هاني لبيب
مصر أولا.. للمرة الأولى فى إفريقيا.. المنتدى الحضرى العالمى.. إنجاز مصرى إنسانى.. القضاء على المناطق الخطرة وغير الآمنة!
يعد المنتدى الحضرى العالمى.. أكبر حدث عالمى رائد فى مجال رصد إنجازات التنمية العمرانية والحضارية.. يعقد كل عامين لمناقشة قضايا التنمية الحضرية المستدامة. كما يعد منصة فريدة لتعزيز الحوار والتعاون بين مختلف الأطراف المعنية بالتنمية الحضرية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
استطاعت مصر.. استضافة المنتدى بعد ما شهدته من تجربة تنموية حديثة.. تعد طفرة فى البنية التحتية من خلال ما تم من إنجازات.. تتبع أحدث الأساليب فى التخطيط العمرانى ودعم المدن المستدامة. وأعتقد أن مصر.. قد استطاعت تقديم واحدة من أفضل التجارب العالمية فى تنمية المناطق العشوائية الخطرة وغير الآمنة، من خلال استبدالها بأحياء ومناطق متاحة الخدمات، مثل: محطات مياه الشرب وشبكات الصرف الصحى ومحطات الكهرباء فى سبيل الحد من الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية.. بطرح حلول واقعية لأزمة السكن وجذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصادى من خلال توفير بيئة حضرية أفضل.
المنتدى رقميًا..
عقِدت بالقاهرة النسخة الـ12 من المنتدى الحضرى العالمى WUF تحت عنوان «كل شيء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة» خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر 2024 للمرة الأولى فى إفريقيا منذ نشأته قبل 22 عامًا. وقد شهد حضورًا تجاوز 35 ألف مشارك من174 دولة، وحضور 72 وزيرًا، و96 محافظًا وعمدة مدينة، وعقد 560 فعالية متنوعة بين محاورات وجلسات وموائد مستديرة. وذلك بحضور السيدة أنا كلوديا روسباخ (وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذى لبرنامج منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «الهابيتات»).
وبالتزامن مع فعاليات المنتدى.. تم عقد المعرض الحضرى على مساحة 20 ألف متر مربع، وبمشاركة 52 دولة فى 136 جناحًا للمنظمات الدولية والمحلية، منها: 133 جناحًا داخليًا و3 أجنحة خارجية. كما تم إصدار التقرير العالمى للمدن 2024 على هامش المنتدى.
من 22 سنة..
فى عام 2002 أطلقت الأمم المتحدة مبادرة «المنتدى الحضرى العالمى» لتكون تحت رعاية برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. وذلك بناء على ما ترتب بعد «قمة الأرض» فى ريو دى جانيرو سنة 1992، والتى سلطت الضوء حينذاك على أهمية المدن المستدامة فى تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية.
ترتكز الفكرة الأساسية للمنتدى فى توفير منصة للخبراء وصناع السياسات ليتبادلوا الأفكار والرؤى والخبرات حول كيفية صياغة سياسات حضرية جديدة لتحسين الظروف الحضرية وجودة الحياة على مستوى العالم. ولذلك يعد المنتدى الآن هو أكبر حدث دولى.. يعقد دوريًا كل عامين فى مختلف مدن دول العالم.. لمناقشة قضايا الاستدامة الحضرية.
أهداف وتوجهات..
يستهدف المنتدى الحضرى العالمى بالدرجة الأولى.. دعم التعاون فى مجال تطوير المدن المستدامة، والعمل على إيجاد حلول مبتكرة للعديد من التحديات الحضرية المعقدة.
ويتمثل الهدف الرئيسى للمنتدى الحضرى العالمى فى تعزيز التنمية الحضرية المستدامة عبر استقراء قضايا المدن المستقبلية، ومناقشة التحديات التى تواجهها فى مختلف المجالات. وهو ما جعل المنتدى.. يشمل مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالاستدامة، على غرار: النمو والزيادة السكانية، والتوسع العمرانى، والتغير المناخى، وإدارة الموارد الطبيعية، والابتكار التكنولوجى، وتحقيق العدالة الاجتماعية فى المدن.
وترتكز الأهداف الأساسية للمنتدى على عدد من المحاور، منها:
1 - تعزيز التعاون الدولى: من خلال ما يشكله المنتدى.. كمنصة للتعاون بين مختلف البلدان لتبادل المعرفة حول قضايا التنمية الحضرية.
2 - تحقيق التنمية المستدامة: بالتخطيط من أجل تطوير مدن أكثر استدامة.. تتسم بالمرونة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات الحضرية.
3 - مشاركة المعرفة: من خلال تقديم فرص لتبادل أفضل الممارسات بين المدن المختلفة، واستكشاف الحلول التى تم تطبيقها بنجاح فى مدن أخرى مماثلة.. خاصة فى مجال الحفاظ على البيئة، والاستجابة للتعامل مع المتغيرات المناخية.
4 - زيادة الوعى: من خلال رفع مستوى الوعى حول قضايا التنمية الحضرية المستدامة على مستوى المعنيين والمتخصصين الرسميين وغيرهم.
5 - تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال التأكيد على ضرورة ضمان حقوق الإنسان، وتوفير بيئات حضرية شاملة لجميع الفئات الاجتماعية من خلال الاعتماد على التقنيات الذكية فى التخطيط الحضرى.
تأثيرات بعيدة المدى..
