أسامة سلامة
حتى لا يتكرر هدم الكنائس الأثرية
هدأت الضجة على وسائل التواصل الاجتماعى، بعد أن قُضى الأمر وتم هدم الكنيسة ذات التراث المعمارى المتميز بالفعل، ولم يبق أمام الجميع سوى الصمت، ولكن ماذا نفعل لكى لا يتكرر الأمر مرة أخرى ولا تهدم كنائس مماثلة؟ ولمن لا يعرف الحكاية، فإن وسائل التواصل الاجتماعى اشتعلت الأسبوع الماضى بنقاشات حادة بين معارض ومبرر لهدم كنيسة ذات طراز معمارى نادر فى مدينة ملوى بالمنيا وكان من المتوقع دخولها ضمن قائمة الكنائس الأثرية بعد ثلاث سنوات عندما تكمل مائة عام على تاريخ بنائها، الكنيسة تم هدمها بدعوى أنها قديمة وآيلة للسقوط كما أنها ضاقت بالمصلين الذين زادت أعدادهم ولم تعد تكفى لاستيعابهم وهناك حاجة ملحة لإعادة بنائها وزيادة مساحتها، الحجج التى جاءت فى بيان الأنبا ديمتريوس مطران ملوى رغم أنها راعت من وجهة نظره دوره الرعوى وتقديره لأهمية وجود مكان مريح يتسع للمصلين إلا أنها لم تكن مقنعة لعدد غير قليل من الأقباط الذين حزنوا لهدم كنيسة قديمة كان يمكن ترميمها حسب تقديرهم أو على الأقل تكون هناك لجنة مؤهلة علمية متخصصة فى الترميم هى التى تحدد إمكانية ترميمها من عدمه وأن ينشر تقريرها النهائى بشفافية، كما أن حجة أنها ضاقت على المصلين تم الرد عليها بأن الدولة الآن لا تمانع فى بناء كنائس وكان يمكن الاحتفاظ بالكنيسة التاريخية وترميمها وبناء كنيسة جديدة فى مكان آخر، خاصة أن أبراشية ملوى شهدت بناء العديد من الكنائس فى السنوات الأخيرة ما يكشف أنه ليس هناك موانع من قبل الحكومة والجهات المعنية فى بناء كنيسة جديدة، والحقيقة أن هذه ليست الكنيسة الأثرية الوحيدة التى تم هدمها مؤخرا فقد نُشرت تقارير صحفية عديدة عن هدم كنائس تاريخية فى السنوات الأخيرة، ولأن الأمر قد قضى وتم هدم كنيسة ملوى، فيجب أن يكون هناك حل حتى لا تتكرر مثل هذه الوقائع ونجد أننا فقدنا عددا آخرا من كنائسنا الأثرية أو ذات الطراز المعمارى المميز إذ إن كل أسقف يتحكم فى هذا الأمر دون مراجعة من أى جهة، فالبابا ليس له سلطان على الأساقفة فى أبرشياتهم، ووزارة الآثار لا يمكنها إيقاف الهدم طالما لم تدخل ضمن قائمة المبانى الأثرية، وأعتقد أن الحل بيد البابا باعتبار أن إحدى مهامه الحفاظ على تاريخ الكنيسة وليس هناك بجانب المخطوطات أهم من الكنائس القديمة والأثرية، ولذا أقترح أن يتم تشكيل لجنة من المعماريين والأثريين ودارسى التاريخ القبطى ومن قسمى العمارة القبطية والآثار بمعهد الدراسات القبطية وبمساعدة وزارة الآثار، وتكون مهمتها دراسة وضع الكنائس التى مر عليها مائة عام والكنائس التى اقترب عمرها من قرن وتحديد ما يجب الحفاظ عليه منها وعدم هدمها تحت أى ظروف سواء لأنها طراز معمارى نادر أو لأهميتها التاريخية أو لأنها شهدت أحداثا مهمة فى التاريخ القبطى والمصرى، ويتم عمل قائمة بها وتُحفظ فى الكاتدرائية وتُرسل نسخ منها لكل الأبرشيات ويكون لوزارة الآثار حق التدخل لوقف هدم أى كنيسة تاريخية وعليها المشاركة فى ترميمها إذا اقتضى الأمر، وبذلك لا يخضع الهدم للرؤية الشخصية للأساقفة مهما حسنت النوايا.
الكنائس الأثرية ليست ملكا للكنيسة فقط ولا للمسيحيين وحدهم فهى ملك للأمة المصرية وهى مثل المساجد والمبانى الأثرية وهدمها يوجعنا مثلما تألمنا لهدم العديد من القباب والمدافن ذات التراث المعمارى المميز أو التى بها رفات عدد من المشاهير، وهو ما نتمنى ألا يتكرر، فكل هذه المبانى ملك للوطن ولكل المواطنين والحفاظ عليها واجب على الجميع.