الخميس 24 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

منافسة شرسة على الولايات المتأرجحة بين هاريس وترامب استطلاعات الرأى.. «صناعة أمريكية» لتحديد هوية رئيس البيت الأبيض

لعبة أمريكية صنعها رواد سياسة الغرب منذ ثلاثينيات القرن الماضى؛ حيث تعتبر استطلاعات الرأى أهم أعمدة الانتخابات الأمريكية، هذه الصناعة تلعب دورًا حيويًا فى توجيه الحملات الانتخابية؛ حيث تقدم معلومات دقيقة حول توجهات الرأى العام واهتمامات الناخبين، وربما توجيههم لاختيار مرشح دون الآخر! ومن خلال استطلاعات الرأى؛ يتمكن المرشحون من فهم القضايا التى تشغل الناخبين، سواء كانت الاقتصاد، الرعاية الصحية، أو قضايا الأمن. وتساعد هذه المعلومات الحملات على تخصيص رسائلها الانتخابية بما يتناسب مع أولويات الناخبين، ما يعزز فرصهم فى كسب تأييد شرائح واسعة من المجتمع.



 

لعبة الأجداد

تاريخيًا؛ لعبت استطلاعات الرأى دورًا بارزًا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية. منذ بداية استخدامها فى الثلاثينيات من القرن الماضى، تطورت هذه الأداة بشكل كبير فى انتخابات عام 1936، استخدمت استطلاعات الرأى بشكل واسع لأول مرة لتوقع فوز فرانكلين روزفلت، وهو ما تحقق بالفعل، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الاستطلاعات وسيلة لا غنى عنها فى أى حملة انتخابية.

لكن؛ هناك حالات أثارت فيها نتائج الاستطلاعات الجدل، كما حدث فى انتخابات 1948 عندما توقعت خطأً فوز توماس ديوى على هارى ترومان؛ ما أدى إلى مراجعة الأساليب المستخدمة وتحسينها.

ومع تطور التكنولوجيا؛ أصبحت استطلاعات الرأى أكثر تعقيدًا ودقة؛ حيث يتم استخدام تقنيات مثل تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى لتحليل نتائج الاستطلاعات بسرعة وفعالية؛ ما يمنح القائمين على الحملات الانتخابية فرصة للاستجابة الفورية لمتغيرات الرأى العام.

ورُغْمَ تقدُّم التكنولوجيا فى هذه الصناعة؛ فإنها لا تزال موجَّهة؛ بل يمكن أن تؤثر على شعبية أىّ من مرشحى الانتخابات، كما أنها غير دقيقة إلى حد كبير.

فى عامَى 2016 و2020؛ قلّلت استطلاعات رأى عدة من قوة المرشح الجمهورى دونالد ترامب، مقابل منافسته الديمقراطية آنذاك هيلارى كلينتون، لكن نتائج الانتخابات قلبت كل التوقعات.

وكشفت تلك الأخطاء عن بعض القيود الحقيقية التى تعيب عمليات قياس الرأى؛ مما دفع القائمين عليها إلى إجراء بعض التغييرات فى تصميم العينات، وطريق إجراء المقابلات.

ووفق جون كينيث وايت، أستاذ السياسة فى الجامعة الكاثوليكية الأمريكية، أن صناعة استطلاعات الرأى تعتبر «مأزومة، وتواجه مشكلات هائلة»؛ خصوصًا فى معدلات الاستجابة المنخفضة، وعدم قبول الهواتف المحمولة للمكالمات من الغرباء.. لافتًا إلى أن معدلات الخطأ كانت مرتفعة فى بعض استطلاعات الرأى على مستوى الولايات الأمريكية فى عامَى 2016 و2020.

وبين 2000 و2022 ارتفعت أعداد المنظمات التى تجرى استطلاعات الرأى للانتخابات الأمريكية بأكثر من الضعف، ويُشير تقرير لمركز Pew Research إلى أن هذا النمو كان مدفوعًا إلى حد كبير باستخدام الباحثين لأساليب أخذ العينات غير المكلفة.