مع مرور السنوات، أسهم المنتدى الحضرى العالمى على مدار انعقاد دوراته فى تقديم حلول مبتكرة لأكبر التحديات الحضرية فى العالم، من خلال ورش العمل والحوارات والمناقشات لعروض المشاريع الميدانية. وهو ما أسهم فى تحقيق العديد من التأثيرات الإيجابية على تطوير المدن، من خلال:
- السياسات الحضرية: ببلورة سياسات حضرية أكثر استدامة على المستوى العالمى.. حيث ألهمت توصيات المنتدى.. العديد من الأفكار التى يمكن للحكومات تطبيقها على أرض الواقع.
- حلول حضرية جديدة: بتعزيز المنتدى التعاون بين المخططين الحضرين، والمهندسين، والمصممين، والباحثين مما يسهم فى تطوير تقنيات وابتكارات جديدة لتحسين بنية المدن وتوفير بيئات أكثر استدامة.
- رفع الوعى البيئى: بدعم المناقشات الموسعة فى زيادة الوعى بقضايا مثل: تغير المناخ، والحد من الفقر فى المدن.
شركاء المنتدى..
يتسم المنتدى الحضرى العالمى بمشاركة واسعة من مختلف الأطراف المعنية وذات الصلة بالتنمية الحضرية، منهم: صناع السياسات من وزراء التخطيط، والممثلين الحكوميين من مختلف دول العالم.
والمؤسسات الدولية، مثل: الأمم المتحدة والبنك الدولى والاتحاد الأوروبى. والقطاع الخاص من خلال شركات العقارات وشركات البناء والشركات التكنولوجية التى تقدم حلولًا رقمية مرتكزة على تقنيات الذكاء الاصطناعى فى مجال إدارة المدن. والمجتمع المدنى من خلال المنظمات غير الحكومية والخبراء والمتخصصين المهتمين بالاستدامة والعدالة الاجتماعية. والباحثون والأكاديميون من خلال اللقاءات والندوات التى ينتج عنها أفكارًا جديدة حول تطوير المدن المستدامة.
أهمية المنتدى..
تعود أهمية المنتدى لكونه يمثل فعالية دولية شاملة.. تعكس التوجه العالمى نحو تحقيق تنمية حضرية مستدامة. كما أنه يوفر.. فرصة فريدة للدول والمجتمعات المحلية لتبادل النقاش حول أحدث الحلول للتحديات التى تواجهها المدن الكبرى. ويقوم أيضًا بدعم التعاون بين الأطراف المختلفة والمتعددة ذات الصلة، مثل: الحكومات والشركات والمجتمع المدنى.
يعد المنتدى أداة هامة لتعزيز قدرات الحكومات المحلية فى العديد من البلدان على التخطيط وتطبيق السياسات الحضرية المستدامة.. كانعكاس مباشر على التوجهات الدولية فى مجال التخطيط العمرانى، وتحقيق التوازن بين الزيادة السكانية والتنمية الاقتصادية.
ريادة مصرية..
فى كلمته أمام المنتدى يوم الاثنين الماضى، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: (مصر حققت إنجازات كبيرة رغم ما يحيط بها من أزمات). والمنتدى عقد بالقاهرة التى (تأسست منذ أكثر من 1000 عام.. لتكون أهم وأعرق عوصم العالم). ولذا كان من الطبيعى أن تكون استضافة مصر للمنتدى الحضرى العالمى.. هو نوع من التأكيد على أهمية القاهرة ومكانتها إقليميًا وعالميًا.. للنقاش حول تحديات التنمية الحضارية وتعزيز التعاون الدولى.. خاصة أن النسخة الأخيرة هى التى شهدت أعلى نسبة مشاركة فى تاريخ تنظيم المنتدى، وهو ما يؤكد الثقة المنظمات الأممية فى قدرة مصر على التنظيم والاعداد والحركة.
أحد أهم المميزات هو زيارة الوفود المشاركة للعاصمة الإدارية الجديدة باعتبارها مع مدينة العلمين الجديدة.. نموذجًا لمدن الجيل الرابع. وهو ما يعد إبرازًا للتجربة المصرية الفريدة فى تحقيق التنمية المستدامة القادرة على تلبية احتياجات المستقبل.
مكاسب مصرية..
نجاح عقد المنتدى فى القاهرة، سيكون له تداعيات إيجابية ودلالات استثمارية للمستقبل لكونه يرسم صورة مصر أمام العالم فى مرحلة مهمة فى تاريخها، حيث يعكس نجاح تنظيمه.. مدى الجدية والالتزام بتطوير مدنها وتحقيق التنمية المستدامة. وهو ما منحها فرصة لاستعراض المشروعات الحضرية الكبرى، مثل مدن الجيل الرابع التى من خلالها استطاعت مصر تحسين جودة الحياة بمعايير دولية. كما أتاح المنتدى لمصر فرصة اكتساب خبرات جديدة لتطوير مدن العالم المختلفة. وفتح آفاق للتعاون الدولى بالشراكات مع الشركات والمؤسسات والحكومات المعنية بمجال التنمية الحضرية المستدامة.
نقطة ومن أول السطر..
خلال كلمته أمام المنتدى الحضرى العالمى، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى.. إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية».. باعتباره منصة فعالة للحوار الدولى حول كيفية بناء مدن مستدامة ومرنة.. فهو المنوط به مثل تلك المبادرات التى يمكن أن تسهم فى تقديم حلول مبتكرة للقضايا الحضرية التى تؤثر على مدن العالم فى ظل التحديات الكبيرة المرتبطة بالزيادة السكانية والتوسع العمرانى.
عقد المنتدى الحضرى العالمى بالقاهرة هو تأكيد على أنها رمز للثراء العمرانى. وكما قال أنطونيو جوتيرش «الأمين العام للأمم المتحدة: (القاهرة.. مركز جذب لكل الابتكارات والإبداع).