسى يختلف عن الحركة الثورية.
 
السفير «سيد قاسم المصرى» مساعد وزير الخارجية السابق قال لنا:
 
للأسف يوجد فى الشعب المصرى جينات منذ عهد الفراعنة وهى أنهم دومًا يبحثون عن فرعون أو نصف إله وذلك غير صحى لأن بداية الديمقراطية فى الاتجاه المعاكس لأنصاف الآله والفراعين لكن الناس فى حالة يأس وخوف وانسداد البدائل أمامهم ويبحثون عن الفارس والحصان الأبيض أو صاحب العصا السحرية كل ذلك موجودات فى الداخل النفسى المصرى، وذلك غير جيد وهذا هو الواقع الموجود حاليا.
 
ومن المعروف أن الشعب المصرى لديه مزاج متغير وخاصة كلما ارتفع سقف الأحلام والتوقعات لذلك سوف تكون خيبة الأمل أكبر.
 
الدكتور «محمد السعيد إدريس» الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أكد:
 
 
نحتاج إلى إعادة ترميم للعقل السياسى المصرى فيجب أن ندرك جيداً أن الرئيس ليس أباً أو إلهًا بل هو مواطن مصرى له ما له وعليه ما عليه، فهو موظف يعمل لدى المصريين ويأخذ أجره من المصرى وجاء لتأدية وظيفة إدارة الدولة حينما يتم اختياره حسب مؤهلات معينة للوصول لأهداف معينة وفى حالة تقصيره فى   العمل سوف يتم التخلى عنه.
 
 
نحن من المفترض بعد ثورتين تاريخيتين نكون خرجنا ببعض الاستنتاجات أولها أن تكون الثقة فى الشعب وليس الثقة فى الرئيس والثقة فى المؤسسات وننتقل من حكم الفرد إلى حكم المؤسسة، وأن نعلم ان هناك حكم المحاسبة والمراقبة وهناك دستور يقول إن البرلمان المصرى وظيفته مراقبة الرئيس وعملة والحكومة وعملها، وبالتالى سوف ندقق فى اختيار الرئيس وبرنامجه وهل يحقق لى ما أريده حقاً، والفريق الموجود معه فالرئيس وهو قادم لابد أن يقول من هو نائبه وفريقه، ولدينا الحق فى أن نستبشر فيهم خيراً أو شراً، وبالتالى لابد أن نصل إلى مرحلة الفطام السياسى والرعاية الأبوية للسيد الرئيس وعائلة السيد الرئيس إننا وقفنا على أقدامنا ونضجنا كشعب، ولابد أن نثق فى أنفسنا وفى اختياراتنا السياسية التى سوف ندفع ثمنها وأن يكون اختيارنا للرئيس وفق معايير واضحة مشروعة ليس فيه انحياز لمن سوف يحكمنا واختيارنا للبرلمان الذى سوف يحاسب ويراقب الرئيس.
 
وربما تحول الشعب المصرى إلى الإيمان بالعصا السحرية نظراً لتعوده أن يكون تابعاً وليس شريكاً حقيقياً وهو قد أرهق ويريد النوم فى العسل، ولكن فى تلك الحالة سوف يندم وخاصة الشباب ونحن نحتاج إلى إعادة تنشئة سياسية للشباب ولابد من إنشاء وزارة شباب وطنية حقيقية من شباب حقيقى يعيد التنشئة السياسية على أسس علمية وليست حزبية، ويحتاج الرئيس القادم والشعب إلى مؤسسة أخرى بجانب السلطات الثلاثة السابق ذكرها، مؤسسة وظيفتها عقل استراتيجى لمصر وطرح المفاهيم العليا للدولة وهى مبادئ لا يحيد عنها الرئيس أو البرلمان أو الحكومة فهناك مفاهيم يجب أن يستقر عليها الشعب المصرى.