لتنفيذ برامج وأنشطة وخدمات متنوعة تشمل كل الفئات العمرية .. مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»..برنامج متكامل لتنمية المواطن وترسيخ الهوية المصرية

نرمين ميلاد
بناءً على تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى قامت الحكومة بإطلاق المشروع القومى للتنمية البشرية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، لتنفيذ برامج وأنشطة وخدمات متنوعة تشمل كل الفئات العمرية، وتغطى جميع محافظات الجمهورية. ويأتى المشروع انعكاسًا لرؤية القيادة السياسية نحو بناء مجتمع متقدم ومتكامل، كنتاج للعمل الجماعى المشترك من كل وزارات وجهات الدولة وبمشاركة المجتمع المدنى والقطاع الخاص لإعداد برنامج عمل مجمع يستهدف تنمية الإنسان المصرى والعمل على ترسيخ الهوية المصرية، بحيث يشعر المواطن بالمردود الإيجابى خلال فترة وجيزة.
البداية الذهبية للأسرة والطفل
وأطلقت المبادرة برنامج البداية الذهبية للأسرة والطفل من سن صفر إلى 6 سنوات وذلك بالمشاركة بين جميع جهات الدولة ووزارات الصحة والتضامن والتربية والتعليم والشباب والرياضة والثقافة وتعد تنمية الطفولة المبكرة من أهم ركائز التنمية البشرية فهى المرحلة التى تبدأ من سن صفر إلى 6 سنوات ويطلق عليها المرحلة الذهبية ويعتبر الاستثمار فى هذه المرحلة أنجح مشروع استثمار فى حياة الأمم، حيث تمثل الست سنوات الأولى فى حياة الإنسان حجر الأساس لتطوير قدراته الذهنية والجسدية والنفسية طوال العمر، ومن أجل تحقيق ذلك الهدف ومن أجل تحقيق بداية ذهبية حقيقية يتم الاستثمار فى المرحلة العمرية الذهبية من خلال تحسين الرعاية الصحية والتعليمية والنفسية للأطفال عن طريق توفير رعاية صحية قبل الحمل، فضلا عن خلق بيئة آمنة تضمن حمل وولادة آمنة، كما يتم خلق مناخ صالح لتربية إيجابية وتطورية عالية الجودة تعمل على تحفيز لقدرات الطفل على التعلم بدءًا من حياته داخل الرحم.
وتستمر عملية تطوير مهارات الطفل فى المرحلة من ستة أشهر إلى سنة وينبغى أن يصاحب ذلك تدريب ورفع وعى للوالدين بشكل مواز من فترة ما قبل الزواج امتدادا إلى تدريب مقدمى الخدمة فى المراحل المختلفة بخلاف توفير الأدلة والمعايير اللازمة لدعم النمو الشامل للأطفال. وفى سبيل تحقيق هذه الغاية تتضافر كل جهود الدولة المصرية ووزاراتها المعنية من أجل تحقيق تنمية فعلية لمرحلة الطفولة المبكرة.
كان لروزاليوسف لقاء مع بعض الأساتذة للتعرف على آرائهم فى أهمية مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان».
الإنسان هو الثروة الحقيقية
ترى د.منى بدير أستاذ مساعد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن من الخطوات المهمة لبناء الإنسان المصرى الاهتمام به صحيا وتعليميا وثقافيا، حيث أثبتت العديد من تجارب الدول الناجحة أن الإنسان هو الثروة الحقيقية، وأن العنصر البشرى له مردود ونتائج كبيرة، وبناء الإنسان واستثماره تكون بدايته من الأسرة والمدرسة التى تزرع فيه الأخلاق والقيم، واحترام القانون وحب الوطن وتقديس العمل وتأكيد القيم الدينية. ولابد من الاهتمام بالتعليم الجيد الذى سينتج أجيالًا تساهم فى نهضة الدولة، وهو ما يفسر تخصيص الدول المتقدمة لميزانيات ضخمة لتطوير التعليم وهيكلته، لأن التعليم ليس أداة لصناعة مستقبل فرد بل قاعدة بناء مستقبل أمة وضعت أجيالا على الطريق، كما يجب العمل على محو الأمية والقضاء عليها لأنه لايمكن بناء الشخصية المصرية بشكل صحيح إلا إذا تم القضاء على الأمية والتسرب من التعليم.
