الأحد 10 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كوبرتان.. ونهاية حلم

كوبرتان.. ونهاية حلم

لو كان يعلم البارون الفرنسى بيير دى كوبرتان مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة، أن أسلافه سيهدمون القيم والمبادئ والتى من أجلها حاول الرجل ربط الألعاب الأولمبية بالحركة الدولية من أجل السلام، وبناء الإنسان والمجتمعات من خلال الرياضة التى تدعو إلى احترام المنافس والولاء والشرف ونبذ التمييز العنصرى وتعزيز التفاهم بين الشعوب، ما فكر ولو للحظة فى تأسيس ووضع قواعد الألعاب الأولمبية الحديثة، والتى تجرى منافساتها حاليا فى باريس، فقد (داس) باخ وأتباعه على جميع المبادئ التى سعى كوبرتان لتأكيدها، ففى الوقت الذى يتم فيه منع الفارسة البريطانية (شارلوت دوجاردان) الحاصلة على 6 ميداليات أولمبية سابقة فى الترويض من المشاركة فى أولمبياد باريس، بسبب اتهامات موجهة لها (ثبت صحتها) بضرب حصانها الذى كانت ستشارك به فى الدورة لمدة 24 دقيقة متوالية، على اعتبار أن تصرفها هذا يعد انتهاكا صريحا لحقوق الحيوان، سمحوا لدولة (وبمعنى أصح كيان) تنتهج العنصرية فى جميع تعاملاتها مع أفراد الشعب الفلسطينى، الذى نهبت أرضه واستولت عليها دون حق، بداية من التجويع والتشريد مرورا بهدم وقصف المنازل والمدارس وإطلاق الكلاب على البشر لتنهش فى لحمهم وتفتك بعظامهم، حتى وصل بها الحال إلى ارتكاب المذابح وقتل البشر والأطفال العزل.. جرائم جميعها لا تتوافق بالمرة مع المغزى الحقيقى لهذه الألعاب، التى من المفترض أن تجمع ولا تفرق.. فالسيد الألمانى توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وباقى من يعملون تحت رايته، لم يروا أو يسمعوا عن الجرائم التى يرتكبها يوميا هذا الكيان الصهيونى العنصرى، ولذلك سمحوا لرياضية بالمشاركة فى أضخم وأكبر حدث رياضى فى العالم، وكأنهم يضفون الشرعية الرياضية على قتله الأطفال، منتهكين فى طريقهم كل القيم والمعايير الإنسانية، التى من اجلها أسست مثل هذه الألعاب، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن نعتبر القتل والذبح والإبادة الجماعية رياضة، ولا يمكن أيضا أن نشبه إطلاق الرصاص الحى على الفلسطينيين برياضة الرماية، أو إطلاق الكلاب الشرسة على الآمنين من النساء والأطفال لافتراسهم برياضة المصارعة، يحدث هذا فى الوقت الذى سارع فيه قيادات هذه الهيئة الرياضية الدولية إلى منع الرياضيين الروس والبيلاروس من المشاركة فى الأولمبياد لغزو روسيا لأوكرانيا، دعما منهم للمجتمع الغربى الذى ينتمى أغلبهم إليه، وتنفيذا لأوامر أمريكا التى تحرك دول هذا المجتمع، ليتحول الأمر بقدرة قادر من تظاهرة رياضية إلى ساحة معركة سياسة، دمرت فى طريقها أى كلام سواء معدا مسبقا أو مرسلا عن الغرض الأساسى لهذه الألعاب الرياضية، بعد أن قضى عليها قصف الطائرات للمستشفيات أو حتى محيطها، قصف لم تسلم منه منازل المدنيين الفلسطينيين أو حتى مدارس الأونروا التى استقبلتهم، فكلاهما تم تدميره فوق رؤوس ساكنيها، بخلاف منع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود لهذا الشعب الذى رفض الاستسلام لمجرمى هذا الكيان، ولكنه للأسف لم يجد من يوفر له الحماية وسبل العيش، فى حين تم فيه توفير أكبر قدر من درجات الحماية على رياضييه المشاركين فى الدورة، لكونهم لم ينتهكوا أرض الشعب الفلسطينى التى استوطنوها بأكملها، فى انتهاك واضح وصريح للميثاق الأولمبى، الذى بالطبع لم تقترب منه إسرائيل، طبقا لعرف ومفاهيم القائمين على اللجنة الأولمبية الدولية، التى أعتقد أنها ليس باستطاعتها أن تفرق بين الاستيطان والانتهاك.



وبما أن الانتهاك غير مسموح به طبقا لمفاهيم رئيس وأعضاء اللجنة الأولمبية الدولية الشرفاء الرحماء الذين لا يغمض لهم جفن حين يقوم أحد بأى سلوك لا يتسم بالإنسانية للحفاظ على حقوق الإنسان أو حتى الحيوان، لا مانع أيضا من السماح بمشاركة لاعب كرة طائرة شاطئية هولندى يدعى ستيفن فإن دى فيلدى من المشاركة فى الدورة سبق اتهامه باغتصاب فتاة بريطانية تبلغ 12 عاما فى عام 2016، وسجن بسبب هذه الجريمة لمدة 4 سنوات، مما يعد رسالة خطيرة إلى المغتصبين بأن جرائمهم من الممكن التغاضى عنها أمام السيد باخ وباقى أعضاء لجنته، الذين سبق لهم من قبل عدم مشاهدتهم بالصوت والصورة امتهان حقوق الإنسان والأطفال الفلسطينيين (لكنه يتصدى بقوة لامتهان حقوق الحيوان)، وبالتالى سمحوا لرياضيي دولة الكيان بالمشاركة فى أولمبياد أسسها بارون فرنسى، كان يحلم بينه وبين نفسه أنه يستهدف بناء الإنسان أيا كان لونه أو جنسه.