الفت سعد
أحلف بسماها .. «تيراميد» وأمن الطاقة العالمى «1»
«الطاقة الأحفورية» كما أنها محور التنمية والتقدم فهى أيضًا محور الصراعات والهيمنة.. والأخطر أنها سبب تغير المناخ وتدهور الطبيعة.. الحل والملاذ الآمن لإنقاذ البشرية والطبيعة هو الطاقة المتجددة.. لذلك توالت الاستراتيجيات والمبادرات لتوطين ونشر الطاقة النظيفة بجميع أنواعها.. أهم التوصيات التى أقرها مؤتمر المناخ الذى عقد بالإمارات العام الماضى الدعوة إلى مضاعفة معدلات إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة.. وانبثق من خلالها المبادرة الإقليمية «تيراميد» التى تستهدف الوصول إلى إنتاج واحد «تيراوات» وهو رمز يفوق الميجاوات والجيجاوات؛ من مصادر الطاقة النظيفة فى منطقة حوض البحر المتوسط، من ضمن الهدف العالمى لإنتاج 11 تيراوات بحلول 2030 بموجب قرار وقعت عليه 200 دولة خلال cop28.
رغم أن هذا العام قد شهد تطورًا خطيرًا أدى إلى اتساع الحرب فى الشرق الأوسط، روسيا وأوكرانيا، السودان والقرن الإفريقى.. إلا أن الحكومات ومنظمات المجتمع المدنى تسعى إلى تفعيل مبادرة تيراميد ومحاولة إزالة العقبات أمام إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة.. الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» تبنت المبادرة بإطلاق سلسلة من المشاورات فى عدد من المحافظات المصرية واللقاءات فى بعض الدول العربية المطلة على المتوسط، لمناقشة التحديات والفرص المتاحة لتسريع الانتقال للطاقة المتجددة وذلك فى إطار التحضيرات لمؤتمر المناخ cop29 المقرر عقده فى أذربيجان أواخر نوفمبر الحالى.
اللقاءات التشاورية التى عقدتها «رائد» الأيام الماضية بالقاهرة والفيوم والأقصر أثمرت عن طرح التجارب الرائدة وسبل نجاحها وكذلك مناقشة المعوقات الحائلة أمام انتشار الطاقة النظيفة.. الدكتور عماد الدين عدلى منسق شبكة رائد عرض الوضع الحالى لحجم إنتاج الطاقة النظيفة فى المنطقة والذى يصل إلى 187 جيجاوات نصيب الدول العربية 8 جيجاوات فقط.. التقديرات المستقبلية تحدث عنها عدلى بأن الإمكانيات غير المستغلة فى منطقة البحر المتوسط خاصة دول شمال إفريقيا يمكن أن تشكل نقطة تحول فى أمن الطاقة العالمى.. «عدلى» نبه إلى المميزات التى تتمتع بها دول شمال إفريقيا منها الإشعاع الشمسى فى منطقة البحر المتوسط الذى يبلغ 1700 كيلووات /ساعة لكل متر مربع، ما يجعلها أكثر المناطق الواعدة لإنتاج الطاقة الشمسية ويرتفع متوسط الإشعاع الشمسى فى دول جنوب المتوسط إلى 1480 كيلووات / ساعة مقابل 1480 كيلوات / ساعة فى دول شمال المتوسط.. النسب الواعدة تؤكد على إمكانية إنتاج 5 تيراوات من الطاقة الشمسية والرياح، يكون نصيب دول الشمال الإفريقية منها 3.5 تيراوات مقابل 1.5 تيراوات لدول جنوب أوروبا.
مبادرة «تيراميد» تترجم إلى مزايا كبيرة إذا نفذت على أرض الواقع أهمها إتاحة 3 ملايين وظيفة جديدة من خلال مراحل تصنيع وتسويق وصيانة وحدات الطاقة الشمسية والرياح، إحلال الطاقة المتجددة سيؤدى إلى منع ما يقدر بنحو 600 مليون طن من الانبعاثات الكربونية بسبب الوقود الأحفورى، انخفاض تكلفة تقنيات الطاقة الشمسية سيؤدى إلى جذب استثمارات تصل إلى 700 مليار للوصول إلى هدف إنتاج واحد تيراوات من الطاقة المتجددة.
بالنسبة لمصر فإن «تيراميد» تمثل آمالًا كبيرة لمواجهة نقص البترول والغاز والاستيراد بالعملة الأجنبية لسد احتياجات الدولة من الطاقة، لكن هناك تحديات وسلبيات تقف حائلًا دون تفعيل المبادرة الواعدة.. وذلك ما سنطرحه المقال القادم.