وأضافت أن من الخطوات المهمة الاهتمام بالشباب وذلك بتوفير فرص عمل لائقة لأن الشباب هو الفاعل الأول فى عملية التنمية. كما يأتى دور الإعلام المصرى فى مقدمة أدوات وآليات بناء الإنسان المصرى عن طريق تطوير مضمون وسائل الإعلام بحيث يعتمد المحتوى على دعائم القيم الإيجابية والأخلاقية فى المجتمع والارتقاء بالجانب الروحانى والسلوكى وتقديم النماذج الإيجابية كقدوة للشباب، وتعميق الإيمان بالحرية واحترام الآخر وثقافة الحوار كأسس أصيلة للقيم الإنسانية واحترام حقوق الإنسان.
السنوات الذهبية للمرأة المصرية
ومن جانبها تقول د.رحاب الفخرانى، عضو مجلس أمناء مجلس القبائل والعائلات المصرية، إن المرأة المصرية هى البداية فى تاريخ البشرية فمنذ فجر التاريخ ضربت نموذجًا يتحاكى بيه العالم حتى الآن بأول ملكة فى العالم مصرية هى الملكة حتشبسوت، ثم تأتى مرة أخرى المرأة المصرية لتكون هى البداية فى العالم الإسلامى فهى هاجر أم إسماعيل وتضع أسس السعى بين الصفا والمروة فى الدين الإسلامى حتى عصرنا هذا، وتتوالى الأزمنة لتكون المرأة المصرية رمزًا سياسيًا أساسيًا فى ثورة 1919 وتضرب المرأة نموذجًا بوضع أول حجر أساس لأول جامعة بمصر (جامعة القاهرة) لإيمانها بأهمية التعليم، فعلى مدار السنين نرى أن المرأة المصرية محورًا أساسيًا من محاور التنمية البشرية، هى نصف المجتمع ومسئولة عن تنشئة النص الثانى من المجتمع.
وأكدت أن السنوات الماضية تمثل السنوات الذهبية للمرأة المصرية، حيث قامت الدولة المصرية بخطوات ملموسة وجهود حثيثة فى ملف تمكين المرأة ومنها تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بجميع أشكالها حيث زادت نسبـة تمثـيل المرأة فى مجـلـس النـواب لتصـل إلى 27.8 % عــام 2020 بعدد 165 مقعدا، مقـارنـة بـ14.9 % عام 2016 بعدد 89 مقعدا. كما زادت نسبة الوزيرات فى الحكومة من 6 % فى عام 2015 إلى 20 % عام 2017 ثم إلـى 25 % فى عام 2018، كما زادت نسبة تمثيل النساء بمجلس الشيوخ لتصل إلى 13.7 % بعدد 41 مقعدا عام 2022 مقارنة بـ5.7 % بعدد 12 مقعدا عام 2012. كما تم تعيين المرأة لأول مرة بالنيابة العامة ومجلس الدولة اعتبارا من أكتوبر 2021، واعتلت سيدة مقام ممثل النيابة العامة أمام محكمة الجنايات فى يوم الأحد 12 فبراير 2023، مع زيادة أعداد النساء فى جميع الهيئات القضائية بشكل مطرد.
تمثيل المرأة المصرية
وأضافت: رغم المكاسب الكبيرة التى حصلت عليها المرأة إلا أنه مازالت هناك معوقات تواجه المرأة فى سوق العمل من حيث ساعات العمل والبدلات، بالإضافة إلى سوء تنفيذ القوانين التى تحظر التمييز فى الترقى مما يستلزم قوانين منظمة وفرص عمل عادلة وتوفير بيئة عمل تتناسب مع طبيعة النساء خاصة فى المحافظات، نحتاج التنسيق مع الجهات الحكومية التى تنفذ البرامج والأنشطة والمشروعات التنموية الخاصة بالمرأة التى يتم إقرارها فى الخطة القومية والتعاون والتنسيق فى هذا الشأن مع منظمات المجتمع المدنى والمنظمات الدولية والإقليمية وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة والمشاركة فى أعمال اللجان التى تشكلها الدولة لدراسة وضع سياسات التنمية المتعلقة بشئون المرأة، مع المتابعة وتقييم تطبيقات السياسة العامة للدولة فى مجال المرأة ومراعاة الملاحظات المقترحة من الجمعيات الأهلية والجهات المختصة بشئون المرأة.