وتحتل استطلاعات الرأى العام، الخاصة بالانتخابات، صدارة اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية، ما يجعلها، وفق الخبراء، تؤثر على التغطيات الصحافية، فى حين أن هناك افتراضًا مفاده؛ أن استطلاعات الرأى لا تعكس تفضيلات الناخبين فحسب؛ بل إنها قد تؤثر عليهم بشكل كبير أيضًا، وتوجههم نحو اختيار بعينه.

وفى حديث صحفى، أوضح عميد كلية شار للسياسة فى جامعة جورج ماسون، مارك جيه روزيل، أن الأبحاث أوضحت أن استطلاعات الرأى تعمل من خلال تأثير ما يسمى بـ (تأثير القاطرة) أو (تأثير الزخم)، مما يعنى أنه عندما يلاحظ المواطنون اتجاهًا معينًا، هناك ميل لدى بعضهم للانضمام إلى ذلك الاتجاه. وهذا ينطبق سواء فى مجال الأزياء أو تفضيلات السياسة، إذ يتأثر الناس بالاتجاهات فى المجتمع، ولهذا نرى أحيانًا الزخم يتزايد فى حملة مرشح ما عندما تتحسن أرقام استطلاعات الرأى.

 هاريس vs ترامب

وخلال انتخابات 2024 توضح استطلاعات الرأى حالة من الزخم والاضطراب فى النتائج؛ حيث فارق النقاط بين مرشحة الحزب الديمقراطى كامالا هاريس والمرشح الجمهورى الرئيس السابق دونالد ترامب، بضعة نقاط فقط تتراوح بين 3 إلى 4 %، وذلك قبل أيام قليلة على بدء التصويت النهائى فى الخامس من نوفمبر المقبل (بعض الولايات بدأ فيها التصويت المبكر منذ سبتمبر الماضى).

ومع تبخر ميزة استطلاعات الرأى التى حصلت عليها هاريس بعد أدائها فى مناظرة العاشر من سبتمبر؛ تلقى الرئيس السابق مؤخرًا سلسلة من نتائج استطلاعات الرأى الإيجابية فى الولايات المتأرجحة، على الرغم من أن معظمها يشير إلى أن المنافسة لا تزال متعادلة.

وتُظهر متوسطات استطلاعات الرأى التى جمعتها «FiveThirtyEight» أنه فى الأسابيع الأخيرة، وسّع ترامب تقدمه الصغير فى أريزونا، وتجاوز هاريس فى نورث كارولينا وتعادل فى نيفادا، كما ضيّق تقدمًا صغيرًا لهاريس فى بنسلفانيا وميشيجان وويسكونسن.

وفى حين كانت هاريس تحتفظ بميزة على ترامب فى استطلاعات الرأى الوطنية منذ فترة وجيزة بعد انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق؛ فقد تراجع تقدمها خلال الأسابيع القليلة الماضية، على الرغم من الحملة الإعلامية الأخيرة، بنسبة 2.4 نقطة مئوية بانخفاض عن تقدُّم 3.3 نقطة.

وأوضح كريج أجرانوف، أستاذ التسويق السياسى فى جامعة فلوريدا أتلانتيك، لمجلة «نيوزويك»، أن زخم ترامب فى استطلاعات الرأى الأخيرة يعكس قدرته على الاستفادة من مخاوف الناخبين الأساسية مثل الاقتصاد والأمن القومى، التى تميل إلى الهيمنة فى الأوقات غير المؤكدة.

وأضاف أجرانوف: «مع ذلك؛ فإن قدرة الرئيس السابق على اغتنام الفرصة والفوز فى الخامس من نوفمبر كانت بعيدة كل البعد عن اليقين، مع احتفاظ هاريس بالقدرة على قلب الطاولة واستعادة الزخم».

وأكد أن الحفاظ على هذا الزخم حتى يوم الانتخابات يتطلب الحفاظ على الانضباط فى رسالته، وتجنب الخلافات التى قد تُنفر الناخبين غير الحاسمين أو المعتدلين.