وتابعت: لابد من العمل على التوصيات واللوائح المتعلقة باقتراح مشروعات القوانين والقرارات التى تلتزم النهوض بأوضاع المرأة لتعزيز حريتها وحقوقها على النحو المبين بالدستور، مع وجود برامج توعوية للمرأة المصرية لرفع الوعى بحقوقها الدستورية والقانونية. وأيضا مراجعة المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بالمرأة ومتابعة ما تم التصديق عليه منها، للعمل على إدماجها فى التشريعات الوطنية فى الأحوال التى تتطلب ذلك مع زيادة تمثيل المرأة المصرية فى المحافل الدولية والإقليمية الخاصة بشئون المرأة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة.
البشر من يصنع الوطن
وفى هذا السياق تقول سهام نجم مؤسس ورئيس جمعية المرأة والمجتمع ومؤسس المبادرة العربية تمكين واستدامة، إن الإنسان هو توليفة من مكونات كثيرة تشكله وتشكل اتجاهاته وتشكل بنيته الأساسية وتوجهه النفسى والعصبى، فالإنسان له صفات مكتسبة وصفات وراثية وكل هذا يشكل ويبنى الإنسان بشكل جيد ولكن فى أى اتجاه؟ فإذا لم تكن هناك من فترة مبكرة المعرفة الكاملة حول كيف يمكن أن تطور المجتمعات وتنمو وتمكن الإنسان حتى يستطيع أن يمكن مجتمعه، وإذا لم يمتلك الإنسان أدواته الرئيسية القوية مكوناته النفسية والعصبية والعلمية والثقافية والروحية يفتقد أيضا مجتمعه هذه الأدوات لأن هذه الأدوات تعمل على تطويره وبالتالى يتطور الوطن، فالوطن ليس حالة غيبية لكنه مجموعة من البشر الموجودين به ونوعية هذه البشر على أرض محددة، فالبشر من يصنع الوطن وينهض به لذا نركز على بنية الإنسان، والمكون الرئيسى لهذه البنية هو التعليم والتعلم فالتعليم ليس فى المؤسسات التعليمية فقط، فلابد أن تكون هناك سياسات لها رؤية استراتيجية واضحة حول بنية الإنسان داخل هذه النظم التعليمية بشكل راقى يمكن الإنسان من فكرة التعليم إلى فكرة التعلم، والتعلم للكبير والصغير ولابد أن تكون هناك قنوات وسياسات لها رؤية استراتيجية واضحة حول فتح قنوات متنوعة للتعلم داخل المجتمع، وأيضا التدريب مهم جدا فى بنية الإنسان وتكوينه وتطويره، فالتدريب عملية مكملة للتعليم فى النظم التعليمية فالتعليم معظمه نظرى ولكن التدريب عملى لذا فهو مهم جدا، وأيضا تنمية المهارات الحياتية سواء الاجتماعية أو المهنية أو التقنية وهى أساسية لتمكين الإنسان، فالمهارات تحسن العلاقات بين البشر وتجعل الإنسان يستطيع أن يبنى علاقات اجتماعية جيدة من حوار ومناقشة وتفاوض وقدرة على تطوير البرامج.
وأضافت أن الصحة أيضا مكون مهم لتمكين الإنسان وأن يحصل على تأمين صحى جيد، والمكون الثالث لتمكين الإنسان هو إتاحة فرص عمل، عملنا دراسات من حوالى 10 سنوات فوجدنا أن فرص العمل متاحة أكثر أمام المهن ذات التعليم المتوسط وليس أمام التعليم الجامعى، الإنسان لا يستطيع أن يجد نفسه إلا فى مجال عمله فمن يعمل يستطيع أن يحدث تغييرًا اجتماعيًا فى أسرته وفى مجتمعه ويساعد على تنمية المجتمع وبالتالى نضمن الاستدامة، فالاستثمار الأكبر فى الدولة هو الاستثمار فى القوة البشرية ،وبالتالى ينعكس ذلك على بناء المجتمع ويحافظ على الاستدامة، الاستدامة مكون رئيسى لتواصل المجتمع والانتقال من جيل إلى جيل بقوة.
نجاح كبير فى الصحة والقضاء على العشوائيات
وأكدت أن الحملات التى تمت للقضاء على الأمراض المتوطنة مثل فيروس سى حققت نجاحًا كبيرًا فى مجال الصحة، ولكن نؤكد على فكرة التأمين الصحى الشامل فى منتهى الأهمية خصوصا مع التضخم الموجود والأمراض الجديدة وصعوبة الحصول على بعض الأدوية فلابد من تداركها، وأيضا من المبادرات الجميلة فى الفترة الأخيرة هو القضاء على العشوائيات بما لها من أخطار كبيرة على قاطنيها وعلى البيئة المعيشية فنجد نموذجًا جيدًا مثل الأسمرات، لكن هذه البرامج لابد أن توضع فى إطار الرؤية الاستراتيجية وليس بمعزل عن باقى مكونات التنمية البشرية، وأيضا التخطيط الديموغرافى مهم جدا فيتم تعزيز قدرات الإنسان داخل المجتمعات الحديثة والاهتمام بالقرى ورفع المستوى الاجتماعى والاقتصادى للقرى البسيطة التى تفتقر للاحتياجات الأساسية، فلابد من الموازنة بين الاهتمام بالمدن والقرى أيضا، ونحتاج أيضا كشف حساب لمبادرة حياة كريمة فنحتاج توجهًا يكشف لنا كم عدد القرى التى نجحنا فى اكتمال الاحتياجات الأساسية لها فى البنية الرئيسية وما عدد المدارس التى استطاعت أن ترتقى بالأولاد وكم أسرة نهضت بالمستويين الاجتماعى والاقتصادى بها، وأيضا هناك نقطة مهمة جدا هى سور المدرسة فمن 25 سنة كنا نعتبر سور المدرسة سورًا وهميًا فالمدرسة تلتقى مع المجتمع الخارجى وهناك عناصر تدخل وتخرج قد تنقل سلبيات المجتمع الخارجى أو تكتسب صفات وقيم جيدة، ففكرة الالتحام بين المدارس والمؤسسات والقوة المحلية الموجودة حولها حتى نتخلص من التحديات التى تواجه أى طرف منهم مهمة.
خطوة على الطريق
ومن جانبها تقول انتصار السعيد رئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، نحتاج بناء الشخصية المصرية على أسس سليمة لأن حدث لها تجريف وخلل نتيجة لعوامل وظروف كثيرة غيرتها بفعل العولمة، من الضرورى أن نهتم باحترام قيمة العمل والاهتمام بالتعليم والهوايات المدرسية وأن يتم إحياؤها مرة أخرى لتعطينا أجيالًا تقدر قيمة الجمال والرقى، فالتنمية البشرية التى نراها على السوشيال ميديا تعطى للناس معلومات خاطئة تعطيهم الجزء السيىء وجانبًا واحدًا فقط فتصبح النتيجة كارثية تنتج جيلًا لا يقدر قيمة العمل ويعتقد أن قانون الغابة هو من يحميها والفهلوة هى التى تجلب المصالح، لذا نجد ظواهر وجرائم مستجدة على مجتمعنا، نحتاج وحدات مناهضة العنف الموجودة بالجامعات تعمل قبل وقوع الجرائم أو بعدها، وأيضا نحتاج أن المركز القومى للبحوث القومية والجنائية يعمل دراساته ويكشف عن الخلل الموجود بالمجتمع لمعالجته، لابد من التخطيط لبناء جيل جديد واعى وقادر على مواجهة التحديات.
وأضافت أن استراتيجية 2030 مهمة للغاية والاستثمار فى الإنسان مهم جدا والاستثمار يتم من خلال التعليم والقوانين والسياسات المطبقة، فهناك قرارات تظهر كل فترة للحماية من العنف تعتبر خطوة على الطريق ومشروع قانون الأحوال الشخصية جيد جدا ولكن نحتاج أن يظهر للنور، والنصوص الخاصة بالوصاية والولاية على الأطفال مهمة وجيدة جدا.