 الولايات الحاسمة

تُعرَف الولايات المتأرجحة فى الأدبيات الأمريكية باسم «ولايات ساحة المعركة» أو «الولايات الأرجوانية»، وهى أى ولاية يتمتع فيها كلا الحزبين الرئيسيين بمستويات مماثلة من الدعم بين الناخبين- مع تقارب الديمقراطيين والجمهوريين فى استطلاعات الرأى ببضع نقاط مئوية-، فعلى عكس الولايات الآمنة، أو ما يُعرَف بالولايات الحمراء التى تميل للحزب الجمهورى، أو الولايات الزرقاء التى تميل إلى الحزب الديمقراطى.. وهذه الولايات هى: أريزونا- جورجيا- ويسكونسن- بنسلفانيا- نيفادا- ميشيجان- ونورث كارولينا.

ووفق جميع الخبراء السياسيين فإن الولايات المتأرجحة هى التى تحمل مفتاح البيت الأبيض لأى من المرشحين.

وقد كشفت استطلاعات الرأى الأخيرة، التى نشرتها صحيفة «ذا هيل»، أن كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ودونالد ترامب المرشح الجمهورى متعادلان تقريبًا فى جميع الولايات الرئيسية المتأرجحة؛ حيث يتقدم ترامب بفارق ضئيل على هاريس بنسبة 49 % مقابل 48 % فى كل من جورجيا ونورث كارولينا وبنسلفانيا؛ بينما يتقدم فى أريزونا بنسبة 49 % مقابل 47 %، وفى ميتشيجان وويسكونسن وصل المرشحان إلى طريق مسدود؛ حيث تعادلا بنسبة 49 %، بينما فى نيفادا تقدمت هاريس على ترامب بنسبة 48 % مقابل 47 %.

كما أوضحت «ذا هيل» أن استطلاعًا للرأى أجرته مؤسّسة «هارفارد كابس- هاريس» الأمريكية أظهر، أن 48 % من الناخبين الذين قالوا إنهم سيدلون بأصواتهم مبكرًا فى الولايات المتأرجحة الحاسمة اختاروا ترامب، بينما أيّد 47 % هاريس. وقال 5 % آخرون من المستجيبين إنهم اختاروا خيارًا آخر أو لم يصوّتوا بعد.

يُذكر أن نحو 5 ملايين ناخب أمريكى قد أدلوا بأصواتهم فى 39 ولاية فيما يعرف بالتصويت المبكر قبل الخامس من نوفمبر.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مارك بن، المدير المشارك للاستطلاع، إن «استراتيجية ترامب فى الولايات المتأرجحة تؤتى ثمارها»، لكن هاريس تتقدم بقوة بفارق 8 نقاط بين الناخبين الأوائل على مستوى البلاد؛ حيث تحظى بدعم 51 % مقابل 43 % لترامب.

وتشير «ذا هيل» إلى أن حفنة صغيرة من الولايات المتأرجحة ستكون أساسية فى تحديد مَن سيفوز بالمكتب البيضاوى هذا الخريف مع دخول هاريس وترامب المرحلة الأخيرة من سباق متقارب للغاية، مع أقل من شهر حتى يوم الانتخابات.

وأظهرت استطلاعات الرأى أن المرشحين للرئاسة يتنافسان بفارق ضيق فى ولايات ميتشيجان وويسكونسن وأريزونا وبنسلفانيا وأماكن أخرى؛ حيث يغمران الولايات المتأرجحة بالتجمعات والحملات الانتخابية.

على الصعيد الوطنى؛ يظهر مجموع استطلاعات الرأى التى جمعتها مؤسّسة The Hill/Decision Desk HQ أن نائبة الرئيس تتقدم على منافسها الجمهورى بثلاث نقاط، مع دعم بنسبة 50 % تقريبًا مقابل 47 % لترامب.. ويجد استطلاع «هارفارد كابس- هاريس» الجديد أن السباق أكثر تقاربًا؛ حيث تتقدم هاريس بنقطة واحدة فقط على الرئيس السابق بين الناخبين المسجلين بشكل عام.